"اليوم الوطني".. لمن؟    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    بعد اتهامه بالتحرش.. النيابة المصرية تخلي سبيل مسؤول «الطريقة التيجانية» بكفالة 50 ألفاً    تفريغ «الكاميرات» للتأكد من اعتداء نجل محمد رمضان على طالب    السعودية تتصدر دول «العشرين» في نمو عدد السياح الدوليين في 2024    البكيرية تستعد للاحتفاء باليوم الوطني 94 بحزمة من الفعاليات    الصين لا تزال المصدر الرئيس للاوراق العلمية الساخنة    القيادة تهنئ الحاكم العام لبيليز بذكرى استقلال بلادها    كلية الملك فهد الأمنية الشرف والعطاء    الشرقية: عروض عسكرية للقوات البحرية احتفاءً بيوم الوطن    بلدية الخبر تحتفل باليوم الوطني ب 16 فعالية تعزز السياحة الداخلية    زاهر الغافري يرحلُ مُتخففاً من «الجملة المُثقلة بالظلام»    الفلاسفة الجدد    حصن العربية ودرعها    أبناؤنا يربونا    تشكيل الإتحاد المتوقع أمام الهلال    مآقي الذاكرة    "البريك": ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الإنتماء وتجدد الولاء    شكر وتقدير لإذاعتي جدة والرياض    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على ضمك    مصر: تحقيق عاجل بعد فيديو اختناق ركاب «الطائرة»    اختفاء «مورد» أجهزة ال«بيجر»!    إسرائيل - حزب الله .. لا تهدئة والقادم أسوأ    الشورى: مضامين الخطاب الملكي خطة عمل لمواصلة الدور الرقابي والتشريعي للمجلس    انخفاض سعر الدولار وارتفاع اليورو واليوان مقابل الروبل    "الأوتشا" : نقص 70% في المواد الطبية و65% من الحالات الطارئة تنتظر الإجلاء في غزة    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على القصيم والرياض    فلكية جدة: اليوم آخر أيام فصل الصيف.. فلكياً    2.5 % مساهمة صناعة الأزياء في الناتج المحلي الإجمالي    «النيابة» تحذر: 5 آلاف غرامة إيذاء مرتادي الأماكن العامة    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    "مدل بيست" تكشف مهرجان "ساوندستورم 2024" وحفل موسيقي لليوم الوطني ال 94    "أكاديمية MBC" تحتفل بالمواهب السعودية بأغنية "اليوم الوطني"    "تعليم جازان" ينهي استعداداته للاحتفاء باليوم الوطني ال94    الأخضر تحت 20 عاماً يفتتح تصفيات كأس آسيا بمواجهة فلسطين    بيع جميع تذاكر نزال Riyadh Season Card Wembley Edition الاستثنائي في عالم الملاكمة    شرطة نجران تقبض على شخص لحمله سلاحًا ناريًا في مكان عام    رياض محرز: أنا مريض بالتهاب في الشعب الهوائية وأحتاج إلى الراحة قليلاً    الدرعية تحتفل بذكرى اليوم الوطني السعودي 94    حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس ترومان» تبحر إلى شرق البحر المتوسط    مجلس الأمن يعقد اجتماعا طارئا لبحث التطورات في لبنان    «لاسي ديس فاليتيز».. تُتوَّج بكأس الملك فيصل    الناشري ل«عكاظ»: الصدارة أشعلت «الكلاسيكو»    وزارة الداخلية تُحدد «محظورات استخدام العلم».. تعرف عليها    ب 2378 علمًا بلدية محافظة الأسياح تحتفي باليوم الوطني ال94    المراكز الصحية بالقطيف تدعو لتحسين التشخيص لضمان سلامه المرضى    زعلة: ذكرى اليوم الوطني ال94 ترسخ الانتماء وتجدد الولاء    "الصندوق العالمي": انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز والسل والملاريا    حركة الشباب تستغل النزاعات المحلية الصومالية    خطيب المسجد النبوي: يفرض على المسلم التزام قيم الصدق والحق والعدل في شؤونه كلها    خطيب المسجد الحرام: أعظم مأمور هو توحيد الله تعالى وأعظم منهي هو الشرك بالله    محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد    حصّن نفسك..ارتفاع ضغط الدم يهدد بالعمى    احمِ قلبك ب 3 أكوب من القهوة    احذر «النرجسي».. يؤذيك وقد يدمر حياتك    قراءة في الخطاب الملكي    برعاية خادم الحرمين.. «الإسلامية» تنظم جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رد على الحازمين . نبشا الاضاليل ونفثا الأحقاد التي تشير الى مكمن الخلل في تفكيرهما
نشر في الحياة يوم 07 - 11 - 1998

يبدو ان الحازمين صاغية والامين يتقنان جيداً طريق "الحزم" والجزم ليقدما من مواسم حصاد الشوك شمائل عفنة تجمع في اطارها المغالطات. وفظاظة قل نظيرها خصوصاً في نفث الاحقاد ضد النهضة السورية القومية الاجتماعية وتاريخها بشكل مخالف للحقائق ومناقض للموضوعية.
