لا أحد درس في كلية الاداب في جامعة دمشق ولم يُفاجأ به ولو مرة واحدة صارخاً باعلى صوته :"سيريا تايمز" لمجردالممازحة بابتسامته العريضة التي لا تفارق وجهه. منذ خمسة عشر سنة اعتاد تاج ان يحمل مجموعة من الصحف المحلية في حقيبة يعلقها على ظهره سعياً لبيع اكبر كمية منها لطلاب جامعة دمشق، مستنداً الى خفة دمه ومحبة الطلاب له "في الحصول على لقمة العيش الشريفة" ومتجاهلا رجله المريضة وسخرية البعض منه. يفتخر تاج قائلاًً :"لايوجد طالب في جامعة دمشق لايعرفني او لم يسمع بي. انني اشهر من اي نجم سينمائي". غير انه وعلى عكس نجوم السينما لايحب الكاميرا والتصوير بل يحب ان يعيش في الظل متنقلا بين اقسام كلية الاداب والطب البشري. يستوقف مجموعات الطلاب بنكتة يلقيها عليهم او يستعرض بعض العاب الخفة التي يجيد حيلها واحيانا يتدخل في احاديثهم بطريقة لطيفة تجبرهم على شراء صحيفة ولو انهم غير مهتمين بقراءة الصحف. وعن اختياره لهذه "المهنة" يقول تاج 40 سنة انه لم يختر "هذه المهنة بل هي التي اختارتني"، فهو تعرض في صغره لحادث اصابه بشلل نصفي وافقده الحركة، وبعد عمليات اجريت له من دون عناية كبيرة استعاد قدرته على المشي لكن بعرج في قدمه اليسرى و فقدان الاحساس تماما في يده اليسرى. وقام فيما بعد بمراجعة الاطباء لايجاد علاج لحالته غير ان وضعه لم يتحسن. يقول :"لم افقد الامل رغم اني منعت من ممارسة اي عمل بسبب اصابتي سوى المشي الذي يساعد على شفائي فاخترت مهنة بيع الجرائد". ورغم ان هذه المهنة تحتاج الى موافقة من وزارة الاعلام و "مؤسسة توزيع المطبوعات" استطاع تاج الحصول على جميع التراخيص لبيع الصحف داخل حرم الجامعة. وهو يحصل على مردود مادي قدره دولاران الى ثلاثة يوميا خلال العام الدراسي. اما في الصيف فهو يعمل كدهان غير انه يحب عمله كبائع اكثر فهو يختلط مع الشباب ويكوّن علاقات اجتماعية طيبة مع الجميع. كما ان "غالبية المدرسين في الجامعة يعرفونني ويتفاءلون بوجودي بينهم" اذ يقول احد العاملين في كلية الاداب :"تاج شاب بسيط اعرفة منذ كان صغيرا يبيع الجرائد بطريقته الظريفة فارضا محبته على كل من حوله". غير ان عمله لايخلو من بعض المتاعب و المضايقات لانه يتعرض ل"السخرية في بعض الاحيان لكن لااهتم ذلك لان الطيبين اكثر". ويوجه بعضهم له الاتهامات "مرة اتهمني احدهم بانني اتخذ من بيع الجرائد غطاء لحقيقتي وانني اعمل لاحدى الجهات الامنية لمعرفة المنظمات الطلابية وانني احمل في رجلي جهاز تسجيل واجبته بعد ان اخرجت الجهاز من رجلي بانه لو كان فهيماً لعرف ان هذا الجهاز طبي اضعه في قدمي ليساعدني على المشي". هكذا يكافح تاج يوميا للحصول على بعض النقود التي تساعده وامه على الحياة، رافضاً المساعدة من احد لقناعته بان المساعدة من الله وحده ومادام قادرا على العمل فهو ليس في حاجة لاحد. ويقول :"صحيح انني اسكن قبواً صغيراً في احد احياء دمشق الشعبية الاانني املك بيوتاً في كافة المحافظات السورية والدول العربية وبعض الدول الاجنبية. فطلاب الجامعة العرب والاجانب كثر ومعظمهم يعرفني ويحبني وهم جميعا نقلوا صورتي الي بلادهم واذا ذهبت الى اي بلد وصرخت "سيريا تايمز" فانهم سوف يلتفتون اليّ".