بدأت امس الخطوات الدستورية لانتخاب قائد الجيش العماد اميل لحود رئيساً للجمهورية خلفاً للرئيس الياس الهراوي. وأقرّ اولاها مجلس الوزراء في جلسة استثنائية، اقتراحاً للهراوي بإضافة فقرة الى المادة ال49 من الدستور تجيز انتخاب رئىس الجمهورية من القضاة او موظفي الفئة الأولى "لمرة واحدة وبصورة استثنائية". وأرفقت الخطوة بأخرى، هي فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي تخصص فقط لمشروع قانون تعديل المادة ال49 الذي أحيل من فوره على المجلس. فقد عقد مجلس الوزراء جلسته في قصر بعبدا برئاسة الهراوي ومشاركة رئيس الحكومة رفيق الحريري، وفي غياب الوزيرين وليد جنبلاط وأكرم شهيّب المقاطعين، والوزير نديم سالم الموجود في النمسا. وعلمت "الحياة" ان رئىس الجمهورية استهلها بالطلب من الأمين العام لمجلس الوزراء هشام الشعار تلاوة اقتراح تعديل المادة ال49. ثم طالب الوزير شوقي فاخوري بحذف الفقرتين الثانية تمنع التمديد للرئيس والثالثة تمنع انتخاب الموظفين ما لم يقدموا استقالاتهم من وظائفهم قبل سنتين من الاستحقاق. واقترح الوزير بهيج طبارة اضافة عبارة "خلافاً لكل النصوص الأخرى" على الاقتراح "حتى لا تتعارض المادة مع غيرها"، فردّ الوزير نقولا فتوش بعدم جواز إدخال تعابير توحي كأن ثمة مخالفة في القانون. وطلب الوزير فارس بويز بإلغاء الفقرتين الثانية والثالثة، لتكون هناك مساواة بين كل المرشحين، بمن فيهم الرئيس، موضحاً انه لا يقصد تأييد التمديد للهراوي "انما اعطاء فرصة مستقبلاً لرئىس الجمهورية". فردّ الهراوي "انا ما بدي، وغداً عندما يحين وقتك إحكِ بالموضوع". عندها طلب بويز من الشعار تسجيل تحفظه عن الاقتراح الذي أقرّه مجلس الوزراء من دون ان يصوّت عليه لأنه حظي بموافقة 27 وزيراً. وبعد الجلسة التي لم تستغرق سوى ساعة، اذاع وزير الاعلام باسم السبع المقررات الرسمية، وفيها ان الدعوة الى انعقادها استثناء وجهت بموجب المادة ال76 من الدستور التي تنص على إمكان اعادة النظر في الدستور بناء على اقتراح رئىس الجمهورية فتقدم الحكومة مشروع القانون الى المجلس النيابي. وعزت الأسباب الموجبة الواردة في مشروع القانون التعديل الى "المصلحة الوطنية العليا في هذه المرحلة من تاريخ البلاد، وبغية الاستفادة من كل الكفاءات والطاقات لخدمة الدولة والوطن في ممارسة الشأن العام". وجاء في المادة الأولى من المشروع "اضيفت الى المادة 49 من الدستور الفقرة الآتي نصها: "لمرة واحدة، وبصورة استثنائية، يجوز انتخاب رئيس الجمهورية من القضاة او موظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام". وأضاف السبع ان بويز تحفظ عن المشروع، وأن الهراوي اعلن من ثم مرسوم دعوة المجلس النيابي الى عقد استثنائي بين 12 تشرين الاول اوكتوبر الجاري حتى بداية العقد العادي اي 20 منه، على ان يحدد برنامج اعماله "بمشروع قانون دستوري بتعديل المادة 49 من الدستور". واعتبرت مصادر وزارية ان التواصل بين الدورتين الاستثنائية والعادية "معنوي خصوصاً ان العقد الاستثنائي مخصص للتعديل لا لأي أمر آخر". وبعد الجلسة، خرج الهراوي من قاعة مجلس الوزراء محاطاً بالحريري ووزير الداخلية ميشال المر، ومازح الصحافيين والمصوّرين "انا قلبي عليكم، تقفون هنا وتتعذبون، وقد عملنا على انجاز الجلسة في سرعة". ثم عقد رئيسا الجمهورية والحكومة خلوة قصيرة، وقّعا خلالها مشروع القانون الذي أحيل على رئاسة المجلس النيابي التي احالته على الفور، على لجنة الادارة والعدل التي ستجتمع ظهر الاثنين 12 الجاري لمناقشته وإقراره، لتلتئم الهيئة العامة للمجلس الثلثاء 13 منه، وليتحدد في ضوء ذلك موعد جلسة انتخاب الرئىس الجديد. وقال رئيس لجنة الادارة والعدل النائب شاكر ابو سليمان "وفقاً لنص المادة ال78 من الدستور لا يحق للمجلس النيابي ولجانه درس اي موضوع عندما يكون امامه مشروع تعديل دستوري، وبالتالي فلجنة الادارة والعدل والهيئة العامة للمجلس ملزمتان فقط بدرس الفقرة موضوع التعديل في المادة 49 دون سواها من الفقرات الاخرى فيها". وأضاف "ان المجلس امام ثلاثة احتمالات، اما الموافقة وقبول الفقرة كما وردت من الحكومة، وإما رفضها وهذا مستبعد، وإما تعديل مضمون الفقرة نفسها". وكان الحريري اعلن في السرايا الحكومية قبل توجهه الى بعبدا "ان الكلام على الحكومة المقبلة سابق لأوانه، ولا يجوز الخوض فيه قبل انتخاب الرئيس الجديد وتسمية رئىس الحكومة بالتشاور مع الرئىس المنتخب". وفي ردود الفعل، أعلن السفير الأميركي في لبنان دايفد ساترفيلد، بعد لقائه الوزير جنبلاط في المختارة، ان "مسألة الاستحقاق الرئاسي اصبحت معروفة وأن بلاده تتطلع لترى كيف تتعامل مع رئيس الجمهورية الجديد". واعتبر رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" النائب محمد رعد ان ترشيح العماد لحود في هذه المرحلة "واقعي ومناسب". وأمل "ان يوفق في مواجهة التحديات المهمة التي يأمل اللبنانيون بمعالجتها بمنهجية وموضوعية بعيداً من سياسة المحاصصة وتقاسم مواقع النفوذ". وأعلن الاتحاد العمالي العام "انه يراهن كما كل اللبنانيين على ان تكون المرحلة المقبلة مرحلة تغيير حقيقي في اتجاه دولة القانون والمؤسسات والديموقراطية والحرية والعدالة".