بدأ السلام، أقلّه على المستوى الثقافي، يجد تعبيراته التي يكمّلها تحول المجتمع الاسرائيلي الى مجتمع تعددي. فالعرب والروس والمتدينون يضيفون ألوانا بعضها جديد الروس وبعضها خارج من قمقم الكبت والخوف العرب وبعضها مستجد نسبياً المتدينون، إلا أنها جميعاً تشاطر الغربيين الاشكناز دورة حياة لا يمكن الانفراد بها لأي طرف منها. وفي اطار بحث التحديات السلمية والتعددية عن تعبيراتها تندرج أعمال كثيرة بينها كتاب الاسرائيلي ذي الأصل العراقي نسيم رجوان "موقع اسرائيل في الشرق الأوسط - منظور تعددي" منشورات جامعة فلوريدا، 1998، 216 صفحة، حيث يدافع عن انتماء اسرائيل العضوي الى الشرق الأوسط، في الثقافة والاثنية والدين. ورجوان زميل أبحاث في "معهد هاري ترومان للأبحاث من أجل تطوير السلام" التابع للجامعة العبرية في القدس، وهو مؤلف "العرب يواجهون العالم الحديث: الاستجابات الدينية والثقافية والسياسية للغرب"، وقبله "يهود العراق: 3000 سنة من التاريخ والثقافة". كما يكتب حالياً مذكراته عن بغداد التي ولد فيها ونشأ. ودفاعه عن شرق أوسطية اسرائيل الذي يفضي به الى خلاصات سلمية مؤكدة، يحمله على الرجوع الى العلاقات السلمية والجوارية بين يهود المنطقة وبين العرب التي وجدت دائما، مكررا ان بؤس اليهود في عالم الاسلام لم يصل مطلقا الى مثيله في الغرب. وبمراجع دسمة عربية وعبرية وانكليزية، تحول دسامتها احياناً دون الاضطرار الى التحليل، يرصد تلك العلاقات منذ بداياتها في ما قبل الاسلام حتى الحاضر، كما يصف الأصول الايديولوجية والثقافية لاسرائيل، مستعرضاً الطريقة التي تعمل هذه الأصول بموجبها لتشكيل مواقف البلد حيال جيرانه. والهموم التي يعبّر عنها رجوان هي بامتيازٍ هموم الاسرائيليين اليهود من ذوي الأصول العراقية. فهم، تبعاً لدرجة تجذرهم في تربةالعراق، أحسوا لدى قيام اسرائيل وحرمانهم الجنسية العراقية بأزمة شخصية تعادل التضارب بين النصفين اللذين يتشكل منهما اليهودي العراقي: نصفه اليهودي ونصفه العراقي. لهذا ترى الحاح هذه البيئة على السلام وتبهيت الخلاف أو تسخيف أسبابه، نوعاً من مصالحة داخلية وشخصية، فضلاً عن كونها موقفاً سياسياً وفكرياً. وإذا كان المرء يستصعب ان لا يتفق مع النوايا السلمية الحسنة لرجوان، ومع رغبات شرق اوسطية ما بعد قومية، فقد يستصعب بالقدر نفسه أن يتفق مع الميل الداخلي للكتاب الى اعتبار النزاع شجاراً داخل العائلة الشرق أوسطية. ورجوان هنا، وان أضفى الحرارة "الشرقية" على طلب السلام، إلا أنه يشاطر "الغربيين" ضميرهم المعذّب ووعيهم الممزق اللذين يحملانهم أحياناً على تبسيط المشكلة، أو التخفيف من معاني 1948 للتركيز على ما حصل في 1967 بوصفه تاريخاً يتيماً. مع هذا فالكاتب ليس بحال من الأحوال ساذجاً أو مبشراً طوباوياً. فهو، منذ البداية، يرى أن من المؤسف ان جميع الذين هم دون الستين من الطرفين قضوا معظم حياتهم الناضجة والراشدة في العداء والكراهية، وما ترتب على ذلك من تصورات ومواقف