ومن الملفت جداً ان المقال المنشور في "الحياة" نهار الخميس بتاريخ 8 تشرين الاول اكتوبر الصفحة 8 تحت عنوان "هل تستعاد الوحدة بين حزبي الحزب وأي وحدة قد تستعاد" لم يتناول ما هو مرتبط بالعنوان مما يشير الى حقيقة مقصد كاتبي المقال وهو الاساءة الى نضال الحزب السوري القومي فكراً وعقيدة وخطاً سياسياً.
بداية وقبل الرد على الترهات التي تناولها كاتبا المقال لا بد من القول ان بعض ما ورد في متن المقال صحيح، وهو بذلك يستند الى حقائق صدرت عن ادارات الحزب الرسمية خصوصاً في ما خص مرحلة الخمسينات بعد استشهاد سعاده، اذ مارس الحزب النقد الذاتي فأدان في مؤتمر ملكارت 1969 تلك الحقبة من تاريخه، رافضاً كل شكل من اشكال التبرير للظروف التي املتها، ودون ان تعيق التفاصيل النهج النقدي العقلاني الذي حكم ما اتخذته مؤسسات الحزب الدستورية.
ذهب كاتبا المقال بعيداً عندما اعتبرا ان وقف التوتر بين جناحي الحزب المؤسسة الدستورية الذي عرف باسم المجلس الاعلى، والانشقاق الذي عرف باسم الطوارئ أملته ظروف السقف الجديد الذي وضعته سورية بعد القضاء على تمرد العماد ميشال عون. وهذا السقف كما يعتبره كاتبا المقال اعطى جناح الطوارئ حصة في البرلمان اللبناني والحكومة بينما اقتنع المجلس الاعلى بانعدام حصته تحت السقف المذكور من دون ان يتخلى عن طلب الود السوري كما اوردا.
في الرد على هذا الافتراء يمكن ان نطلّ على مقال صاغية والامين اللذين غمزا من بعض اسباب الانشقاق من دون ان يحدداها.
فأن ينكأ كاتبا المقال الجراح ويستعرضا في سرد سلبي العديد من المحطات في تاريخ الحزب فهذه مسألة لا تندرج في السياق المطلوب فهي حتماً في سياق آخر، اذ لا بد من الاشارة الى ان تحقيق وحدة الحزب تنطلق من قناعات كل سوري قومي اجتماعي. وهذا لا يعني ان هذه الوحدة ستتم على قاعدة "تبويس اللحى" و"عفا الله عما مضى"، لأن ما مضى كان نهجاً دخيلاً على الحزب - واقصد به نهج العنف الدموي - وهذا ليس ملك افراد بل هو ملك مستقبل الحزب الذي يلفظ الامور الدخيلة بين من يجتمعون تحت رايته.
لذلك نرى ان "قانون الطوارئ" الذي يحكم المرحلة الانتقالية لوحدة الحزب - سنة ونصف السنة - يتناول في اساسياته تشكيل لجان النقد الذاتي والبحث عن اسباب الانشقاق وعن انبثاق السلطة والديموقراطية وغيرها من الامور الخلافية. ونرى كيف ان مشروع الاتفاق بين الفريقين تضمن استثناء اصحاب الارتكابات من قانون العفو الذي سيصدر عن الطرفين.
وهكذا فان الوحدة لا تلزم القوميين بحكم القرار الاداري ولا بممارسة صنمية معينة بل هي وحدة مؤسسات حزبية هامشها الكبير الحوار النقدي البناء والممارسة الديموقراطية السليمة في سبيل تحصين مسيرة بناء حزب الامة كما اراده سعاده.
