السجال الدائر على تفسير الفقرة الثانية من المادة ال53 من الدستور المتعلقة بالإستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئىس الجمهورية تمهيداً لتسمية رئىس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، لا يصرف الأنظار عن الأحاديث المتداولة في شأن هذه الحكومة، وأن كان الرئىس المنتخب العماد إميل لحود يعتبر أن من السابق لأوانه الخوض في موضوعها، قبل أن يتسلم مسؤولياته الرسمية في 24 تشرين الثاني نوفمبر الجاري. وتتركز الأحاديث عن برنامج الحكومة العتيدة على عدد أعضائها، في ظل التأكيد أن دمج الوزارات سيأخذ طريقه إلى حيّز التفنيذ في حكومة العهد الأولى، إذ أن البعض يتوقع ألا يزيد عدد الحقائب عن ست عشرة، وقد يرتفع الى ثماني عشرة، مما يعني أن عدد الأعضاء لن يتجاوز العشرين. وفي هذا السياق، قال قطب سياسي ل"الحياة" أن "الخلاف على تفسير المادة ال53، وإن بدا للوهلة الأولى أنه سيشكل مادة خلافية داخل الوسط السياسي، طرح على عجل، ربما من أجل الإستعجال في التوافق على العناوين الرئيسية للحكومة والمهام التي ستتصدى لها، بما سيؤدي إلى القفز فوق الخلاف الناجم عن تفسير المادة ال53، خصوصاً أن رئيس الحكومة الحالي رفيق الحريري لا يزال يعتبر أبرز المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة". وتابع أن قول الرئىس الحريري أن الحكومة الجديدة "ستكون حكومة العهد الأولى لا حكومته الرابعة إستناداً إلى تولّيه رئاسة الحكومة ثلاث مرات متتالية في عهد الرئيس الياس الهراوي يعني أن الرئىس المنتخب سيتحمل مسؤولية أساسية حيال تأليفها واختيار أعضائها على قاعدة رفض نظام المحاصصة واعتبار الوزراء وزراء لكل لبنان شرط أن يكونوا من الأكفياء وأصحاب السمعة الطيبة والكف النظيف". وأوضح القطب "أن الإفتراض منذ الآن أن الرئىس المنتخب ورئىس الحكومة المكلف سيكونان في نزاع دائم، لن يكون في محله، وأن ما يشاع على هذا الصعيد لا يعبّر عن الأجواء التي سادت إجتماعات العمل بينهما"، مستبعداً "أن يضع العهد الجديد نفسه في موقع الصدام أو المنافسة مع العهد الحالي، ولا في مصاف الإستمرار له، إلا من زاوية الخيارات الإستراتيجية السياسية ذات الصلة الوثيقة بالعلاقة مع سورية والموقف من العملية السلمية". وعزا السبب إلى أن "من غير الجائز التعامل في المطلق مع العهد الجديد كأنه استمرار للعهد الحالي، وإلا لما بادر برفع شعار التغيير الذي لقي إرتياحاً لدى الرأي العام اللبناني، والتغيير المقصود في هذا السياق يتناول الإقلاع عن العقلية السائدة التي أديرت فيها شؤون البلاد من الناحية الإدارية والمؤسساتية". وشكك القطب في اعتماد خيار الحكومات الموسعة، "من دون أن يعني ذلك رغبته في إلغاء هذا الطرف أو تحجيم ذاك، بمقدار ما أن هناك إعتبارات ومعايير جديدة تملي عدم تشجيع المجيء بحكومة فضفاضة على غرار الحكومة الثلاثينية الراهنة، خصوصاً أن قوى سياسية أعطيت الفرصة تلو الأخرى عبر توزيرها لكنها لم تحسن الإفادة منها، بعدما عجزت في أن تقدّم نفسها على أنها نموذج في تحملها المسؤولية". ولم يستبعد "إمكان صرف النظر في الوقت الحاضر، وعلى الأقل، في الحكومة الأولى عن تمثيل بعض الأحزاب التي أشركت على الدوام في الحكومات السابقة مع الحفاظ على مبدأ تمثيل القوى الأساسية لما لها من وزن تمثيلي، لا يمكن تجاهله شرط إسناد وزارات الخدمات إلى وزراء جدد، بعضهم من التكنوقراط. أي ليس هناك مشكلة في تمثيل رئيس المجلس النيابي نبيه بري والرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي يزور دمشق اليوم للقاء كبار المسؤولين السوريين وفي مقدمهم نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام أو في تمثيل نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر والوزير سليمان فرنجية وإنما يجب مراعاة توسيع الخيارات على نحو يترك لرئيسي الجمهورية المنتخب والحكومة المكلف هامشاً أكبر لإنتقاء الوزراء". حتى أنه، ومن باب التقدير حتماً، لاحظ أن تجاوز عدد الوزراء العشرين "قد يفسح في المجال أمام خرق المعايير على نحو يفتح الباب ليرفع من عدد المستوزرين وفي شكل يشعر الرأي العام أن هناك ضرورات غير مرئية لتمرير جوائز ترضية لمصلحة القوى السياسية". وختم القطب السياسي "أن انتخاب العماد لحود رئيساً للجمهورية أحدث صدمة لن تكتمل وتأخذ مداها الشعبي إلا من خلال الحكومة التي سيطل بها على اللبنانيين. وأظن أن دمشق التي تدعمه بكل ثقلها، تدعو إلى التوافق ولن تستدرج للتوسط من أجل التوفيق، بل ستترك الأمر للمعنيين، في ظل الحديث عن أن لبنان سيشهد مرحلة سياسية جديدة يراد منها تعزيز دور المؤسسات".