بعيداً عن مشاهد الاعتداءات الاسرائىلية الحاضرة على شاشات التلفزة اللبنانية في حدث اخباري يومي من جنوبلبنان، وبعيداً عن مشاهد العنف والقتل التي مارسها الاحتلال الاسرائىلي عقدين من الزمن ولا يزال ورسّخت في مخيلات اللبنانيين صور الحزن والضعف والغلبة. بدا جنوبلبنان امس في صور بهية لا تعرف سوى جمال الطبيعة وتعاقب الحضارات عليه التي أغنته بكثير من المواقع الاثرية من اول مدنه صيدا الى أقصى قراه المحتلة. والمشاهد هذه أظهرها فيلم وثائقي أعدته وزارة السياحة وعرض في سينما "كونكورد" في بيروت. والفيلم مدته نحواً من ثلثي الساعة أعدّه وأخرجه فؤاد رفيق الخوري وعلّق بالصوت الممثل سمير شمص بالعربية، اضافة الى موسيقى تتماهى مع اللقطات والمشاهد المأخوذة من مدن الجنوب وبعض قراه، التي ربما لا يفيد بعضها في السياحة لصغرها وبعدها وفقدانها لموقع أثري كبلدة وادي جيلو التي أشير اليها بعبارة "قريبة من جويا، وأرضها خصبة". ويبدأ الفيلم من نهر الأولي وحوراته على مدخل مدينة صيدا مروراً ببحرها وصياديها وقلعتيها البحرية والبرية الى قرى صغيرة فوقها كعبرا والهلالية ودرب السيم من اجل مقام أو كنيسة أو مشهد طبيعي يطفح لبنان بأمثاله من أقصاه الى أقصاه. ثم الى مدينة جزين وشلالها وحرفها فبنت جبيل وحاصبيا وراشيا الفخار. ثم عودة الى الساحل ومدينة صور الغنية باثارها وصولاً الى قانا الجليل حيث اجترح المسيح احدى معجزاته وصولاً الى تبنين التي بدت احدى دشم الاسرائىليين في عمق الصورة فوق قلعتها. وإن اعتبر كثر الفيلم بعد عرضه "ناقصاً ومرفوضاً" فانه يعطي صورة بهية وجميلة عن الجنوب الذي "تتداخل فيه العوالم مثلما تتداخل الافراح بالمآسي" كما جاء في الدليل السياحي الذي أعدته الوزارة للجنوباللبناني، وأبرزت فيه صوراً للمواقع الأثرية والسياحية في الجنوب وأفردت مساحات للتعريف بهذه المواقع والصور، بدءاً من الآثار الاسلامية والمملوكية في مدينة صيدا مروراً باثار مدينة صور التي اختلطت فيها الازمنة من فينيقية وبيزنطية ورومانية، ومدينة جزين ومواقعها السياحية، كالشلال والفنادق المحيطة به.