عندما كنا صغاراً وبدأنا نعي بعض الاسئلة الكبيرة، كانت مسألة بعينها تسيطر على تفكيرنا، ولا ننتهي من طرحها بين حين وآخر على آبائنا وأمهاتنا، تلك المسألة هي "هل مرّ النبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - بمدينة جدة؟" وسؤالنا هذا كان يكتسب مشروعية جغرافية لقرب هذه المدينة الرائعة من أم القرى أصل الاسلام عقيدة وتاريخا. فهل يُعقل - هكذا كنا نفكر - أن يهاجر الرسول الى المدينةالمنورة من دون ان يمر بجدة؟! وكيف تحظى مدينة كالطائف بشرف وفود الرسول الكريم اليها في بدء دعوته دون جدة؟ وأسئلة اخرى متشعبة تفرضها علينا تلك المسافة القصيرة بين جدةومكةالمكرمة! أذكر ان امي - حفظها الله - حينما كنا نطرح عليها هذا السؤال، لم تكن الإجابة ببعيدة عن شفتيها، اذ سرعان ما تذكر لنا ان الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - كان في نيته ان يمر بجدة، وهو مهاجر الى المدينة، غير ان امرأة عجوزاً - هنا تبدأ الاسطورة - اعترضت طريقه، ورغّبته عن هذه المدينة، بقول احسب ان مبتدعه، في ما بعد، يحنق على جدة لمكانتها الجغرافية التي هيأها الله لها، حينما جعلها بوابة بيته الحرام! إذ أن أهل هذه المدينة، حسب ذلك القول الحانق: مويتهم مالحة...؟ هكذا بسهولة ويسر تبتدع الاسطورة مثل هذا القول وهي تعبر عن مجرى تحولات خطيرة، لا في تاريخ العرب فحسب، بل في تاريخ البشرية كافة. وتمر الأيام والسنون، ونعرف في المناهج الدراسية ان اهم حدث ادخل جدة التاريخ قرار الخليفة الثالث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - بجعلها ميناء لمكةالمكرمة بدل مينائها القديم الشعيبة، فكأن ذلك قدر شاءت الايام ان تشهده جدة، ومن ثم تصبح منذ تلك الفترة، وحتى الآن احدى اشهر المدن في وطننا العربي واجملها شوارع وميادين وتنظيما... وتظل الشعيبة ذلك الميناء الصغير الذي اقتصت جدة منه، كونها لم تشرف بمرور الموكب النبوي بها، فآلت على نفسها، في ما يبدو، ان تكون المدخل الاول لبيت الله الحرام، وان لا يشاهد الحاج والمعتمر قبلة الاسلام الا اذا شرف بالمرور بهذه المدينة الساحرة. وبعيداً عن تفكيرنا العلمي المنظم، والآخذ بشيء من حكمة التاريخ وحركة العمران وتكون العصبيات التي شاءت ان تجعل من يثرب مُهَاجَر الرسول وصحبه، ودولة الاسلام الاولى. وبعيداً عن الوعي بحركة القوافل التي كان اجدادنا العرب على معرفة بها عندما يريدون الوصول الى يثرب، فيكون من شأن بعض القرى الصغيرة على ذلك الطريق ان تحظى بمرور الموكب النبوي الكريم، من دون المرور بجدة! فإن سؤال صلة جدة بتاريخ الإسلام الاولى ما لبث ان سيطر على اذهاننا. ويبدو ان مُحبي مدينة جدة في العصور الخوالي لم يرضوا أن تخرج مدينتهم التي احبوها واحبتهم من ذلك التاريخ العطر بأن تكون منذ عهد الخليفة الثالث ميناء لمكةالمكرمة وحسب! بل بلغ بهم عشقهم هذا، ونشاطهم الفكري ان وصلوا هذه المدينة برباط ما بمكةوالمدينة. فلا يكفي ان يكون هذا الرباط مكانيا جغرافيا، بل