"زينة وأزياء المرأة القطرية" كتاب يبدو الجمال فيه ابتداء من الغلاف الخارجي الذي جاء بلون أخضر يميل الى الصفرة، وهو اللون الدارج حالياً في دور عرض الأزياء. وتحلى الغلاف ببعض الحلي، وارتدى ثوباً منقوشاً ببعض النقوش الشرقية المشهورة، تأكيداً لهوية الباحثات وأصالة البحث. والكتاب دراسة ميدانية عن الزينة النسائية في دولة قطر في الماضي والحاضر. تقول آمنة راشد الحمدان، رئيسة قسم المشاريع والدراسات الميدانية في مركز التراث الشعبي لمجلس التعاون لدول الخليج في قطر، والتي أعدت خطة البحث وأشرفت عليه: "معرفة ودراسة أزياء الشعوب، وما يتبعها من زينة وحلي وعطور، هي في واقعها قراءة تاريخية للمجتمع تكشف عن طبيعته وفلسفته وحضارته، كما تكشف عن قوانين الضبط الإجتماعي والقيم الدينية والعقائد السائدة في المجتمع، وعن الأوضاع الإجتماعية واليسر المادي لهذه المجتمعات، وذلك من خلال دراسة النسيج المستعمل ونوعيته، كما استنبط علماء الآثار معلومات ثرية عن أوضاع المجتمعات المندثرة من خلال الزينة والحلي وما إليهما". وتشير آمنة الحمدان الى السمات التاريخية والجغرافية لمنطقة الخليج وقطر بشكل خاص، وإلى المرتكزات العامة المتعلقة بالدراسة مثل علاقة البيئة والمناخ والمنزلة الإجتماعية بالزينة. أما المرتكزات الخاصة فتتمثل في أثر التطور السريع في غياب الصانع المحلي الماهر للزي والزينة. قسمت الباحثات الكتاب الى أربعة فصول احتوى كل منها تمهيداً مبدئياً من الباحثة، وانتهى بذكر لقائمة المراجع التي إستعانت بها، وشمل كذلك صوراً ملونة. فالباحثة ظبية السليطي تناولت في أول فصل "الأزياء القطرية النسائية في الماضي"، وتناولت نورة آل ثاني "الزينة العامة للجسم" في الفصل الذي يليه، وكان الفصل الثالث عن "العطور" للباحثة شيخة الذياب، أما آخر فصل فتناول "المصوغات الذهبية للمرأة القطرية في الماضي" لظبية الكعبي. الدراسة الأولى استندت الى بعض الروايات التاريخية عن زي السيدة عائشة رضي الله عنها كما ورد في الجزء الرابع من كتاب "النهاية في غريب الحديث والأثر" لإبن الأثير: "كان للسيدة عائشة رضي الله عنها درع قطري ثمنه خمسة دراهم". وأوردت الباحثة أشعاراً وأقوالاً عن أجزاء من الأزياء القطرية، وأرادت بذلك تأكيد تميز الزي القطري والحياكة القطرية. تناولت هذه الدراسة الألبسة من غطاء الرأس حتى كامل البدن لدى الحضر والبدو على اختلاف مناسباتها، وأنواع الأقمشة المستخدمة في تنفيذ كل قطعة من الملابس، والأدبيات الشعبية المتعلقة بأنواع اللباس. ويلاحظ في هذا الفصل غزارة الاستشهادات الشعرية الشعبية ما يؤكد على العلاقة الوثيقة بين المفردة الشعبية والزي الشعبي الذي تؤرخه المفردات. والدراسة الثانية تشمل "الزينة العامة للجسم"، وفيها تطرقت الباحثة نورة آل ثاني الى الزينة من منظور إسلامي، وتحدثت عن أنواع الكحل وكيفية إعداده، والأواني التي يوضع فيها الكحل في الحاضرة والبادية، وأوقات الإكتحال. وفي جزء آخر من الدراسة أشارت آل ثاني الى وسائل العناية بالشعر وتمشيطه وطريقة إعداد الرشوش خليط من مواد طبيعية مستمدة من البيئة كالورد المجفف والمسك والصندل والظفر والزعفران والحناء وماء الورد وحالات تصفيف الشعر وأنواع الشعر. الجزء الثالث عن زينة الوجه، ويشمل الفم والأسنان، وللذقن زينته أيضاً بواسطة الوشم. وفي الجزء الرابع "زينة الأطراف" أشارت الباحثة الى الحناء وطريقة اعدادها وأنواعها ونقوشها وأدوات نقشها، كما تناولت استخدامها في الطب الشعبي. أما الباحثة شيخة الذياب فقد اعتمدت في بحثها عن "العطور" على العمل الميداني بشكل كبير. وفي البداية أشارت الى العلاقة الوثيقة بين المرأة الخليجية والعطور، وتطرقت الى تجارة العطور في الخليج عموماً وقطر خصوصاً، كما نوهت الى المكانة الرفيعة في الخليج لمهنة بيع العطور. ولم تغفل أسماء بعض تجار العطور، كما أشارت الى المساهمة المهمة للمرأة الخليجية كبائعة تعرض بضاعتها في المنزل عندما يجلبها التجار من البصرة أو الهند. وجاء الحديث عن "المصوغات الذهبية والفضية للمرأة القطرية في الماضي" في قسمين: حرفة الصياغة والصاغة، والحلي الذهبية والفضية وأنواعها. وأشارت ظبية الكعبي إلى مصادر الذهب في قطر، وكيفية اكتساب الحرفي المحلي للخبرة، ومتطلبات حرفة صياغة الذهب، وأدوات الصائغ التقليدية. وقالت عن الصائغ القطري: "يتم تناقل الحرف والمهن التقليدية عبر أفراد العائلة، ويتم توارثها بين الأجيال في العائلة الواحدة التي تقوم بالاحتفاظ بأسرارها، وتتقن تفاصيل إعدادها، وقد يصل بها الأمر الى أن تلقب العائلة باسم الحرفة كعائلة الخباز والنجار والبناي". وتناول القسم الثاني من هذه الدراسة أنواع الحلي، مع توثيق كل نوع بنموذج من الأشعار. وفي باب الحلي الخاصة بالأنف مثلاً تذكر ظبية "حلية ذهبية تثبت على أرنبة الأنف اليسرى عادة، وتدخل الواحدة منها في ثقب يفتح في الأنف خصيصاً لذلك، وهي شائعة عند الهنود والقبائل البدوية، وقد استخدمتها المرأة القطرية الحضرية بلا مغالاة ولا إكثار. أما في الوقت الحاضر فقد هجرتها النسوة، ولم يعدن يلبسنها، وحلية الأنف هذه تسمى باللهجة القطرية "أزميِّم" تصغيراً لاسمها الشائع في الخليج عموماً وهو زمام". ويلاحظ أن الصور التي ذيلت هذا الباب اشتملت على الادوات والحلي والصاغة وهم يمارسون الحرفة. وفي الخاتمة، عقدت آمنة الحمدان مقارنة بين ماضي الزينة وزينة الحاضر، وأظهرت الدور الاقتصادي المتميز للمرأة والذي يغاير التصور السائد في كثير من الدراسات التي تهمش المرأة الخليجية إلا من الناحية المتعلقة بالواجبات المنزلية: "وإن كانت هذه الصفة، تربية الأجيال، تعد من أهم العمليات الإنتاجية في المجتمعات الإنسانية، إلا أن دراستنا هذه أوضحت أن المرأة كان لها في الماضي دور في تدعيم اقتصاد الأسرة".