ضدية، من دون ان تؤدي التطورات الايجابية كالمعاهدة المصرية - الاسرائيلية في 1979 الى تغييرات ايجابية في المجتمعات، علماً أن تطورات ايجابية لاحقة حدثت في النطاق السياسي. ومفاد الأطروحة المركزية للكتاب ان اسرائيل جزء عضوي من الشرق الأوسط، أو هذا ما ينبغي أن يكون، فلا يتوقف الأمر عند اقامة علاقات جيدة بينها وبين منطقتها. ومن ايراد آراءٍ عربية رفض أصحابُها التأويلَ العنصري واللاسامي للصراع مع الدولة العبرية، الى الرد على كتابات اسرائيلية ويهودية تبالغ في الحديث عن العداء العربي والاسلامي لليهود، يرجع الكاتب الى حقب تاريخية كالحقبة الاندلسية، ليلاحظ ان الموحدين، مثلاً، لم تكن حركتهم موجهة ضد اليهود وحدهم، بل طالت الجميع مسلمين وغير مسلمين. ولا يعوزه الاستشهاد بكتّاب ومؤرخين يهود شهدوا لمصلحة التكافل والتضامن Symbiosis المسلم - اليهودي في التاريخ المشترك. ويذهب رجوان أبعد من ذلك، اي الى علاقة الشعبين ما قبل ظهور الاسلام، وهي طريقة في المعالجة "الحضارية" التي تقفز فوق الخلاف السياسي والخلاف على الأرض، أو تحيلهما أجزاء تفصيلية منها. بيد ان المشكلة الدائمة للنظرة هذه ان ما حصل في 1948 لم يكن من نتاجات تصدع في التاريخ المحلي وعلاقات جماعاته من دون اي تجميل لذاك التاريخ وتلك العلاقات. فهو، في المقابل، طرأ أساسا بنتيجة عنصر خارجي، أوروبي، هو النازية والمحرقة. وفي هذا المعنى يلوح أحياناً ان ما يفعله رجوان وغيره من تخفيف حدة العداء في التاريخ المشترك، وبالتالي التخفيف من الأذى الذي أنزله اليهود بالعرب والعرب باليهود، أقل افادة من اعلان الأمور على طبيعتها البشعة تمهيداً لمواجهتها وتذليلها. في الحالات كافة يدين المؤلف "اسطورة اللاسامية العربية" معتبراً ان هذه اللاسامية لم تظهر إلا مع الحركة الأصولية، وذلك بسبب الهزائم والاخفاقات العربية، وصعوبات تعريف العلاقة بين دولة اسرائيل والصهيونية من جهة وبين اليهود واليهودية من جهة أخرى، فضلاً عن دور بعض الكتاب المسيحيين العرب في نقل اللاسامية. لكن يبقى أن اللاسامية هذه غريبة تماماً عن تقاليد الاسلام العربي. فهي، حصراً، ظاهرة مسيحية، فيما يندرج بؤس يهود الاسلام في خانة بؤس شمل الجميع تبعاً لتردي المجتمع والثقافة في العالم الاسلامي. وهذا ما يحمله على الرد على المثقفين اليهود ممن بالغوا في التركيز على "لاسامية الاسلام" بحيث كادت تتعدى عندهم لاسامية المسيحية. ولا تفارق القسم الأول من الكتاب تجربة التعايش الاسبانية الشهيرة التي ولّدت ابن ميمون ميمونيدس وكانت المركز اليهودي الأهم بعد بابل وعصرها التلمودي. وعلى العموم فإن التلاقح الثقافي الخصب بين المسلمين واليهود لم يعن هضم الثقافة اليهودية ومحو خصائصها. صحيحٌ أن تهماً مسلمة وجهت الى اليهود بتزوير التوراة الا أنها ظلت تهماً محصورة التداول فضلا عن انحصارها في مواضع بعينها من الكتاب التوحيدي الأول. وأهم من هذا أن اليهود كتبوا عبريتهم بالحرف العربي حتى حين كانوا