أعلنت في الخرطوم امس تعديلات اساسية في نظام "المؤتمر الوطني" التنظيم السياسي الحاكم في السودان ألغيت بموجبها منه دائرة الأمن وأقصي القضاة من عضويته. من جهة اخرى، كشف الدكتور حسن الترابي رئيس المجلس الوطني البرلمان السوداني الملامح العامة لقانون الانتخابات الجديد وقال ان 25 في المئة من مقاعد البرلمان المركزي سيتم تعيين شاغريها وسيكون ثلثها للنساء والثلثان للعلماء واساتذة الجامعات والفئات الخاصة التي اسماها "الفئات الشعبية المنفتحة على السياسة". وأشار الى ان برلمانات الولايات وعددها 26 سيطالها التعديل في عدد الأعضاء والمهمات. اذ يراوح عدد النواب فيها ما بين 48 و80 اتساقاً مع عدد السكان في كل ولاية. وأضاف الترابي الذي كان يتحدث امام "الملتقى التفاكري التنسيقي بين المجلس الوطني والمجالس الولائية" ان عدد نواب البرلمان المركزي سينخفض وان مخصصاتهم ستتساوى مع زملائهم في الولايات، وان قانوناً خاصاً بالمخصصات سيصدر حتى لا تتكرر المشاحنات التي دارت بين بعض البرلمانات الولائية وبين الولاة في شأن الحوافز المالية والمخصصات. واعتبر الترابي ان التجارب البرلمانية في السودان ما زالت فقيرة وان تشريعاتها يشوبها الكثير من الثغرات. وقال ان العديد من القرارات التي اصدرها البرلمان الحالي لم تجد استجابة من الجهاز التنفيذي. وأوضح ان قرار المجلس ملزم سياسياً لا قانونياً. لكنه أشار الى ان القرارات التي تصدر في صورة قانون واجبة التنفيذ قانونياً ويمكن ان يحاسب عليها الوزير المعني. وأقر الترابي ان المخصصات التي تدفع للنواب والموازنة التي تحكم عمل البرلمان على المحورين المركزي والولائي غير مرضية. وعزا ذلك الى تأثير حرب الجنوب، اذ ان جل الموارد المالية وجه لوزارة الدفاع. ووعد البرلمانيين بتحسن محدود في الحوافز. الى ذلك، أصدر الدكتور مجذوب الخليفة والي الخرطوم قراراً جمد بموجبه قضية الأراضي المتنازع عليها في منطقة الرميلة وسط الخرطوم الى الوضع الذي كانت عليه قبل المواجهات الدامية نهاية الاسبوع. ويشكل الوالي لجنة عليا لرفع توصيات عاجلة في شأن الأرض المتنازع عليها بين مواطني الرملية والسلطات الولائية التي باعتها كأراض سكنية في اطار خطة بيع الأراضي لتمويل جسر أم درمان الجديد. وتقرر إلغاء دائرة الدفاع والأمن في المؤتمر الوطني التنظيم الحاكم في اطار تعديلات جوهرية في النظام الاساسي للمؤتمر لينسجم مع مواد قانون التوالي الاحزاب الذي يحظر انتماء العسكريين الى اي من التنظيمات السياسية. وقال محمد آدم هقواب رئيس لجنة الاتصال في المؤتمر الوطني لصحيفة "الرأي العام" المستقلة ان المؤتمر قرر حل الدائرة رغم ان رئيسها الفرىق المتقاعد حسان عبدالرحمن وغالبية اعضائها من العسكريين المتقاعدين وذلك لدرء الشبهة وطمأنة القوى السياسية الاخرى الى ان المؤتمر يؤمن على قومية القوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى، ولا يسعى الى استقطاب سياسي داخلها. وأشار الى تعديلات مرتقبة في القطاعات الاخرى داخل المؤتمر كالقطاع القانوني والقطاع الاداري لإسقاط عضوية القضاة وقيادات الخدمة المدنية الذي حظر عليهم القانون الانتماء السياسي، لكنه لم يحرمهم من حق التصويت. وعن وضع الرئيس السوداني الفرىق عمر البشير كرئيس للمؤتمر الوطني في ظل تحريم القانون للعسكريين بالعمل السياسي، قال هقواب ان البشير منتخب ولا تنطبق عليه تلك المادة من القانون. لكن الدكتور معتصم عبدالرحيم مسؤول المؤتمر في ولاية الخرطوم قال ان معالجة قانونية سياسية قد تتم في الحال القانونية للبشير، ملمحاً الى امكان الاستهداء بالتجربة اللبنانية الأخيرة التي عدلت الدستور ليتولى العماد اميل لحود رئاسة الجمهورية، لكنه أقر امكان ان يتخلى البشير عن البزة العسكرية ليحتفظ برئاسة المؤتمر الوطني ورئاسة الجمهورية ان كانت المصلحة الوطنية تقتضي ذلك. على صعيد آخر، حذر كيان الأنصار الذي يدين بالولاء للسيد الصادق المهدي من توتر الوضع في جامعة أم درمان الاهلية، احدى كبريات الجامعات السودانية، وقال عبدالمحمود آبو الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار ان الجامعة تحولت ثكنة عسكرية وان "الطلاب الاسلاميين المدعومين من السلطة باتوا يستعرضون قوتهم بصورة استفزازية داخل حرم الجامعة ومنعوا التنظيمات الاخرى من ممارسة نشاطها" احتجاجاً على مقتل احد الطلاب الاسلاميين على يد طالب من جماعة "حق" المنشقة عن الحزب الشيوعي السوداني، استناداً الى اتهامات الطلاب الاسلاميين الذين وزعوا منشورات واحاطوا الجامعة بالملصقات التي تحدد اسماء ثلاثة طلاب من جماعة حق قالت انهم قتلوا زميلهم، واجزمت بأن "القصاص" ينتظرهم. إزاء هذا الوضع قدم عبدالله بابكر نائب دائرة حنتوب في المجلس الوطني استجواباً عاجلاً الى وزير التعليم العالي عن العنف في الجامعات ومقتل اكثر من طالب خلال شهر واحد في مواجهات طلابية ودعا طلب الاستجواب الذي يرد عليه الوزير خلال الاسبوع الى توضيح الاجراءات التي اتخذتها السلطات لحماية أرواح الطلاب. لكن حمدي سليمان رئيس الاتحاد العام السوداني الموالي للحكومة، نفى ان تكون مؤسسات الدولة، خصوصاً النظامية منها طرفاً في العنف الطلابي في الجامعات. وقال ان قوات الأمن أو الشرطة لا تمالي فصيلاً ضد آخر وشدد على ان الاتحاد يرفض العنف أياً كان مصدره. وكشف عن ميثاق للشرف الطلابي يعكف الاتحاد على اعداده ليكون حلاً حاسماً لظاهرة العنف الطلابي الذي أودى بأكثر من عشرة طلاب خلال الاعوام القليلة الماضية. وجدد اصرار الاتحاد على مواصلة جو الحريات المتوافر الآن في الجامعات، وقال ان الحكومة لم تتدخل حتى الآن لحظر النشاط السياسي لأي فصيل، حتى تلك التي يحارب قادتها النظام من الخارج أو تلك التي ترفض تطبيق الشريعة الاسلامية