ان الظروف التي املت هدوء التوتر بين جناحي الحزب ليست مرتبطة بما اسمياه السقف السوري الجديد، بل ارتبطت بما هو متلازم وقناعة السوريين القوميين الاجتماعيين الذين يدركون جيداً ان الانجرار وراء حالات الشرذمة والانشقاق التي انتجت عمليات مخالفة لروح النهضة، ذهب ضحيتها شهداء ابطال تأتي في سياق معاكس ودخيل على حقيقة حزب وحدة الامة.
واذا كان الحزب تعرض قبلاً لهزّات عديدة الا ان حقيقة الوحدة كانت دائماً هي المنتصرة. ويذكر ان الحزب اعلن في مؤتمره العام المنعقد في الكارلتون 1988 مبادرة لاستعادة وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين وشكلت اولوية في الخطة الحزبية. كما جرى تأكيدها في مؤتمرات الحزب اللاحقة 1992 و1995.
وهذا التوجه من قبل الحزب الموجود اماماً قوبل بتوجه مشابه من قبل الطرف الآخر تزامن مع مسيرة الوفاق الوطني التي اكد القوميون الاجتماعيون حرصهم عليها، باعتبار ان ميثاق الوفاق الوطني الطائف يشكل مدخلاً للحل فيستعيد لبنان عافيته الداخلية في مواجهة العدو الصهيوني العنصري.
اما ان ينسج كاتبا المقال من خيالهما حكايات وحكايات حول العلاقة مع سورية من زاوية ضيقة ومفهوم قاصر ومبتور فهذا يخالف الوقائع والحقائق ويندرج في اطار التكهنات. فعلاقة الحزب بسورية كانت على الدوام اسمى من حسابات المحاصصة.
والدليل ان الحزب استمر يمحض سورية تأييده على رغم انه لم يأخذ اية حصة في الحكم او البرلمان او الادارات، والدافع الى هذه المواقف ليس غياب الخيارات الاخرى كما زعم كاتبا المقال بل لقناعة بصوابية الموقف السوري من القضايا القومية والمصيرية.
ان خطة الحزب التي اقرت في العام 1980 قامت على اساس التحالف القومي مع دمشق ومارست قيادة الحزب الخطة بحرفيتها، ودفع الحزب ضريبة هذا الخيار الذي آمن به دماء طاهرة، فكان ان تواطأ عرفات مع "المرابطون" وشن حملة على الحزب فسقط للحزب شهداء ابرار هم بشير عبيد وكمال خير بك وناهية بجاني. وأدان الحزب نهج التفريط والاستسلام والصفقات التي وقعها عرفات وقيادته المتهالكة.
ان العلاقة مع سورية هي علاقة مصير قومي لا تخضع لاية مساومات لذلك نقول بأن مسألة "الحصص" مرتبطة بالاداء الذي مارسه كل جناح بعد الانشقاق اذ بنى الحزب المجلس الاعلى سياسته الداخلية على اساس موقفه من النظام القائم باعتباره نظاماً يكرس الطائفية والمذهبية وهو مسؤول عن محنة اللبنانيين، ولا مجال للاصلاح الداخلي ما لم يتبدل هذا النظام ويسود نظام الدولة المدنية الديموقراطية العادلة.
لذلك جاء موقف الحزب من "اتفاق الطائف" ايجابياً بكونه شكل مدخلاً للحل من قبل كل الافرقاء مع احتفاظه بموقفه من كونه لا يؤسس للدولة المدنية الحديثة. فبق الحزب على مسافة واحدة من كل الذين اعتبروا الطائف ميثاقاً دائماً، فحاول من وجهة النظر هذه ان يصل الى البرلمان لكنه فشل في ذلك وفشله مردوده الى القانون الانتخابي المتخلف الذي يجيز قيام اللوائح المعلبة كجزء من عملية تقاسم الحصص.
ويشار الى ان الجناح الآخر في الحزب "الطوارئ" ابدى مرونة في موقفه الذي اخذ شكل الهدنة مع النظام اللبناني واتجه الى المطالبة بالاصلاح من داخل النظام فكان له شكل من اشكال المشاركة وحصة من ضمن مفهوم التحاصص القائم. اما في الجوهر فموقف الطرف الآخر في الحزب لا يختلف عن موقف الحزب من النظام برمته.