يتناولون مسائل ونصوصاً تخص ديانتهم. هكذا نشأت لغة يهودو - عربية تضرب جذرها القديم في بابل، فبدت أقل اضطرارا من العربية للانضباط بالقيود الكلاسيكية التي التزمها المسلمون. ولئن أفادت العربية من هذا الاسهام اليهودي، فإن العبرية أفادت أيضاً لأن تبني العربية حصل في زمن كان الأدب العربي شديد التطور، ومثله القاموس الفقهي الاسلامي. وتعدى الأمر اللغة "فكان من المحتم ان يكتسب اليهود طرق التفكير العربية" وكذلك "الأشكال الأدبية العربية، وحتى التصورات الدينية الاسلامية". ويستشهد رجوان بالبروفيسور غويتاين الذي يرى ان "اليهود استعملوا العربية لكل أنواع النشاطات الأدبية. وهم لم يستخدموها فقط لأغراض علمية وزمنية أخرى، بل أيضاً لشرح وترجمة التوراة او المشنه، ولأبحاث لاهوتية وفلسفية، ولمناقشة القانون والطقس اليهوديين، وأيضا لدراسة القواعد وعلم القواميس العبريين". وفضلا عن ابن ميمون انجب التلاقح اربعة فلاسفة يهوداً هم ابن غابريول وباهيا ابن باقود والشاعر الفيلسوف جودا هاليفي وجوزيف البو. غير ان الشعر المعبر عن التكافل العربي - اليهودي والذي كُتب بالعبرية على عكس النثر، ظل بالغ التأثر بمثيله العربي الذي شكل عنصر تشجيع على نشوء شعر عبري "زمني" مُحب للحياة ومنفتح على الملذات، وكان شعر موسى ابن عزرا، بهذا المعنى، أوضح الأدلة على تشابه موضوعات الشعرين العربي والعبري. لكن يبقى ان ميمون الثمرة الأهم للتلاقح، هو الذي صرف الذين جاؤوا بعده من مثقفي اليهود أعمارهم في التعليق عليه وشرحه. لقد تعدى تأثيره اليهودية الى مؤسسي الأرسطية المسيحية كألبرتوس ماغناس وتوما الاكويني اللذين اعتبرا انه عبّد الطريق الى نهج أرسطي مؤمن. وكائنة ما كانت آراء ابن ميمون بالاسلام والمسيحية، هو الذي ألّف بالعربية بأحرف عبرية، فقد اعتبره مسلمون كان آخرهم الشيخ مصطفى عبدالرازق من فلاسفة الاسلام، لأنه كتب وعبّر من داخل نطاقه الحضاري والثقافي. في المقابل عُزل يهود العالم المسيحي الأوروبي في الغيتوات وطُردوا. وفي الحروب الصليبية وفي حمأة الحرارة الدينية ضد المسلمين، وجد بعض الأوروبيين الفرصة ملائمة للثأر من اليهود الذين "صلبوا المسيح". أما طلب الأخيرين حماية الملوك فعنى أن يُنزل بهم الآخرون ضرائب أعلى، وهكذا تحول يهودي المسيحية سلعة يمكن أن يبيعها الأمير، كمصدر للضرائب، الى آخر. انهم، والحال هذه، لم يعودوا، في أوروبا، بشراً بل مجرد ملكيات تفرَض عليها الضرائب، وهو ما استمر حتى الثورة الفرنسية. وبدورها نشأت الغيتوات والمذابح التي تعرضوا لها في روسيا وبولندا، فضلاً عن حصرهم في مناطق لا يتجاوزونها، الأمر الذي استمر الى ما بعد تحررهم في أوروبا الغربية. وترك الغيتو تأثيراته النفسية التي لم يبرأ منها اليهودي حتى الآن. فهو بقي في الغيتو بينما كانت أوروبا تعيش النهضة والتنوير. وفيما انهارت الاقطاعية وشرع عالمها الذهني يتصدع، ظل يهودي الغيتو أسير تراتُب قديم وتحجّر فكري. وفي النهاية انتقلت أوروبا