يبدي القطريون تعاطفاً متزايداً مع "الشعب العراقي" ويتحدثون بمرارة عن معاناته. وكانت لجنة أهلية قطرية زارت بغداد في السابق ونقلت معونات غذائية. ولا يخفي مواطنون تحدثوا الى "الحياة" غضبهم وازدراءهم للتحركات الاميركية الحالية، لكن الحياة في الدوحة تسير بشكل طبيعي ولا يوجد أي مظهر من مظاهر التوتر أو الخوف سوى القلق من ازدياد اوجاع العراقيين في حال قيام واشنطن بتوجيه ضربة عسكرية جديدة لبغداد. ويلاحظ ان الصحف القطرية تركز على تفاعلات الأزمة الراهنة بين العراق والامم المتحدة وتشير الى ان الضربة باتت في حكم المؤكد "توجيهها للعراق" كما دعت "الحكومة العراقية الى العودة عن قرار وقف التعامل مع المفتشين الدوليين" مشيرة الى "حجم الخراب الذي ستلحقه الضربة العسكرية". وكان لافتاً ان صحيفة قطرية انتقدت وزراء خارجية دول اعلان دمشق الذين عقدوا اجتماعاً في الدوحة الاسبوع الماضي قائلة: "كنا نتوقع ومعنا شعوب الدول الثماني دول مجلس التعاون الست ومصر وسورية رؤية موحدة باتجاه الوقوف الى جانب الشعب العراقي من خلال تبني خطوات محددة بعيداً عن الجمل الانشائية والعبارات الفضفاضة". وقالت: "كنا نتوقع من منظومة اعلان دمشق تبني موقف أكثر حسماً وحزماً باتجاه الانحياز الكامل السياسي والديبلوماسي للأزمة الراهنة". وتساءلت "الراية" في كلمة افتتاحية: "ما الذي منع الوزراء وزراء خارجية دول اعلان دمشق من ارسال وفد الى بغداد يحمل رسالتين الأولى للقيادة العراقية لحثها على التراجع عن قرارها الذي أفرز الأزمة الراهنة والثانية الى الشعب العراقي الذي يعيش حالاً من الأسى والمعاناة غير مسبوقة في تاريخ البشرية". وكانت دول إعلان دمشق حملت العراق مسؤولية تداعيات الأزمة الراهنة وذلك في بيان أصدروه الخميس ورأى بعض الناس ان البيان شكل "صدمة" قائلين ان "تحميل الرئيس العراقي صدام حسين وحده مسؤولية الأزمة يعني تحييد مصر وسورية اذا وقعت ضربة للعراق". ويتساءل كثيرون عن الهدف النهائي للتحركات الاميركية الحالية ويقولون ان أي ضربة جديدة لن تزيد إلا معاناة الشعب العراقي ولن تؤدي الا الى تعاطف شعبي عربي متزايد مع العراقيين. ويضيفون متسائلين: هل الهدف الآن هو اطاحة صدام؟ ويردون بأن الاميركيين غير جاهزين لهذا الهدف حالياً كما ان الجو والشارع العربي لا يقبل هذا لأنه تدخل في شؤونه الداخلية". لكن آخرين يرون ان قرارات اجتماع وزراء اعلان دمشق والمناخ الدولي عموماً تؤكد "عزلة صدام" ويقولون انه أثار الأزمة الراهنة في توقيت غير مناسب، خصوصاً ان الأمين العام للامم المتحدة كوفي انان لن يستطيع هذه المرة التدخل لنزع فتيل الأزمة كما حدث في الأزمة السابقة التي زار خلالها بغداد في شباط فبراير الماضي. ويرى مراقبون ان اميركا نجحت حالياً في "تحييد الحكومات العربية اذ لم يتحرك احد حتى الآن تحركاً فاعلاً للمساهمة في احتواء الأزمة" لكنهم يقولون ان الرئيس صدام حسين لو مات فجأة لوجدت اميركا نفسها في حيرة وأزمة اخرى. ويعزون ذلك الى ان واشنطن "تريد استمرار عدم الاستقرار في منطقة الخليج في سبيل تحقيق المزيد من المصالح". ولفت مرجع على اطلاع واسع بملفات الأزمة الى ان "المأزق الحالي اميركي في المقام الأول لأن العراقيين ليس لديهم ما يخسرونه" و"إذا لم يضربوا الاميركيين بغداد، فإن صدقيتهم ستكون في مهب الريح، واذا ضربوا ولم تؤثر الضربة تأثيراً كبيراً فهذه مشكلة جديدة لواشنطن ايضاً". وتساءل: هل ستحسم اميركا موضوع النظام العراقي هذه المرة لتضع العرب والعالم أمام الأمر الواقع؟ وفيما ندد متابعون للشؤون العراقية "بالمسرحية الرابعة" لصدام حسين الأزمة الحالية، مشيرين الى ان تجارب سابقة تؤكد انه يسعى الى "تحقيق بعض المكاسب ثم ينسحب ويتراجع عن مواقف التصعيد"، فإن الرأي العام القطري يرى ان العقوبات سببت معاناة كبيرة للشعب العراقي، اذ مات نحو مليون ونصف مليون طفل بسبب سوء الأوضاع الصحية والغذائية. ولفت قطريون الى ان الرئيس الاميركي بيل كلينتون يستعرض "عضلاته" مرة اخرى بعدما "تجاوز أزمة مونيكا وقضية واي بلانتيشن والانتخابات الأخيرة"، والآن "تفرغ للعراقيين" و"ملأ سماء الخليج بالأقمار الاصطناعية التي يُرى وميضها من مسافات بعيدة بالعين المجردة من وقت لآخر" وهي ترصد كل شيء انتظاراً لصدور قرار مدمر