اما ان يعتبر كاتبا المقال ان سبب وحدة الحزب مرده الى رغبة سورية نابعة من اتجاه جديد في السياسة السورية في لبنان يمثل فيه الحزب السوري دور الورقة الممسوكة سورياً خوفاً من ازدواجية هوى "حزب الله"، او من تقدم يمكن ان تحققه القوات اللبنانية المنحلة وهذه مسألة نعتقد بأنها باتت من الماضي. فسورية ليست بحاجة الى أي حزب او أي فريق لتكون ورقة بيدها، لأن لبنان هو بحاجة الى سورية التي ساعدته على الخروج من محنته وكل اللبنانيين يدركون اهمية دورها في لبنان، وبات للبنان الرسمي اليد الطولى في الحرص على تعميق العلاقة القومية بين الشام ولبنان. ومن هنا نعتقد ان حرص القيادة السورية على وحدة الحزب القومي تأتي في اطار جهود سورية لترسيخ الوحدة الوطنية في الساحة اللبنانية لمواجهة الخطر الصهيوني الذي يهدد امتنا والعالم العربي.
لذلك فمن السخافة ان يذهب كاتبا المقال الى ما ذهبا اليه في هذا الصدد من افتئات على الحقائق. وندعوهما الى عدم المراهنة على خيارات أفلست فهي مراهنات خاسرة.
الذي يضير صاغية والامين على ما يبدو هو أن تتحقق وحدة القوميين، لذلك جندا نفسيهما لاستقراء قريب وبعيد تاريخ الحزب فخلصا الى النتيجة التي تقول "بأن الحزب بعد اعدام زعيمه يسعى الى ايجاد مبرر استمراره ليعوض به عن ضعف الجاذب الاستقطابي لفكرة الامة السورية وفي عدادها قبرص" مستندين الى تضاؤل دور الحزب على كل الصعد حسب زعمهما ومعتبرين ان الاغتيالات والمحاولات العسكرية لم تفلح الا في تعميق المأزق.
هكذا يتناول صاغية والامين من وجهة نظرهما شهداء الحزب الذين سقطوا ايماناً منهم بحتمية الجاذب الاستقطابي الذي هو الامة السورية التي تؤسس لقيام اتحاد عربي، صلات بعضه ببعض امته امتن من ان تخضع لهوى هذا الملك او ذاك الامبراطور. وبالتالي فان جاذب الاستقطاب بالنسبة للسوريين القوميين الاجتماعيين لم يتغير ولم يتبدل، فهو ان تبل وتغير فقد الحزب السوري القومي الاجتماعي مبرر وجوده ولم يبق لديه دواع ليفتش عن مبررات كي يستمر، فالأمة السورية تشكل البوصلة التي ما انتمى قومي الى الحزب الا على قاعدة الايمان بحتمية انصار حقيقتها، ونعتقد ان صاغية يعرف ذلك تماماً لكنه ليس من هذا الصنف، فاذا كان انتماؤه الى الحزب في مرحلة ما بدواع هي غير الايمان بالمبادئ فتكون طفرة ما غلّبت هواه على عقله "ومن تغلّب هواه على عقله كان…" وهنا قد اجد مجالاً للقول بأن الجاذب الاستقطابي هذا اي الامة السورية او اية امة عربية اخرى، وجد مؤيديه لدى ابرز منظري القومية العربية على رغم ان صاغية والامين يعتبران ان مفهوم الامة السورية لم يكن الا ضدياً لمناهضة القومية العربية.
فساطع الحصري اهم مفكّر ومنظّر في القومية العربية القائل في احدى مقالاته "ولا ازال في حاجة الى البرهنة على ان انطون سعاده عندما قال بهذه الصورة بوحدة سورية والعراق قد هدم بنفسه الاساس الذي كان يبني عليه آراءه السياسية" ويتابع الحصري "ما من باحث علمي يستطيع ان يسلّم بأن العراق وسورية يكونان بيئة طبيعية واحدة".
عاد لينقض ما قاله في كتابه "العروبة بين دعاتها ومعارضيها" فيقول: "أقول جازماً بأن الفروق التي تذكر بين القطرين العراقي والسوري ليست من الفروق الجوهرية… انها تقل كثيراً عن الفروق القائمة بين إيالتي كالابديا ولومبارديا في ايطاليا"!
الا يعتقد كاتبا المقال ان الحصري بتحديده هذا انما جاء ليؤكد اهمية الجاذب الاستقطابي للامة السورية تحديداً.
اننا لا نعتقد ان صاغية والامين يخالفاننا الرأي.