لا بد ان ينالها من روحانية تلك المدينتين نصيب! ومن هنا تأخذ جدة وضعا آخر: جاء في كتاب "السلاح والعدة في تاريخ جدة" لابن الفرج الجدي الحجازي، المتوفى سنة 1010 بعد الهجرة، ما ورد في جدة من الاحاديث والآثار: "روي عن شيخ الاسلام ابن حجر العسقلاني في كتابه لسان الميزان بسنده عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعاً: اذا كان على رأس السبعين والمئة سنة فالرباط في جدة من افضل ما يكون الرباط... وروي ايضا عن علي بن ابي طالب - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اربعة من ابواب الجنة مفتحة في الدنيا، الاسكندرية وعسقلان، وقزوين، وعبادان. وفضل جدة على هؤلاء كفضل بيت الله على سائر البيوت"... وفي شفاء الغرام للسيد الفاسي... وبسنده ايضا عن ضوء بن فجر قال: كنتُ جالساً مع عباد كثير في المسجد الحرام، فقلت: الحمد لله الذي جعلنا في افضل المجالس واشرفها، فقال: واين انت من جدة؟ الصلاة فيها بسبعة عشر الف صلاة. والدرهم الواحد بمئة الف، وأعمال البر بقدر ذلك، يغفر الله للناظر مدّ بصره. قال: قلت رحمك الله، مما يلي البحر؟ قال: مما يلي البحر. وعن فرقد السبخي أنه قال: يكون في آخر الزمان بجدة شهداء ليس على وجه الأرض مثلهم شهداء..."!! غير أن فرحتي - وأنا واحد من أبناء جدة - لم تكتمل! ذلك أن هذا الكتاب التراثي الرشيق، كان حافلاً بتعليقات محققة، تلك التعليقات "العلمية" التي افسدت على عقلنا الجدي - نسبة الى جدة - ذلك الشعور الذي ما مثله شعور. حينما اشفع هذه الاحاديث بتعليقات تشير الى كونها موضوعة، ووصفها، عبر رجوعه لعلم الجرح والتعديل، بأنها منكرة لا تصح، وان بعض رواتها دجال كذاب يضع الحديث!! انها فرحة لم تكتمل، غير ان اولئك المحبين لجدة يبدو انهم ارادوا كسر غرائبية قول العجوز السالف عن جدة، بعجيبة جديدة تجعل منها محل نظر وعناية الرسول الكريم عليه السلام. الا ان سوء الحظ لم يجعل هذه الاحاديث الموضوعة تروج وتنتشر، في الوقت الذي جعل من قول تلك العجوز الحانقة على جدة يعمُّ ويسري، حتى لم اجد عندما كنت صغيرا ما يبرد من حرارة سؤالي عن جدة سوى ذلك القول الذي وعته امي، في الوقت الذي لم تع فيه تلك الاحاديث الموضوعة، التي ربما لو كانت تعرفها لضمنت ان اعيش سنوات عديدة، تخفف عليّ صدمة كون تلك الاحاديث موضوعة!! لكن الذي يبدو لي ان القول الحانق لتلك العجوز، لم يُبتدع إلا لغمط هذه المدينة شرفها الذي اراده الله حينما شاء ان تكون بوابة بيته الكريم على مدى اربعة عشر قرنا وحتى يوم تقوم الساعة!! بل ان الوعي الشعبي يتجاوز مداه، حينما يحاول ان يربط هذه المدينة العجائبية باللمسات الاولى لتاريخ الانسانية، بحيث يتشابك الاسم بالمسمى، ويغدو حضور احدهما استدعاء للآخر، ويصبح الاسم نصاً صوتياً خاماً، وكأنه يشير الى هلامية هذه المدينة وكوننتها المستمرة! فهي جِدّة وجُدّة وجَدّة بكسر الجيم وضمها وفتحها، وكأن هذا الاسم اراد لنفسه ان يشمل جميع حركات اللغة، وفي وقت واحد، او