عكست الصحف الاميركية والبريطانية تأييدا واضحا لتوجيه ضربات صاروخية للعراق من دون ان تتجاهل الشكوك العميقة إزاء توقيت الضربات الذي تزامن مع تصاعد الحملة لتنحية الرئيس الاميركي بيل كلينتون في الكونغرس على خلفية فضحية "لوينسكي". واعطت "انترناشونال هيرالد تريبيون" الاميركية اهمية لمعارضة زعيم الغالبية الجمهورية في الكونغرس ترنت لوت الذي اعتبر ان الحملة العسكرية ضد العراق استهدفت توجيه الانظار بعيداً عن مداولات الكونغرس قبيل التصويت على تنحية كلينتون. واتفقت "تريبيون" مع شقيقتيها "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" على ان الحملة الاميركية ضد العراق ستستغرق "أياماً عدة" بمشاركة قوات بريطانية لم تكن شاركت في الضربات الصاروخية التي اطلقت الهجوم الاول على مدى ست ساعات. ورغم تحفظاتها على توقيت الضربة العسكرية، دعت "نيويورك تايمز" الكونغرس الاميركي الى رفض اطاحة الرئيس الاميركي من دون محاولة تبرئته من الاتهامات بالكذب وارتكاب اعمال لا اخلاقية، وذلك بهدف اغلاق الملف الذي اضعف الولاياتالمتحدة بوصفها القوة العظمى في عالم اليوم. لكن حدة الانتقادات للحملة الاميركية - البريطانية ارتفعت في الصحف اللندنية. إذ رغم دعمها وحماستها للضربة ضد العراق لمعاقبة الرئيس العراقي، انتقدت كل من "ديلي ميل" و"ايفننج ستاندارد" توقيتها وشنتا هجوما لا يخلو من التهكم ضد شخص الرئيس الاميركي. وطالبت "ديلي ميل" الحليفين الاميركي والبريطاني بپ"الذهاب الى النهاية" للقضاء على النظام العراقي، مشيرة الى ان الرئيس صدام حسين الذي وصفته بپ"سفاح بغداد"... "يستحق ما سيحصل له". وشددت على ضرورة ان تكون الضربة هذه المرة "حاسمة بعدما ثبت عدم جدوى الضغوط الديبلوماسية". وأضافت أنه "الآن وبعد ان تم سحب السيف من غمده، يجب ان يستخدم لتوفير حل نهائي ودائم". واعتبرت "التايمز" في افتتاحيتها ان صدام حسين "فرض الحملة العسكرية ضده" بتحديه المفتشين الدوليين "معتقداً ان قرب بدء شهر رمضان وحساسيته لدى المسلمين سينقذه من ضربة من هذا النوع أو سيؤجلها لمدة شهر". واضافت: "الاستراتيجية الاميركية - البريطانية كانت جاهزة منذ شهر، والعالم العربي يعرف ما كان متوقعاً، فتم التحرك قبل أيام من شهر رمضان"، واشارت الى ان تأخير الضربة الى ما بعد شهر رمضان "كان سيشكل نصراً سياسياً لصدام حسين، ولهذا جاءت الضربة سريعة وحاسمة". لكن "الغارديان" تساءلت عما إذا كان قصف العراق هو الطريقة الوحيدة لإزاحة الرئيس العراقي. واعربت عن املها في ان لا تترتب على القصف الحالي ضحايا في صفوف المدنيين الأبرياء. وأشارت الى ان الازمة التي يواجهها الرئيس الاميركي "ستلاحقه بغض النظر عن نتائج الحملة العسكرية، بل قد تؤدي الى تعميق أزمته الحالية". ولفتت الصحف الاسرائيلية امس الى ان "قنبلتين سقطتا على الشرق الاوسط في يوم واحد: الاولى اسقطها بنيامين نتانياهو بدعوته لإجراء انتخابات مبكرة، والثانية أطلقتها الحملة الصاروخية الاميركية ضد العراق". واعتبر معلق اسرائيلي انه نظراً الى سجل الرئيس العراقي في البقاء بعد الضربات العسكرية التي شهدها في السابق، ونظرا الى قدرة نتانياهو على الهروب من الأزمات السياسية التي تلاحقه، فإنه "من الصعب معرفة أي من القنبلتين - الحقيقية ضد صدام أم السياسية نتانياهو ستفعل فعلها في الشرق الاوسط على المدى الطويل".