ولنزيد على ذلك تأكيداً لأمية الامة وحقيقة امم العالم العربي التي حددها الزعيم سعاده نسمع فكرة "الوحدات الاربع" الجزيرة العربية، والمغرب العربي، ووادي النيل، والهلال الخصيب كمرتكز طبيعي للاتحاد العربي وكمخرج لأزمة العالم العربي التي تناولها قوميون عرب مثل لطفي الخولي في "الحياة" 24 نيسان ابريل 1992 ووليد الخالدي 10 أيار مايو 1992.
وفي تأكيد المفهوم هذا فإن حزبنا تقدم من المؤتمر التأسيسي للجامعة العربية في 1944 بهذا التصور الذي لم يعمل به وهو المنطلق السليم لتأسيس اسرة عربية مشتركة على اساس تضامن الوحدات الاربع اي أمم العالم العربي وان يكون هذا التضامن معززاً لدور الجامعة العربية.
امام كل هذا اين يجد صافية والامين ما يبرر زعمهما القائل بزوال الجاذب الاستقطابي؟
اما بالنسبة لما يشغل السيدان صاغية والامين ويكلفان نفسيهما عناء البحث عن جواب له هو اي وحدة قد تستعاد للحزب القومي هل "بعث القوميين" او اليمين او اليسار.
نطمئن السيدين ان الوحدة التي ستستعاد هي طبعاً وحدة الحزب السوري القومي الاجتماعي. وان بقي بعض التباين على امور اجتهادية داخلية سيكون للجان المختصة ولارادة القوميين القول الفصل فيها. لكنها حتماً وحدة على قاعدة الالتزام بالخط السياسي للحزب المقترن بالمبادئ والعقيدة الذي ارتسم في مؤتمر ملكارت 1969 وأرسى نهجاً سياسياً وعلاقات تحالفية مؤكداً مضمون فكره الثوري والتقدمي واسقط المفاهيم اليمينية المشوهة لمضمون العقيدة.
وفي هذا الصدد نذكر ان الزعيم في اجابة له عن سؤال صحافي وجهته له الوكالة الفرنسية حول تصوره من الوجهة التأسيسية الامة السورية، اجاب الزعيم "جمهورية برلمانية ديموقراطية مع ميل الى اليسار وعلمانية قبل كل شيء". كذلك فان اليسارية لم تشبها الخطابة والانتفاخ اللغوي بل كانت من ضمن ثوابت مؤتمر ملكارت. لذلك فليسمح لنا صاغية والامين ان نسفه اعتبارهما ان المقالات التي نشرت خارج هذا الاتجاه هي الاشد وفاء لسعاده، فاليسارية التي استعادها الحزب في ملكارت جاءت بناء للقراءة الموضوعية لمفهوم العقيدة القومية الاجتماعية التي جزم سعادة بميلها الى اليسار.
والحزب لم يبهره اي شيء فهو بفعل ذاتي كما ذكرنا نقض حقبة الخمسينات وبالتالي كان حريصاً في تحالفاته على ثوابته العقائدية. ففي اول مقابلة لرئيس الحزب مع السفير السوفياتي في العام 1975 كما نشرتها مجلة "صباح الخير" قال: ان نقض الحزب لنهج الخمسينات يقابله نقضنا للحقبة الستالينية التي اعترفت وراهنت على العدو الصهيوني.
وفي اللقاء مع الماركسيين شدد الحزب على الاساس القومي للصراع وعلى التفسير المادي - الروحي للتاريخ مع صياغة برامج النضال ضد العدو.
وفي اللقاء مع الاسلاميين في الجهاد ضد العدو والحلول الاستسلامية حدد الحزب نقاط الالتقاء مشيراً الى اختلاف العقائد لجهة الدين والدولة ومهمتها.
هذا جزء من حرص الحزب على عقيدته غير القابلة للذوبان او المسايرة.
واذا كان مؤتمر ملكارت رسم ما اكده مؤتمر بولونيا 1984 فان مؤتمرات الحزب اللاحقة 1988، 1992، 1995 جاءت في المنحى نفسه ما يدلل ان الوحدة المقبلة ستتم على اساس الالتزام الكلي بهذا الخط، بحيث يبقى الحزب السوري القومي الاجتماعي اميناً للمبادئ ولعقيدة سعاده التي هي الزاد والخلاص.