كأنه اراد لنفسه ان يكون نصاً متأبياً على التأويل الواحد والمعنى الواحد، ليصبح قابلاً للتمدد والاستمرار، وهذا ما يدركه اهل جدة - وسكان الجزيرة عموما - فليكن الاسم لدى ابناء هذه المدينة ومن طرأ عليها جدة بكسر الجيم، وليرض طلاب الفصاحة والفيقهة أن تكون جُدة - بضم الجيم - ولنفرح، قليلا او كثيرا، حينما يريدها بعض من إخواننا العرب جَدة - فلكل ذلك وجه في اللغة، ولكل ذلك تخريج لدى ابناء هذه المدينة الذين لا يهمهم ما يقوله التاريخ، ولا ما يقوله العلم والبحث، ما دامت تلك الاوجه تقودهم، جميعا الى كوننة هذه المدينة وفانتازيتها! لا يضير ذلك، فعلى غفلة من التاريخ كان لهذه المدينة ان تثبت انه في الشق الشمالي القديم منها ابت أمّنا الكبرى السيدة حواء الا ان تجعل من هذه المدينة مستقراً اخيراً لها، وان تغدو كغيرها، في مرحلة ما من عمر الزمان، مزاراً، ومقصداً. لا يهم، عند هذا الحد، ما يقوله التاريخ او العلم! المهم هو ما يقوله ابناء هذه المدينة الذين لا يعنيهم من الامر كون هذا القبر حقيقة تاريخية او زعماً تاريخياً، لا يهمهم ان الرحالة البتنونيّ وسم ذلك البناء بأنه مزعوم وبكونه اسطورة! لا يهمهم من ذلك شيء، ما دام لديهم يقين بذلك، وما دام هذا القبر - الحقيقي او المزعوم - يؤكد قدم هذه المدينة وعراقتها المرتبطة بأوليّة التاريخ الإنساني!. إن تاريخ جدة، على هذه الوتيرة، يُعد تاريخاً مفصلياً، بمعنى انها ارتبطت بتلك اللحظات التاريخية التي تجعل من كل مرحلة من مراحلها عجائبية تزيد في توهجها. ماذا يقول التاريخ الرسمي لهذه المدينة؟ إنه يقول ان تاريخها الفعلي بدأ مع بداية خلافة سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - منذ جعلها ميناء لمكةالمكرمة خلفاً لذلك الميناء العتيق الشعيبة. هذا ما يقوله التاريخ الرسمي. لكن للتاريخ الشعبي اضافات اخرى لا يكتمل المشهد الدرامي لهذه المدينة الا بها! فما دام الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ارتضى بها ميناء لمكةالمكرمة، فهذا يعني ان هذا الحدث التاريخي والاقتصادي الخطير يحتاج الى ان يدشن، رسميا بحضور موكب الخليفة الراشد الى هذه المدينة، ليبدأ من حينها، تاريخها الفعلي. الى هنا والامور تسير سيرا طبيعيا، غير ان التاريخ على طريقة محبي هذه المدينة، يمعن في رصد الاحداث، وما يدور في الكواليس، واستطاع ان يرصد لنا هذا الحدث الذي قد يبدو مثيرا للدهشة - وبخاصة في مرحلتنا المعاصرة - ذلك الحدث مرتبط ب بحر الاربعين - وخاصة في ما يتعلق بتلوث البيئة الناتج من تلك الابخرة المنبعثة منه، بحيث ان اشد الناس حباً وهياماً لهذه المدينة، لا يمكنه السير بمحاذاته من دون ان يلف عمامته على انفه! هذا بالنسبة للعصر الحديث، وهذا بالنسبة لمن اراد ان يؤرخ لجدة الحديثة، والحديثة فقط، اما بالنسبة الى مؤرخ وسيطي كالحضراوي، فإن الامر مختلف، بل انه مختلف كلياً، الى درجة ان هذا المؤرخ وبالتالي سكان جدة من معاصريه - لا يجدون اي مانع - بل انهم