عندما ارتقت ليلى علوي المدرج العريض ذا البساط الأحمر لحضور العرض العالمي لفيلم "المصير" في دورة العام الفائت لمهرجان كان، كانت كمن يدخل حلماً. يومها لم تكن جديدة على أكبر مهرجان سينمائي في العالم. ولم تكن جديدة حتى على ارتقاء درجه الشهير. كل ما في الأمر أنها في السابق كانت ترتقيه كمتفرجة متميزة، لكنها هذه المرة ارتقته كنجمة. بعد ذلك بزمن ستقول ليلى إنها كانت تفضل أن تظل دائماً متفرجة ف "ليس أتعب من أن تكون نجماً. فالنجومية ساعة أو ساعات، التصفيق عريض وسريع ومكبل، أما المتفرج فدائم، طيب، ومنعش". ليلى علوي متفرجة من طراز رفيع. ندر أن أحبت فن السينما ممثلة من طرازها. عندما كانت تحضر "كان" في دورته السابقة، كانت بثياب بسيطة تتناقض مع تركيبية ثياب نجمة أخرى من طراز فيفي عبده - وهي الأخرى من معتادات المهرجان نفسه - كانت تركض من فيلم إلى آخر، تحضر أصعب الأفلام، وترتاح بعد ذلك إلى طاولة مقهى بسيط مع نقاد من أصدقائها تناقشهم في أدق التفاصيل وفي أصعب المعاني. ومن يرى ليلى علوي في مثل تلك الحالات، لن يخمن، أبداً أنها واحدة من نجمات الصف الأول في السينما المصرية، بل ربما يعتبرها البعض النجمة الأولى. خصوصاً وأن الكثيرين يرون ان ما ترتضيه لنفسها من مقاييس جسدية لا يتلاءم مع النجومية المعهودة بأي حال من الأحوال. أمام الأفلام الجيدة، وأمام النقاد الجادين، تنقلب ليلى علوي إلى هاوية سينما من طراز رفيع، وإلى تلميذة تستمع وتسجل في ذاكرتها العجيبة. ذاكرة ليلى علوي مدهشة، تعرف الناس، تعرف ماذا يكتبون، تعرف ماذا يلبسون... وفضولها مدهش أيضاً. ما أن تراك حتى تمطرك بالأسئلة: تسأل حول السينما حول الفن عموماً، حول الصحافة، حول الحياة، حول البلدان العربية حول المدن حول المتاحف، وحول عالم النجوم من قبلها. تؤمن ليلى علوي بأشياء كثيرة، لكنها تؤمن قبل أي شيء آخر بالصداقة. وحين تقول لها انك تعرف أن غدراً كثيراً نالها من الأصدقاء، تنظر بوجهها الطفولي وعينيها الصافيتين إلى البعيد، كمن يستعرض شريطاً ثم تقول وقد رسمت على شفتيها الجميلتين ابتسامة هادئة: "معلهش. الله يسامحهم". وليلى علوي التي تفضل الاصغاء إلى من ينتقدها أكثر مما تصغي إلى من يمتدحها، تعرف ان لديها عيوباً كثيرة "مثل أي انسان طبيعي" تقول لك وتضيف "لكني أحاول ان أصلح عيوبي". وتبتسم ليلى حيث تشير إلى واحد من عيوبها الأساسية وزنها الزائد عن اللزوم، وتقول: "الله... انت مش عارف ان الجمهور عاوز كده"، ثم تضحك، لأنها هي نفسها لا تصدق هذه العبارة. وتعرف أن الجمهور يريدها حقاً رشيقة لتتناسب رشاقتها مع جمالها الاخاذ، ولكن ما العمل؟ الرشاقة تحتاج إلى وقت وفراغ واستعداد نفسي وليلى علوي دائماً مشغولة: مشغولة بأفلامها، بأصدقائها، بالنقاشات التي تبدأها ولا تنتهي، بعائلتها الصغيرة التي تعطيها الجزء الأكبر من وقتها، وخصوصاً بابنة اختها الطفلة فرح التي جعلت منها نجمة النجمات. ولكن ماذا عن السينما يا ليلى؟ "السينما... آه... افتكرت. لدي مشاريع لا تنتهي... ما هو معروض عليّ يحتاج إلى سنوات لتنفيذه". والحل؟ العمل على طول، دون توقف. وهذه "الدون توقف" ليست بالأمر الجيد، لأنها "تورّط" ليلى في أفلام وأدوار قد تندم عليها في ما بعد. ولكن - مرة أخرى - ما العمل؟ المهم، ليلى علوي نشاط لا يهدأ، سينما لا تهدأ، ووعود تتأجل. وهي قبل هذا وذاك فنانة هاوية لن يكون ظلماً لها أن تقول إنها تبرمج نفسها على وتيرة المهرجانات التي تحضرها. يقيناً ان المهرجانات ليست الأولى بين هواياتها، لكنها - على أية حال - الهواية التي تمارسها أكثر من أية هاوية أخرى، وبشغف يدعو إلى الدهشة و... الاشفاق.