بعد طول انتظار، أصدرت الحكومة الإسرائيلية أمراً رسمياً بالبدء في انسحاب عسكري من تسعة في المئة من أراضي الضفة الغربية، وذلك في اعقاب تنفيذ السلطة الفلسطينية آخر الشروط التي وضعتها إسرائيل عليها لتنفيذ الانسحاب. وعبر آلاف الناس في شوارع مدينة جنين عن ابتهاجهم بهذا الانسحاب الأول من أراضي الضفة منذ نحو عامين. ورحبت واشنطن ببدء اسرائيل باعادة نشر قواتها في الضفة الغربية، فيما حددت وزارة الخارجية الاميركية امس نهاية الشهر الجاري موعدا لانعقاد مؤتمر الدول المانحة للمساعدات للسلطة الفلسطينية. وقال مسؤول في الوزارة ان الولاياتالمتحدة دعت 50 دولة للمشاركة في هذا المؤتمر الذي سيعقد ليوم واحد في 30 الجاري برئاسة وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت. يذكر ان واشنطن دعت قبل 5 سنوات الى مؤتمر مشابه جمع خلاله مبلغ 9،3 بليون دولار اميركي من المساعدات على مدى السنوات الخمس الماضية. وقال المسؤول ان واشنطن تأمل بجمع مبلغ مشابه للسنوات الخمس المقبلة خصوصاً ان حاجة السلطة الفلسطينية الان اكبر من حاجتها سابقاً. وصوّت سبعة وزراء إسرائيليين لصالح القرار، فيما صوّت خمسة وزراء ضده، وامتنع ثلاثة منهم عن التصويت بعد جلسة استثنائية مطولة بحث خلالها "مدى التزام السلطة الفلسطينية بتعهداتها" الواردة في اتفاق واي ريفر. وتخلل الجلسة مشادات كلامية بين وزير الخارجية الإسرائيلي ارييل شارون من جهة، والوزيرين رفائيل ايتان واسحق ليفي المعارضين للاتفاق، هدد خلالها ايتان بالاستقالة إذا ما أقرت الحكومة تنفيذ الانسحاب. وأكد رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية عامي ايلون ورئيس أركان الجيش شاؤول موفاز خلال الجلسة ان السلطة الفلسطينية نفذت كل تعهداتها. وأشارا إلى أنها اعتقلت عدداً من المطلوبين الفلسطينيين "فاق ما طالبت به إسرائيل". وبدأ العد التنازلي لتنفيذ الانسحاب الإسرائيلي الكامل من نحو 400 كيلومتر مربع من شمال الضفة الغربية في القرى الفلسطينية التي تقع بين مدينتي جنين ونابلس، ونحو 110 كيلومترات مربعة ستكون السيطرة الفلسطينية فيها مقتصرة على إدارة الشؤون المدنية للمواطنين الفلسطينيين. وجاء قرار الحكومة الإسرائيلية تنفيذ المرحلة الأولى من الانسحاب بعد فترة وجيزة من إصدار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مرسوماً رئاسياً يحظر التحريض على العنف. ونص المرسوم، الذي تلاه الأمين العام للرئاسة في السلطة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم في مدينة الخليل فور وصول عرفات إليها، على معاقبة كل من "يحرض على التمييز العنصري ويشجع على أعمال العنف أو يحرض ضد الديانات أو على استعمال العنف أو التحريض عليه". كذلك حظر المرسوم، الذي وقعه عرفات، التحريض "على خرق الاتفاقات الموقعة مع الدول الشقيقة والأجنبية". وأعلن عرفات أن المرسوم يصبح قانوناً ساري المفعول فور نشره في الوقائع الفلسطينية. وأعلن سكرتير الحكومة الإسرائيلية عن تسلم تل أبيب نسخة من مصادقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على إلغاء بنود في الميثاق الوطني تدعو إلى تدمير إسرائيل. وقال دان نافيه إن ثلثي أعضاء اللجنة صادقوا على رسالة عرفات إلى الرئيس بيل كلينتون في هذا الخصوص. غير أن التزام السلطة الفلسطينية بحذافير الاتفاق لم يمنع الحكومة الإسرائيلية من مخالفته في ما يتعلق بالدفعة الأولى من المعتقلين الفلسطينيين الذين من المقرر أن تفرج عنهم إسرائيل اليوم الجمعة. وأكد مسؤول ملف المعتقلين الوزير هشام عبدالرازق أن الشرطة الإسرائيلية قدمت قائمة باسماء 250 فلسطينياً تتضمن اسماء 100 معتقل سياسي فقط، فيما تشمل بقية القائمة أسماء سجناء جنائيين. وقال عبدالرازق في تصريح ل "الحياة" في ختام لقاء مع ممثل عن وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلي، إن القائمة التي قدمتها إسرائيل "مرفوضة فلسطينياً". وأضاف: "اننا لم نذهب إلى واي ريفر للمطالبة بالافراج عن سارقي سيارات"، مؤكداً أن السلطة الفلسطينية لن تسمح للسجناء الجنائيين بدخول الأراضي الفلسطينية الخاضعة للسلطة. وزاد: "طلبنا من الأميركيين التدخل لحل هذه المشكلة التي تخالف ما ورد في اتفاق واي الذي كانوا شهوداً عليه".