سيناريوهات النهاية للمواجهة الحالية بين العراقوالولاياتالمتحدة يسميها بعضهم بين العراق والأمم المتحدة تراوح بين عمليات قصف صاروخي يعقبها تحرك يؤدي الى اعلان التزام بغداد القرارات الدولية، أو ان مثل هذا التحرك يحصل قبل الضربة. وتعاود "اونسكوم" نشاطها في العراق، مع طرح برامج تفصيلية ربما أكثر في اتفاق "النفط للغذاء"، في انتظار أزمة جديدة تأخذ اسماً جديداً، بعد "تفتيش القصور" الرئاسية و"التجسس". وقود هذه المواجهة سيظل الشعب العراقي أساساً. فهو الذي يعاني الحرمان والفقر والمرض وسوء العناية الصحية بسبب الحصار، وهو الذي سيتلقى القصف في حال ارتأت أميركا أن الضربة العسكرية هي الرد الآن على مطالبة بغداد بإعادة النظر في هذا الحصار المراجعة الشاملة. هذا التكرار الكارثي بالنسبة الى الشعب العراقي، لن يظل محصور النتائج داخل العراق وعلى السلطة الحاكمة فيه، بل بدأت بعض اثاره السياسية والاجتماعية والاقتصادية النفطية تظهر في المنطقة، في سياساتها وموازناتها. ويتأكد اليوم، ربما أكثر من السابق، ان المواقف العربية العامة من الأزمة والتي لا تزال في منطقة رمادية، قد لا تكون عاملاً مؤثراً للخروج من هذا التكرار الكارثي، ان لم تكن، أحياناً عنصر دفع له. فبين التشديد على أن مسألة السلطة في بغداد والتي تطالب الولاياتالمتحدة برأسها شأن عراقي داخلي، وبين شعور التضامن العام مع الشعب العراقي في محنته والذي يتخذ أحياناً طابع التظاهرات الإعلامية لتسويق صورة المتضامنين، وبين الرغبة في الحصول على أقصى الممكن من عقود "النفط للغذاء" والتي لا تخفي نزعة انتهازية تجارية، وبين التقارب مع العراق لأسباب سياسية والذي مارسته دول لتوجيه رسائل الى أخرى، كل ذلك قد يشجع السلطة العراقية على تكرار المواجهة مع أميركا للاستفادة من هذه الاتجاهات، كما حصل في المواجهات السابقة. في الوقت ذاته تسعى واشنطن التي تراقب هذا الوضع وتحاول ان تقلب اتجاهه، الى الاستفادة من التأزيم للقيام بحملة علاقات عامة لدى العرب، عنوانها ضرب العراق، ومضمونها محاولة التأثير على مواقفهم من القضايا الأخرى في المنطقة ايران، عملية السلام، النفط الخ.... ولا يبدو التعامل العربي مع الأزمات المتكررة ايضاً في شمال العراق، في شقها الكردي - العراقي والتركي - العراقي، أفضل حالاً من التعامل مع أزمات "اونسكوم". لا بل قد يكون الموقف مما يجري في شمال العراق الوجه الآخر لعملة التعامل مع أزمات "اونسكوم". من المحتمل ان يكون الحل الذي انتهت اليه الأزمة التركية - السورية ووضع المواجهة الأميركية الحالية مع بغداد، بين الأسباب التي تدفع الى التحفظ العربي في شمال العراق. لكن الحد الأقصى للمواقف العربية ظل في اطار التكرار العام لضرورة التمسك بوحدة الأراضي العراقية، سواء كان المطروح علاقة بغداد مع الأكراد أو العمليات العسكرية التركية في الشمال. حتى الاتفاق الكردي - الكردي الأخير في واشنطن لم يثر أي تبديل في هذه المواقف التي تطلق في أحسن الأحوال لحفظ ماء الوجه. فالموضوع الكردي، وعلى رغم ما حصل، لا يزال ينظر اليه كعنصر استفادة في موازين اقليمية. والحملات التركية العسكرية داخل العراق، لا تزال مجرد "حملات تأديب" على السلطة العراقية والأكراد ان يتعاملوا معها. الجرح العراقي كبير، وبدأت تضربه الغرغرينا. ولم يعد جائزاً اعتباره مسألة تخص السلطة العراقية وحدها.