الى العقلانية وزاد انغراس اليهودي في الصوفية. وبكلمة: لم يكن من الممكن أن يولد ابن ميمون في الغرب. صحيح ان أعلى درجات التثاقف الأوروبي - اليهودي حصلت في المانيا، إلا أنها حصلت بالألمانية كما لم تَرق الى مثيلتها في العالم الاسلامي. ففي هذا الأخير تمكن المفكرون اليهود من ان يؤكدوا على يهوديتهم ويساجلوا مدافعين عن تفوقها في نظرهم. أما في المانيا القرنين 19 و20 فتم تقديم اليهودية وتبريرها بصفتها أرفع تجسيدات التفكير الألماني. لقد عاش يهود المانيا مهجوسين بكونهم يهوداً وراغبين في تحديث يهوديتهم الى درجة تذويبها. ومن الحالات الثقافية المعروفة وذات الدلالة حالة المؤلف الموسيقي أرنولد شوينبرغ 1874 - 1951 الذي تحول في 1898 الى البروتستانتية اللوثرية، بيد أنه بعد قيام النازية وانتصارها، عاد الى يهوديته: في المرة الأولى تحول لأسباب ثقافية لا دينية، وفي الثانية عاد لأسباب سياسية لا دينية. وإذا كانت الضغوط التي مارسها المجتمع الغربي على اليهود، لا سيما في أوروبا الوسطى والشرقية، قد دفعت الكثيرين من أعضاء الطوائف اليهودية البارزين الى البحث عن دورهم ومعناهم خارج دينهم وطائفتهم، فإن النسخة "المحدثة" لليهودية، وهي مجرد كاريكاتير عنها، لم تساعد المتحولين اليها على تجنب الضغوط القاتلة. لكن ما لا يشير اليه رجوان ان الغرب السلبي تحول مذاك ايجاباً، فيما الشرق الايجابي تحول سلباً. والكاتب وبعض اليهود الشرقيين لا يزالون مُسمّرين عند ما قبل هذين التحولين، بنوايا طيبة جداً يراد بها رأب الصدع بين النصفين المنصفين، اليهودي والعربي. مع هذا فهي نوايا ومواقف يمكن أن تنطوي على حمولة رجعية خصوصاً إذا ما أضيفت الى خواطر التقارب الديني وعالمه. وللمرء أن يتخوف من المنطق نفسه حين يستعمله البعض في وجهة أخرى، كحال بعض العرب الذين يقولون: ها قد أحسنا اليهم في التاريخ، وها هم يعاملوننا على هذا النحو. ذاك ان ربط اسرائيل ونشأتها، مرة ايجاباً ومرة سلباً، بتاريخ سحيق، ومن ثم ربط بشر الحاضر ببشر الماضي، أمر قابل لتأويلات متضاربة بعضها تحركه النوايا الحسنة وبعضها تحركه التجارب المريرة. وعلى أية حال فبوصول المؤلف الى الصراع العربي - الاسرائيلي، فإنه يميل الى تقديمه حدثاً لا يصمد لامتحان التاريخ والانثروبولوجيا والسوسيولوجيا. ذاك ان اليهود الذين عاشوا في العالم العربي الحالي، وبعضهم عاش فيه قبل العرب، هم يهود عرب. وهذا انما يستدعي، عنده، البحث في الأصول العربية لاسرائيل في موازاة التفكير بالتقارب بين الديانتين اليهودية والاسلامية. وصلاتٌ تاريخية كهذه سبق أن أرّقت اوروبيين كثيرين كأولئك الذين انتقدوا سياسة دزرائيلي حيال تركيا. ذاك ان تعاطف السياسي اليهودي البريطاني في أواخر القرن الماضي مع سلطنة بني عثمان ذكّرت الكثيرين بتكافل أبناء الديانتين وبتجربة اسبانيا. ويستدرك رجوان ملاحظاً ان التناقض العربي - اليهودي يبدو الآن كبيراً، بحيث يبدو من السخف التفكير ببناء تعايش على قاعدة