عرفت الدكتور عبدالعزيز خوجة في مراحل عدة ووجوه متعددة بين الإعلام حيث كان وكيلاً لوزارة الإعلام في المملكة العربية السعودية فوضع فيها لمسات لا تمحى تقوم على التسامح والمحبة والكلمة الطيبة والحوار والمجادلة بالتي هي أحسن ثم سفيراً للمملكة في عدة دول ترك فيها سمعة تليق بشخصه وبوطنه وصداقات واسعة لا حدود لها. في أنقرة زرته في منزله فإذا به خلية نحل تضم معظم وجوه تركيا من سياسيين وعسكريين ونجوم مجتمع وسياسة وإعلام ثم في المدرسة التي كانت تشرف عليها زوجته وتستقطب مئات العرب والأتراك. وعندما قابلت الرئيس توغورت أوزال كان هو محور بدايات الحديث مما يؤكد أهمية ما للسفير من دور في أي بلد يمثل بلاده فيه. وعندما انتقل الى موسكو استعنت به لمساعدة ابني طلال في مده بالمعلومات عن العلاقات العربية الروسية لإكمال أطروحة الدكتوراه فإذا به يفتح له بحاراً ويؤمن له مواعيد مع معظم رموز الدولة وعلى مختلف الأصعدة، ولم ينس المدرسة العربية التي صارت معلماً من معالم موسكو. وفي المغرب زرته أخيراً في منزله في الرباط فوجدته كتلة من النشاط والحركة استعداداً للحفل الكبير الذي أقامه لمناسبة اليوم الوطني وحضره مئات الشخصيات المغربية والعربية والأجنبية. هذه المقدمة عن الرجل، الأخ والصديق، كان لا بد منها للحديث عن الديوان الجديد للدكتور خوجه "حلم الفراشة" الذي صدر في المغرب أخيراً ليضمه الى دواوينه السابقة: "حنانيك" و"جئت بعد الفراق" و"الصهيل الحزين" و"لو أنهم جاءوك" و"في حضرة النور" و"بذرة المعنى" و"الوصية". فالدكتور خوجه ليس سفيراً ناجحاً فحسب بل هو شاعر مبدع يستغل ساعات فراغه ليبتعد عن ضجيج الحياة اليومية ومتاعبها ويحلق في عالم الوجدانيات والرومانسية والروحانيات الذي نفتقده بعد أن غرق معظمنا في سراب الماديات والمظاهر البراقة. ففي حلم الفراشة يقول الشاعر: كل نبض في حنايا النفس يدعو حبها وكأن الله لم يخلق نساء غيرها وكأن القلب لم يخفق غراماً قبلها وكأن الحب قد حل على الأرض لها! ثم يقول في "سهد": كالمنايا... أسْرجُ المصباح من لفحات جمري وأنادي... ليس في الأقداح ما يكفي لعمري ليس في الأقداح ما يكفي شرابي ذابت الأنفاس سكرى في الحباب فإذا الحلم شراع في العباب وإذا الحب سراب في سراب لكنه يعود مع "عودي لروحي" ليقول: عودي لنا برقاً يقهقه بالرعود لم تزل في السمع أنغام الصدى تشدو بما فعلت جدودي إلا أن ابداعات الدكتور خوجه الحقيقية تكمن في الروحانيات وبينها قوله: واعتصم بالعروة الوثقى سلاماً من ذنوب ذلك النور الذي ينجيك من عمى القلوب وصل يا رب صلاة أبداً تبقى على طه الحبيب وفي لو أنهم جاءوك يقول: مولاي صلِ على الحبيب المصطفى ما شاء نورك في السماء وما اصطفى حتى تطهر روحه أرواحنا حمداً به تثرى النفوس الواجفة صل بما يليق بذاته، وبذاتك العظمى صلاة وارفة. حتى تشع قلوبنا بسلامه سلامك الأقصى نجوماً وارفة
خلجة من الشاعر خوجه: وأعود وهماً للتسكع فوق أرصفة الزمان ما بين وجداني وخطوي ضعت في عبث المكان