وفي سردهما تناول "صاغية" بمشاركة "الامين" شهداء الحزب وابطاله من خلفية عدائية بحتة باطلاق صفة الارهاب على اعمالهم البطولية، وبالتقليل من اهمية هذه الاعمال التي عبدت طريق المقاومة والثورة ضد المشاريع المشبوهة. فمن يستشهد وينفذ عملاً بطولياً ثأراً لسعاده والحزب فهو يثأر للقضية القومية، والثأر للقضية القومية ينسحب على كل الابطال والشهداء من سعيد العاص في فلسطين الى جميل سبّاغ، هنا في التاريخ البطولي لشهدائنا ونسورنا مكمن الافتخار.
فإقدام حسني الزعيم على تسليم سعادة، هدف الى اجهاض الثورة القومية مما شكل خيانة متعمدة تنفيذاً لقرار دولي اميركي - بريطاني - صهيوني ضد من اعلن حرباً لا هوادة فيها على اليهود، وعلى توقيع اتفاقية التابلاين، باعتبار الولايات المتحدة منحازة الى الصهانية.
ان ساعة اعدام سعاده عند المعسكر الدولي الصهيوني المعادي دقت حين طالب في زمن مبكر جداً باستعمال البترول كسلاح استراتيجي ضد المآرب الصهيونية والاستعمارية.
وفي هذا الصدد يقول سعادة:
"ومعروف ان اتفاقية التابلاين تهم الحكومة الاميركية. فيتضح من مجرد تصديق اتفاقية التابلاين الاميركية اننا لم نستعمل هذا السلاح البترولي للحد من تأييد الولايات المتحدة لليهود في لوزان وفلسطين والامم المتحدة، وتركنا الولايات المتحدة تستمر في تأييدها لليهود وجازيناها بتصديق اتفاقية حساسة هامة تهمها جداً لمستقبل العمليات الحربية المقبلة". فحسني الزعيم جئ به لتوقيع اتفاقيتين كما يقول مايلز كوبلاند في مذكراته، اتفاقية التابلاين واتفاقية الهدنة مع اليهود. وهذا هو موقف سعاده من اتفاقية التابلاين
اما موقفه من اتفاقية الهدنة مع اليهود فيعبر عنه بالقولك "لو كانت الدول السورية اصغت الى دعوتي من زمان، لما رأينا أبناء أمتنا سوريي فلسطين يخرجون من ديارهم ويشردون" الجيل الجديد 21 نيسان 1949.
اذ يتضح ان اعدام سعاده واستهداف حزبه كانا نتيجة المؤامرة الاستعمارية … فكان على الحزب انطلاقاً من ايمانه الثوري ودفاعاً عن قضيته التي تساوي وجوده ان يقضي على اللاعبين الصغار وهذا ما حصل.
ان ما ادعاه المقال من "تضخيم" لشهيد الاستقلال الوحيد البطل سعيد فخرالدين الذي ارتبط اسمه باستقلال لبنان الحقيقي لا الاستقلال المشوه يقودنا الى الاستنتاج الذي نطلّ من خلاله على استقلال لبنان، فالمؤامرة رتبت لإفراغ الاستقلال من مضامينه وهكذا كان حيث اعتقلت قوات الانتداب الفرنسي بشارة الخوري ورياض الصلح، وقد حمل اعتقالهما مدلولات عديدة ابرزها ميول الخوري والصلح لبريطانيا والولايات المتحدة تحت ستار مقاومة المحتل الفرنسي ….
لذلك فإن حزبنا يحرص في مناسبة ذكرى الاستقلال على مدار السنوات الماضية على نقد كرنفالية الاحتفال الرسمي بشخصيات "الاستقلال" وتكريمهم، بينما يتم تجاهل واستثناء بطل الاستقلال الحقيقي الشهيد سعيد فخرالدين من التكريم الرسمي.
وحول هذا الموضوع تقول مصادر سياسية لبنانية ان اللجنة اللبنانية الدستورية كانت تتجه الى ترشيح الشيخ محمد الجسر كأول رئيس جمهورية في عهد الاستقلال كون الانتماء الطائفي للرئيس غير محدد بقانون في اشارة الى رؤساء الجمهورية في عهد الانتداب، الا ان ما جرى عكس ما اشتهته اللجنة الدستورية بل حسبما خطط له في الدوائر الاستعمارية وما تضمنه ميثاق 1943.
