لم يحمل المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي عقد في دمشق مفاجآت كبيرة سوى خروج المشاكل بين الفصائل الفلسطينية المعارضة الى العلن، وآخرها بين الامين العام ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" السيد احمد جبريل والامين العام المساعد ل "حركة التحرير الفلسطيني" فتح - الانتفاضة السيد ابو خالد العملة، وذلك في مقابل دعوة وجهها المستقلون للفصائل ب "عدم جواز اللهاث وراء المناصب" كما قال الرئيس الجزائري السابق احمد بن بلّه. لكن المؤتمر حقق الهدف الاساسي الذي عقد من اجله وهو اعلان "رفض تعديل الميثاق الوطني" و"وجود صوت فلسطيني اخر غير صوت" الرئيس ياسر عرفات. وقال زعيم "حركة الجهاد الاسلامي" الدكتور رمضان عبدالله شلّح ل "الحياة" ان رفع شعار ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني "كان بداية الطريق الى فصل الفلسطينيين عن امتهم العربية". وشدد البيان الختامي الذي صدر في ختام اعمال المؤتمر الذي استمر يومين على رفض تعديل الميثاق و"التمسك بالمقاومة" "وعدم شرعية اتفاقات اوسلو وواي ريفر". لكن الابرز هو انتهاء اعضاء لجنة صوغ البيان بعد مناقشات حادة الى الاتفاق على تشكيل "لجنة عليا للمتابعة" تكون مهمتها مناقشة القضايا الاشكالية. وقالت مصادر مطلعة ل "الحياة" ان خلافاً حصل بين اسامة حمدان ممثل "حركة المقاومة الاسلامية" حماس وابو السعيد ممثل "الجهاد الاسلامي" في لجنة الصياغة وبين الاخرين من ممثلي المنظمات في شأن موضوع الموقف من منظمة التحرير. وقالت المصادر ان الحركة الاسلامية "تريد اعادة بلورة مشروع وطني وليس اعادة بناء مؤسسات المنظمة، في حين يدعو اخرون كحل وسط بين الموقفين الى اعادة انتخاب مؤسسات المنظمة". وقال رئيس "جبهة الانقاذ الوطني الفلسطيني" السيد خالد الفاهوم ل "الحياة" انه والجبهتين "الشعبية" بزعامة جورج حبش و"الديموقراطية" بزعامة نايف حواتمة متفقون على "المطالبة بانتخابات مجلس وطني جديد لأن المجلس الحالي صار له تسع سنوات وهو غير دستوري. لذلك نطالب بمجلس وطني منتخب من الداخل والشتات ينتخب لجنة تنفيذية ومجلساً مركزياً جديدين". وقال الامين العام المساعد ل"الشعبية" السيد ابو علي مصطفى ل "الحياة" انه لم يعارض رفع شعار تحرير "فلسطين من النهر الى البحر" الذي عارضه حواتمة، مفرقاً بين "التكتيك" عبر المطالبة بالحل المرحلي و"الاستراتيجية" عبر المطالبة بكل فلسطين. واوضح ابو علي ان الفصائل كلها اتفقت قبل انطلاق المؤتمر على خمس نقاط هي: "عدم شرعية القيادة الفلسطينية الحالية، ورفض تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني، واستمرار المقاومة ضد الاحتلال، ورفض اتفاقات اوسلو وواي ريفر وما نجم عنها، وتشكيل لجنة عليا للمتابعة ومناقشة القضايا العالقة". وزاد: "جئنا بنقاط الاتفاق وليس الخلاف". وعلمت "الحياة" ان المجتمعين اتفقوا على ان تضم اللجنة 24 عضواً 11 منهم من الفصائل العشرة و"جيش التحرير الفلسطيني" و13 عضواً من المستقلين، وعلى ان "تجتمع للبحث في العمل في المرحلة المقبلة وان تجيب على سؤال ماذا نفعل: اعلان منظمة تحرير جديدة، ام الاعلان عن مرجعية جديدة، ام البحث عن اطار وطني جديد؟". وقالت المصادر المطلعة ان هناك "ميلاً نحو الحل الاخير وليس اعلان المؤتمر ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني لان لا احد سيعترف بنا". ومن الخلافات التي ظهرت امس ان جبريل شكك في توقيت اعلان منظمة التحرير في 1 كانون الثاني يناير عام 1965، في اشارة الى ان ذلك "موقف عمالة من عرفات وقيادة حركة فتح"، الامر الذي دفع العملة واخرين في "فتح - الانتفاضة" الى مقاطعته بصوت عال: "الكذب عيب"، وذلك باعتبار ان قيادة "فتح - الانتفاضة" بقيت مع عرفات الى العام 1983. ورغم تدخل عدد من القياديين من اجل تجنب "تفجير مشكلة"، طلب العملة الحديث مرة ثانية وقدم مداخلة في المساء "ردّ فيها على افتراءات" جبريل الذي عقد بدوره لقاءً صحافياً، واشار في رده على اسئلة ل "الحياة" انه لم يكن يقصد "الاساءة" الى الاخرين. واستمرت امس ذيول مشكلة شعار "فلسطين من النهر الى البحر" بين "الديموقراطية" والفصائل الاخرى، ذلك ان عدداً من كوادر المنظمات سرب بأن حواتمة "تعهد لعرفات بتخريب المؤتمر". واشارت مصادر فلسطينية ل"الحياة" الى ثلاثة مؤشرات: "اولاً، ان حواتمة هدد بالانسحاب من المؤتمر اذا لم يرفع الشعار. ثانياً، ادلائه بتصريحات نارية خلال خطاب المؤتمرين وحديثه عن جهات متطرفة. ثالثاً، عودة عضو المجلس الوطني عن "الديموقراطية"، عضو لجنة تحضيرية لمؤتمر دمشق رمزي رباح، وعضو المكتب السياسي للجبهة فهد سليمان الى الداخل اول من امس". وتداول المؤتمرون باهتمام "رسالة رسمية" نقلها مسعود حسين المستشار السياسي للسفارة الكندية باسم وزارة الخارجية الى الفاهوم مفادها ان مؤتمر دمشق "معادي للسلام". وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الديبلوماسي الكندي قال: "ان اتفاق واي ريفر خطوة لاستئناف مفاوضات السلام وهو ايجابي واي خطوات ضده لن تساعد السلام"