يحبذون ذلك بصورة قطعية - الاغتسال بهذا البحر والاستشفاء بمائه!! فهذه البحيرة الملوثة كانت محوطة بالجلال والقداسة والبركة! فهذا الحضراوي يقول في كتابه الجواهر المعدة في تاريخ جدة - "ثم اعلم ان البحر الذي اغتسل فيه سيدنا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - هو المعروف الآن فيها ببحيرة الاربعين، وهو بناحية من ساحلها، ولم يزل اهل جدة الى الآن يعني في عصره! يغسلون مرضاهم فيه تبركاً كما هو المعهود..."!! هل نستطيع لملمة تلك المفاصل الرئيسية في التاريخ "الوجداني" لجدة؟ وما الحقيقي والاسطوري في تاريخها؟ ولدت مدينة جدة من الحقيقة، كما ولدت من الاسطورة! ذلك التداخل المائل في تعدد حقيقتها بتعدد حركة الحرف الاول من اسمها، فهي جِدة، جُدة، وجَدة، وكأنها نص قابل لكل انواع القراءات، فهي جِدة من الحداثة والتغير، وهي جُدة من ساحل البحر، وهي جَدة لأن أمنا حواء ارتضت بهذه المدينة مستقراً ابدياً لرفاتها الطاهر! إنها مدينة كل التأويلات، كما هي مدينة كل العصور! زارها البلخي فقال فيها: "وهي كثيرة التجارات والاموال، وليس بالحجاز بعد مكة اكثر مالاً وتجارة منها..."، ويصور الحميري ضخامة تجارتها بقوله: "وفي اعلى منازلها قباب محكمة، ويذكر اهلها ان من بلغ كسبه مئة الف دينار بنى على داره، يعلم بذلك أن كسبه قد بلغ العدد المذكور"! ولم تكن يوما ما على هامش التاريخ، لم يمر بها الركب النبوي في مهاجره الى يثرب، ولكنها استطاعت منذ عهد الخليفة الثالث ان تغدو الميناء الرئيسي للدولة الاسلامية الوليدة، وغفل عنها التاريخ ردحاً من الزمن، فعادت بعدها لتصبح اهم ميناء عربي لحركة التجارة العالمية في القرون الوسطى والمتأخرة، واصبحت - يقول بوركهارت - ليست ميناء لمكة فقط، ولكن "... يمكن اعتبارها ميناء لمصر، وللهند، ولشبه الجزيرة العربية... ان جميع صادرات هذه البلدان الى مصر تمر في ايدي تجارة جدة اولا. ولعلها نتيجة ذلك اغنى من أية مدينة اخرى بهذا الحجم في المناطق التركية...". افرط اهلها في عشقها، واحبها من قاده القدر الى سكناها، وفتنت الرحالة الاجانب بعوالمها الفنتازية. ولأنها تعشق الحرية والانطلاق اسس اعيانها وقد خافوا على مدينتهم من الاندثار بسبب حصار جدة حزب الاحرار الحجازي، وفرضت العقلية التجارية عليهم ان يغدوا ليبراليين ويطالبوا شريف مكة حينها - بملكية دستورية! ولأن التاجر يحب السلم، ويخشى عواقب الحرب، قاموا بأنفسهم بتسليم الملك عبدالعزيز مفتاح مدينتهم، فغدت من وقتها درة مملكته! ولأنها مدينة لا تعرف التجهم والعبوس حافظت على تركة الحجاز التاريخية، عندما استأثرت ب ظَرْف الحجاز، رقة ودلالا، وكأنها آلت على نفسها ان تخفف من اختناق العرب بالصحراء المحيطة بها احاطة القلادة بالمعصم! حيث ضمت هذه المدينة التي عشقت السهر في اوائل القرن التاسع عشر - كما احصى بوركهارت 0 17 مقهى، يتعاطى فيها ابناء هذه المدينة الشيشة، ومنذ ان يرى النادل مرتادي المقهى يطلق العبارة الحجازية الاثيرة في