اتهم الرئيس السوداني عمر البشير شركاءه في «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بتقييد العمل السياسي في اقليمجنوب البلاد الذي يتمتع بحكم ذاتي. وقال إن الجنوب تحكمه منذ توقيع اتفاق السلام الاستخبارات العسكرية التابعة لجناحها العسكري «الجيش الشعبي لتحرير السودان»، وهدد «الحركة الشعبية» بالمعاملة بالمثل وحظر عملها في الشمال إذا لم تتراجع عن تلك الممارسات. وحمل البشير لدى مخاطبته مجلس شورى حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم أمس في شدة على «الحركة الشعبية»، وقال إنها تحظر نشاط الأحزاب الأخرى في الجنوب بما فيها حزبه الحاكم. ودعا الى إقامة حكم مدني وإعادة «الجيش الشعبي» إلى ثكناته وفتح الباب أمام كل القوى السياسية. وتابع: «بعد أربع سنوات من اتفاق السلام، لا تزال استخبارات الجيش الشعبي تعتقل وتسجن وتصادر وتحاكم». وقال البشير: «نريد من إخواننا في الحركة الشعبية أن يعملوا على قيام حكم مدني في جنوب السودان وأن تنسحب قواتها من الطرق والمدن وترجع إلى ثكناتها، وأن يتم تطبيع الحياة المدنية في جنوب السودان». وقال الرئيس السوداني بلهجة غاضبة: «إذا كانت الحركة الشعبية تظن أنها تقفل الجنوب في وجه القوى السياسية، وتأخذ (في الوقت ذاته) حريتها في شمال البلاد وشرقها وغربها، فنحن نقول إن المعاملة ستكون بالمثل. العين بالعين والسن بالسن»، مشيراً الى أنه سيبعث بقيادات من حزبه الى الجنوب لممارسة نشاط سياسي هناك. وانتقد البشير المعارضة، واتهمها بالسعي الى تعطيل الانتخابات عبر التشكيك في نتائج التعداد السكاني. وشدد على ضرورة اجراء الانتخابات الرئاسية البرلمانية في موعدها المقرر العام المقبل لقطع الطريق أمام معارضيه الذين يحاولون التشكيك في شرعية حكومته في حال تأجيل الانتخابات، ويطالبون بحكومة انتقالية واعتبرهم «واهمين». وزاد: «لن نفرط في أمن البلاد واستقرارها وسنتحمل مسؤوليتنا كاملة ولن ندعها للذين يحاولون تمزيقها». كما هاجم البشير مطالب المعارضة بتعديل قانوني الصحافة والامن باعتبارهما مقيدين للحريات، وقال إن أي حرية لا تقيد بقانون تصبح فوضى، مشيراً الى أنهم يريدون «صحافة منفلتة وجهاز أمن بلا صلاحيات». وأضاف أنه لن يقبل ب «جهاز أمن ليس لديه أنياب وأظافر»، لافتاً الى أن بلاده مستهدفة ويجب أن يكون لجهاز الامن صلاحيات لردع الاعداء ولكن لا يتعدى على الحريات الشخصية للناس. إلى ذلك، أعربت بعثة الأممالمتحدة في السودان عن قلقها البالغ حيال تردي الأوضاع الأمنية في جنوب البلاد. وقال المبعوث الأممي في الخرطوم أشرف قاضي إن للصراعات القبلية في الجنوب تأثيراً كبيراً في اتفاق السلام. ودعا قاضي طرفي الاتفاق إلى تنفيذه سلمياً وبنجاح، محذراً من خطر انهياره ووقف النار. وفي تطور آخر، نفت «الحركة الشعبية» معلومات راجت أخيراً عن محاولة اغتيال زعيمها رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت قبل شهرين في الجنوب. ونفى ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة رواية بثتها مواقع الكترونية عن شخص يدعي تونق رو رو حاول اغتيال سلفاكير عندما تسلل الى غرفته الخاصة ليلاً في عاصمة الاقليمجوبا. واعتبر عرمان نشر أخبار مغلوطة وأكاذيب في مواقع السودانية محاولة من بعض الجهات للإساءة الى هذه المواقع لتدميرها وإغلاقها. وأضاف أن محاولة تفجير مقر «الحركة الشعبية» في الخرطوم الاسبوع الماضي كانت تستهدفه، مشيراً إلى أنه لا يستطيع كشف هوية الجهة التي تقف خلف المحاولة. واعتبرها نتاجاً لمناخ خلقته جهات أصدرت فتوى بتكفيره و «جهات إعلامية معروفة ظلت تشيع مناخ الكراهية والفتنة الدينية والإثنية». وكان جسم انفجر أمام مقر «الحركة الشعبية» في الخرطوم، ولكن كان تأثيره محدوداً. من جهة أخرى، أعلنت الحكومة السودانية أمس أنها متحسبة لتقرير يقدمه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو أمام مجلس الأمن يوم الجمعة المقبل، عن قرار المحكمة توقيف الرئيس عمر البشير ومدى تعاون الخرطوم. وأشارت الى اتصالات ديبلوماسية حثيثة تقودها لاحتواء الآثار المترتبة على التقرير. وتوقعت الخارجية السودانية عدم اتخاذ مجلس الأمن أي اجراء جديد حيال تقرير أوكامبو. ورأت أن اتصالاتها الديبلوماسية ستحقق نتائج بغض النظر عن محتوى التقرير. وكشف وكيل الخارجية السودانية بالوكالة السفير علي يوسف عن جهود ديبلوماسية حثيثة تقودها وزارته لاحتواء نتائج تقرير اوكامبو، واتهمه بالسعي الى تعطيل جهود السلام في دارفور، مرجحاً أن ينحصر اجراء مجلس الامن في الاستماع الى التقرير. وأشار الى أن اجتماع مبعوثي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الاوروبي في الدوحة أخيراً أكد التزام حكوماتهم دعم عملية السلام في دارفور قبل النظر في تحقيق العدالة في الاقليم. وكان أوكامبو أعلن على هامش مؤتمر القانون في الدوحة أول من أمس أنه سيقدم تقريراً الى مجلس الأمن في خصوص تطورات قضية مذكرة الاعتقال الصادرة في حق البشير، إلى مجلس الأمن في هذا الشأن خلال أسبوع. وأضاف: «نحن محكمة دائمة. في إمكاننا الانتظار لسنتين، ونقدم الحماية لضحايا من المسلمين والأفارقة يزيد عددهم عن مليونين ونصف المليون تعرضوا للتدمير من البشير. ولهذا من المهم أن نجد حلاً لهذه القضية الآن». واعتبر البشير هارباً من العدالة. تشييع النميري من جهة ثانية، شيع آلاف السودانيين يتقدمهم الرئيس عمر البشير أمس جثمان الرئيس السوداني السابق جعفر النميري الذي توفي يوم أول من أمس. وبدأت مراسم التشييع في القصر الرئاسي في الخرطوم حيث أُقيمت له جنازة رسمية، ومن ثم حُمل على ناقلة عسكرية تحرسها سيارات مدرعة على ظهرها مدافع الى أم درمان التي ولد وعاش فيها خلال أيام صباه. وحمل كبار ضباط الجيش الجثمان الذي سجي بالعلم السوداني. وعقب الصلاة على الجثمان في استاد ود نوباوي الرياضي، حُمل جثمان النميري ترافقه الموسيقى العسكرية وخلفه البشير ومجموعة من الوزراء ورفاقه خلال فترة حكمه، ووري الثرى في مقبرة أحمد شرفي في أم درمان. وأقيمت سرادق العزاء فى منزل أسرته المتواضع في حي ود نوباوي الشعبي.