الماضي والشراكة الدينية - الثقافية. فالحركات القومية، في زمن الحداثة، مطلقة. والصهيونية والقومية العربية لم تُخف أي منهما ان فلسطين ملك حصري لها. اما التهم الموجهة الى الصهيونية بالعداء للمنطقة والغربة عنها، فلم تفعل الصهيونية المتأثرة بالتمركز الأوروبي حول الذات، الا ما يعززها. فقد استمرت في تعاليها على العرب علماً بأن الصهيونية لم تكن مدانة عربيا قبل صعود القومية الحديثة، بدليل اتفاق فيصل ووايزمن في 1919. وما ينبغي لأي وعي صهيوني ان يستوعبه، فعلياً لا لفظياً، شرقية اليهود وقدم وجودهم في فلسطين. فأحد ثوابت التاريخ اليهودي يتمثل، بحسب ما يلح رجوان، في بقاء مركزهم الروحي هناك مركز صيانة للهوية الثقافية، كائنة ما كانت تغيرات العدو وتقلباته. ثم هناك دور ايجابي تستطيع ان تلعبه اسرائيل في خدمة محيطها وبلورة التفاعل معه، فاذا بالغ البعض في تضخيم هذا الدور، بقي ان الكثيرين لا يحبون القيام به أصلاً، أو انهم يفضلون القيام بعكسه. ويعود المؤلف الى تواريخ سحيقة كي يبرهن على وجود اليهود في المنطقة، مغلباً الكفة الاركيولوجية للمسألة، ومموهاً احدى المسائل التي لا بد من طرحها بوضوح كاف: فإذا كان لا بد، عربياً، من حضن اليهود العرب ورعايتهم، فإن السلام مع اليهود الغربيين هو الذي يسعه أن يفيد المنطقة بعربها ويهودها. وهذا ليس من قبيل المركزية الأوروبية التي يمقتها رجوان، بل من قبيل ضبط الفولكلورية التي تحمل عنوان "الانتماء الى المنطقة" في زمن يتجه الى العولمة والتواصل، من دون الغاء الطبيعة الخاصة للمنطقة بطبيعة الحال. وفي هذه الحدود فإن شرقنة اسرائيل وبال عليها وعلى محيطها في آن، من دون أية ضمانة بأن تحول هذه الشرقنة دون مزيد من العداء والتوتر، اذ حروب المتشابهين والاقارب أشرس دائماً من حروب المختلفين. لهذا فايحاءات المؤلف التي يمكن استخلاصها في ما خص "ليكود" و"العمل"، ونسيج المجتمع الاسرائيلي، تشي بقدر مضبوط من الشعبوية، الا ان رجوان يخرج منها الى اقتراح شرق أوسط ما بعد قومي يرى مقوماته في الضفة الأخرى، العربية، قريبة من النضج والاكتمال. فانحسار الموجات الراديكالية بعد هزيمة 1967، وتعدد المواقف العربية في ما بين الدول والنخب، كلها عناصر داعية الى التفاؤل. أما اسرائيل فبدورها لا يمكن أن تكون يهودية الا بمعنى ان اكثرية سكانها يهود، من دون ان يجعلها هذا يهودية كما فرنسا فرنسية. وما بين واقع اليهود غير الاسرائيليين والاسرائيليين غير اليهود، يمكن القول بتناقضات هائلة يصعب حلها من ضمن نطاق الدولة القائمة، كي لا نقول من ضمن عالم النزاعات والحروب. بيد ان التوصل الى سلام تقر فيه اسرائيل بشرق أوسطيتها، ويقبلها فيه العرب بوصفها كذلك، أمر لا يفضي اليه تفتت الطرفين أو شعورهما بالمأزق. وربما كان هذا الشعور مدخلاً الى مزيد من التصعيد الكارثي في الجانبين على أمل تلافي المأزق، أو تعبيراً عن القوى التي تصعد في العادة إبان المآزق والانسدادات. * كاتب ومعلّق لبناني