الترحيب، والتي سجلها بوركهارت جَبَا! ان جدة ما زالت مصرة على ان تكون مدينة المقاهي، وان كانت مقاهيها الفخمة المطلة على كورنيشها الساحر افتقدت عبارة "جَبَا"، التي ضاعت وسط لكنة العمالة الآسيوية، التي حلت محل يابات الحارة وأولاد البلد! جدة مدينة الحداثة والتغير، لكنها متمسكة بجذورها، التي تشعر انها تفتقد طعمها ولونها، لو فرطت فيها، تتغير الهياكل، وتصبح الأزقة شوارع وميادين، لكن - الى ذلك - تظل جدة التي تجبرك على الابتسام والبسط، على رغم شح المياه التاريخي فيها، تظل جدة التي رآها منذ قرنين بوركهارت بمقاهيها السبعة عشر، ومحلات الفول، وصانعي الفطائر المحلاة والحلوى الهندية والمربيات التي اسرت لب بوركهارت! والمقادم الكوارع، الى جانب محلات التبغ التي بلغ عددها - اوائل القرن التاسع عشر - 31 محلا! وهي التجارة التي كان لها ان تشكل مصدرا من مصادر خزانة الدولة - قبل النفط - كما يذكر فلبي، على الرغم من المعارضة الشديدة التي ابداها "الاخوان" عند دخولهم اليها! واهلها طيبون ومؤمنون، ولدت جدة وولد معها قبر أمنا حواء في الطرف الشمالي الشرقي من جدة القديمة، وأحبوا الأولياء فبنوا قبة العلوي في السوق المسمى باسمه! وتبركوا برجل صالح من مسلمي الحبشة اسمه عبدالرحمن الأسد، كان - كما يذكر عبدالقدوس الأنصاري - يعطيهم حُجُبا ويكتب لهم تمائم، ويقدم لهم بخورا لمقاومة الجند.."! ولما مات بنوا على قبره قبة، تحولت - في ما بعد - الى اشهر مقبرة في جدة، تحمل اسمه الاسد! وحرروا روحهم بالإنشاد الصوفي على الطريقة القادرية والمولوية والنقشبندية والبدوية! وحينما ازيلت هذه القباب وسويت القبور بمستوى الارض - بعد العام 1344ه - والغيت الفرق الصوفية، لم يتعصب اهلها، ولكنهم - بحكم التاريخ وحركته - قرأوا الخطاب السلفي على طريقتهم، استظهروه باللسان، وان لم يتجذر في الجنان كما هم، محافظين على تركة الحجاز التاريخية: ظرفاً، وخفة ظل، التي تظل من اهم سمات الحجاز تاريخيا - منذ ان عُرف في التاريخ، وحتى يرث الله الارض ومن عليها! رفض اهلها التتريك فبنى محمد علي زينل مدارس "الفلاح" عربية الوجه واليد واللسان، وعاف رجلها محمد سرور الصبان القصائد المخمسة والمسدسة من بقايا العهد التركي، قبل الثورة العربية الكبرى، فأصدر اول كتاب أدبي - في العهد السعودي - "ادب الحجاز"، وانتفض شاعرها الثائر محمد حسن عواد على المتنفذين من رجال الدين والمطوفين والوكلاء واصدر بيانه الصارخ "خواطر مصرحة" فطُرِد من وظيفته، وهاج به المتنفذون وطالبوا بتصفيته جسديا او نفيه.! وأنِف اهلها في القرن الثالث عشر الهجري ان يدوس القنصل الانكليزي بكندرته حذائه العلم العثماني المرفوع على سفينة احد ابناء المدينة، ثم رفع القنصل الانكليزي علم الانكليز على السفينة ذاتها! فما كان من اهل هذه المدينة الطيبين الا ان يثأروا للعلم العثماني رمز الدولة الإسلامية، ويعملوا القتل في تلك الحاشية، ومن بينها القنصل الانكليزي والقنصل الفرنسي... * كاتب سعودي.