امام هذا المناخ، ما هو الشيء الذي لا يجيز للحزب القومي ان يعلن الثورة القومية الاجتماعية وينقلب على النظام الطائفي في لبنان وان يقتل حسني الزعيم ورياض الصلح ومحسن البرازي؟ وأي مفهوم يتحدث عنه المقال في تثبيت واحقاق الحق؟ اليس هذا هو منطق التطبيع مع المؤامرة الاستمرارية بحد ذاته؟
ويزداد كاتبا المقال توغلاً في نبش الأضاليل ونفق الاحقاد التي تشير الى مكمن الخلل في تفكيرهما ومفهومهما لتشتبه عليهم الامور، فيعكسان الحقائق طبقاً لميولهما حيث يقول صاغية والامين في متن مقالهما "لهذا كله طغى على تحول القوميين طابع اداتي باد هو بعض حطام المشروع الهيولي الذي نواه الزعيم اصلاً. وقد اتيح تالياً لهذه الاداتية ان تتجسد في اعمال الاغتيالات وتفخيخ شهداء مدروسي الشهادة في ما عرف في وقت لاحق بالمقاومة الوطنية".
الحقيقة اننا نعجب للنظرية هذه التي يطرحها صاغية والامين والتي نعتقد انها تنتج اداتية حاقدة طبقاً للمزاج والاهواء. فهما يلفقان تهمة اسمها المشروع القومي الهيولي فيتناولان بذلك عقيدة ومبادئ النهضة النضالية التي ارسى دعائمها الزعيم سعاده على اسس الحق والخير والجمال والنضال الدؤوب. فاذا كانت "الاداتية" هي تاريخ حافل من النضال والتضحيات والشهداء في ساحات الشرف والعز، فمبروك علىنا وعلى امتنا مشروع سعاده "النظري" الذي في سبيله قضى شهيداً لينير درب الصراع والحرية.
المشروع القومي "النظري" الذي يتحدث عنه صاغية والامين قدم للأمة آلاف الشهداء وعشرات الاستشهاديين وأفتى بقتال يهود الداخل والخارج وقضى على بعض رموز الخيانة والذل، وكان وما زال نموذجاً للانصهار الوطني في لبنان ضد الطائفية والمذهبية وحارب في فلسطين في ثورة عام 1936 فسقط الشهيد حسين البنا وعدد من الرفقاء، كما حارب في جنوب لبنان وطرد الغاصب والمحتل من بيروت اذ اندلعت الشرارة حين نفّذ الشهيد البطل خالد علوان عمليته ضد الضباط الصهيانة في مقهى "ويمبي" فارتفع صراخ الاعداء "لا تطلقوا النار اننا راحلون". واسقط شعار سلام الجليل حين نفذ بطلان قوميان عملية اطلاق صواريخ الكاتيوشا ضد مستعمرة الجليل ايذاناً بانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية التي نفّذت عمليات جريئة وبطولية ضد الاحتلال الصهيوني، اضافة الى سجل حافل يشهد القاصي والداني انه شكل مفصلاً تاريخياً مهماً في معركة المصير القومي، معركة التحرير وصراع الوجود.
اننا نفهم "الاداتية" بانها تأتي لخدمة طرف آخر بما يناقض مفهوم وتوجه من هم "الاداة"، فهل يجد صاغية والامين دليلاً على ذلك غير هذا السجل الحافل بالشهداء والتضحيات الذي شكل مشروعية حقيقية لنهضة انطون سعادة …؟
اننا على يقين بأن الحزب الذي استولد في نفوس الناس قناعات منطلقاته الفكرية ونظرته الواضحة لمفهوم الصراع ووحدة الحياة والانسان الجديد كسب رهانه على الشعب، لذلك نشهد ان وثائق احزاب وقوى وهيئات سياسية في الأمة قالت بحقيقة الهلال السوري الخصيب وفي مقدمها وثيقة احد مؤتمرات حزب البعث العربى الاشتراكي الذي يرأسه الرئيس حافظ الاسد.
اما ان يتهمنا "صاحبانا" "بالتشديد اللفظي ضد اليهود والتطبيع" فهذا الاتهام محض افتراء ونحيل هذا الامر الى تاريخ مقاومتنا ضد العدو الصهيوني وادواته والعملاء الذين هم اساس تردي الوضع اللبناني الذي انتج من يشبهه في الرداءة.
* وكيل عميد الاذاعة والاعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومدير تحرير مجلة "صباح الخير".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.