أنجزت اللجنة الوزارية الصياغة النهائية لمشروع قانون الإثراء غير المشروع، بعدما أدخلت تعديلات على مشروع وزير العدل الدكتور بهيج طبارة، وتقرر درسه في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي ستعقد في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس الياس الهراوي، قبل ظهر الأربعاء المقبل وذلك لمناقشته واحالته على المجلس النيابي تمهيداً لدرسه وادراجه على جدول أعمال الجلسات النيابية التشريعية التي يفترض أن تنعقد تباعاً وقبيل تسلم رئيس الجمهورية المنتخب العماد اميل لحود مسؤولياته الرسمية في 24 تشرين الثاني نوفمبر الجاري. وكانت اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء برئاسة نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر، لاعادة صياغة المشروع المقدم من وزير العدل، اجتمعت أمس في السرايا الكبيرة برئاسة رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري وحضور جميع أعضاء اللجنة. وفي معلومات "الحياة" ان الحريري استهل الاجتماع بالتأكيد على ضرورة انجاز المشروع من دون أي تحفظ، مشيراً الى عزم الحكومة على اعداده بصيغته النهائية في أول جلسة لمجلس الوزراء، تمهيداً لإحالته على المجلس النيابي من أجل مناقشته والتصديق عليه. وبالنسبة الى ما ذكر ان اللجنة الوزارية أدخلت تعديلات على المشروع وصفها بعض أعضاء اللجنة الوزارية بأنها أساسية، فيما اعتبرها البعض الآخر بأنها تقنية وفنية، قال أحد الوزراء ل"الحياة" أن مناقشة الوزراء المعنيين لمشروع القانون تمت تحت سقف الحفاظ على روحيته لجهة الابقاء على البنود الرئيسية الواردة في مشروع الوزير طبارة. وأضاف: ان اللجنة الوزارية أبقت على البند المتعلق بالحفاظ على السرية المصرفية كما وضعه طبارة الذي استعان بالنص الوارد في القانون لعامي 1953 و1954، وإنما قسمت المادة في هذا الخصوص الى مادتين. ولفت الوزير الى ان تعديلات أدخلت على النص الخاص بمحاكمة الرؤساء والنواب والوزراء بتهمة الإثراء غير المشروع وان التعديلات لم تمس جوهر المادة التي وضعها الوزير طبارة، بقدر ما تناولت هذا النص بالذات من زاوية تتعلق في كيفية ايداعهم التصاريح حول أموالهم وممتلكاتهم. وقال: انه تم الإبقاء على محاكمتهم وفقاً لأحكام الدستور إذ أنه لا بد من تمييزهم حتى في موضوع الملاحقة عن سائر الموظفين من مدراء عامين ورؤساء مصالح وموظفين عاديين، مشيراً الى ضرورة الحفاظ على أصول محاكمة الرؤساء في العودة الى المجلس النيابي. ورداً على سؤال، أوضح الوزير: ان التعديل الذي أدخل في البند الخاص في محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب يكمن في أن النص الذي وضعه طبارة يقضي بأن يقوم رئيس الجمهورية بالتصريح عن ممتلكاته من أموال وعقارات لدى الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، بينما يقوم الوزراء بالتصريح عنها لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وكذلك الحال بالنسبة للنواب الذين يصرحون عنها لدى الأمانة العامة للمجلس النيابي، وقد تقرر أن تودع كل هذه الفئة من السياسيين التصاريح لدى رئاسة المجلس الدستوري، ولا يجوز لأحد الاطلاع عليها، إلا في حال تمت ملاحقتهم. وفي شأن اخضاع وسائل الإعلام من مرئية ومسموعة ومكتوبة الى قانون الإثراء غير المشروع قال الوزير ان هذا الموضوع أثير على هامش الاجتماع أي قبل بدء الجلسة الرسمية، وقد توافق جميع الأعضاء على أنه لا مبرر لطرحه ما دام انها تخضع لقانون المطبوعات الذي ينظم أوضاع الصحافة اللبنانية ويتضمن القانون المذكور أحكاماً مشددة وبالتالي لا مبرر للخوض فيه، اضافة الى ان الإثراء غير المشروع يتناول العاملين في الحفل العام. لذلك لا وجوب لإلحاق قطاع الإعلام به. الحريري وكان الرئيس الحريري أثنى لدى مغادرته السرايا على "انجاز اللجنة درس وتعديل مشروع القانون"، وقال انه كان دائماً يحرص على "انجازه في هذا العهد، ولكنه تأخر بعض الوقت لحين الانتهاء من دراسته في لجنة تحديث القوانين". وأضاف "أما التعديلات التي أدخلتها اللجنة على المشروع فهي عديدة وطفيفة لكن أبرزها اخضاع النواب والوزراء الى المشروع وبالتالي التصريح عن أموالهم واعتبار المشروع لا يتعارض مع مبدأ السرية المصرفية". المر وقال الوزير المر بعد الاجتماع "لقد استعرضت اللجنة في اجتماعها الأول والأخير المواد المطروحة مادة مادة وأدخلت تعديلات طفيفة وأساسية على مشروع القانون وسينجز بصيغته النهائية يومي الاثنين والثلثاء غداً وبعد غد من دون اجتماع اللجنة لأن كل الملاحظات تم تدوينها لكي يكون في الإمكان عرض المشروع على مجلس الوزراء في أول جلسة يعقدها". وأضاف "أما أبرز التعديلات فقد تركنا بالنسبة للسرية المصرفية النصوص القديمة قائمة، ولم نتطرق لنصوص جديدة. كان هناك بعض التحفظات بالنسبة لهذا البند ولم نتطرق الى نص جديد، ترك النص القديم الصادر العام 1956 كما هو". وتابع "هناك أمور أخرى تتعلق بالتصريح عن الأموال يثيرها بعض النواب ومفادها أنهم يستثنون النواب والوزراء من التصريح، طلبنا أن يطبق التصريح على الجميع". ورداً على سؤال حول العقوبة قال "نص العقوبة يطبق على الموظف ولكن لا يقولون ان الوزير يعاقب. وضع بند يؤدي بالنتيجة الى فرض طريقة معينة بأن يقدم الوزير التصريح والنائب كذلك. هذه هي البنود الأساسية ولكنه تم تعديل نحو 30 مادة من أصل 40 وهي تعديلات طفيفة وليست أساسية". قيل له: هناك من يتخوف على قانون السرية المصرفية؟ أجاب "ينص القانون على أنه لا يمكن للمصارف أن تتذرع بالسرية المصرفية لمنع اعطاء معلومات عندما يكون شخص مدعى عليه بموجب قانون الإثراء غير المشروع. اعتبرنا هذا النص كافياً حتى تتمكن هيئة التحقيق من طلب رفعها السرية عن شخص معين ثبت بمرحلة التحقيق الأولي أنه مدان بالقانون. ثم تحصين هذا الموضوع من هذه الناحية ولم ندع السرية المصرفية تشكل عقبة وحاجزاً لمنع الوصول بالشكاوي أو الادعاء على أي مسؤول أو موظف ليس متهماً وثبت انه حقق اثراء غير مشروع". قيل له: هل أخذتم بالاعتبار ما قاله النائب بطرس حرب من أن مشروع الوزير طبارة هو خطوة الى الوراء؟ أجاب "لا أدري ماذا قال النائب حرب ولم يكن موضوع نقاشنا إنما الملاحظات التي قمنا بتحضيرها أخذ بها الوزير طبارة وأعتقد أن هذه الملاحظات تتضمن جزءاً من الذي قاله النائب حرب مثلاً لم يكن مدرجاً ان يقدم النائب والوزير التصريح. وإذا لم يتقدموا هناك حالة معينة تطبق عليهم ولكن أصرينا على اخضاع النائب والوزير على تقديم التصريح، وأعتقد أن ذلك يرد على ما يثيره النائب حرب بطريقة قانونية مرتبة وقد رأينا ألا نتطرق الى السرية المصرفية والنص القانوني ولم تضف أي شيء الى قانون السرية المصرفية الصادر عام 1956، إذاً القانون ساري المفعول ويطبق على المصارف حالياً وفي هذا القانون هناك كلمة تقول أنه في دعاوى الإثراء غير المشروع لا يمكن التذرع بالسرية المصرفية لمنع اعطاء معلومات من قبل المصارف". سئل: كيف تفسر علامات الاستفهام المطروحة حول توقيت طرح المشروع؟ أجاب "لا أستطيع الإجابة على هذا لأن ذلك أصبح شقاً سياسياً أكثر منه إدارياً، فوزير العدل كان يحضر اجتماعات اللجنة النيابية الذي تقدم به النائب حرب، وفي ضوء حضوره ومناقشاته ليس لديه أي مشروع ليطرحه سوى مشروع الحكومة". وأضاف "أعتقد أن انجاز هذا المشروع قبل 6 أشهر كان أفضل من ان ينجز اليوم والسؤال لماذا اليوم في آخر أسبوع أو أسبوعين من عمر الحكومة طرح هذا المشروع لا أستطيع أن أفسر الموضوع سياسياً وأعتقد أنه كان يجب أن يصدر قبل شهر أو شهرين، وما من ضرر أن يصدر في الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الياس الهراوي إذا تم انجازه في المجلس النيابي، الحكومة تقوم بواجبها".