اشادت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت بما اسمته "الروح الجديدة" التي خيمت على المحادثات التي رعتها بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على مدى اكثر من اربع ساعات ثنائياً مرة او ثلاثياً، مرة اخرى، وعلى الجانب الاسرائيلي من الحدود بين غزة واسرائيل، مرة، وفي الجانب الفلسطيني من هذه الحدود، تالياً. لكنها اعتبرت اخيراً ان هذه المحادثات المطولة، هي بمثابة التمهيد، لمحادثات واشنطن التي اكدت هي ومصادر فلسطينية ل "الحياة" انها ستعقد في نفس موعدها الذي حدد سابقاً اي صبيحة يوم 15 تشرين الاول اكتوبر المقبل. وقالت اولبرايت في مؤتمر صحافي عقدته بعد المحادثات التي جرت عند معبر اريز بين اسرائيل وقطاع غزة انه لم يكن ممكناً الاتفاق على اي شيء قبل اتمام الاتفاق على كل الاشياء، معتبرة ان الاتفاق يجب ان يكون متكاملاً ويتناول جميع الموضوعات. ويلبي هذا المطلب الفلسطيني، الذي اشترط التعامل مع المبادرة الاميركية كرزمة افكار متكاملة. غير ان الوزيرة اولبرايت اوضحت ان تقدماً ملحوظاً حدث في بعض المواضيع المطروحة رافضة في الوقت نفسه الافصاح عن طبيعة هذه المواضيع، التي احرز تقدم في شأنها، كما ردت على سؤال عن القضايا التي لا زالت موضع خلاف او تشكل صعوبات اكثر من غيرها بتحاشي ذكر اية تفاصيل. واكتفت اولبرايت بتأكيد موقفها الذي شددت عليه اكثر من مرة، وذلك بدعوة الطرفين الى اتخاذ القرارات الصعبة، مشيرة الى انها تستمد التشجيع من الروح الجديدة التي بدأت تخيم على محادثاتهما. ونوهت في هذا الصدد، بانها المرة الاولى التي يقوم فيها رئيس وزراء اسرائيلي باجتياز الحدود ويذهب الى صفقة تخضع للسلطة الفلسطينية مما يدل على ان الزعيمين يريدان دفع الامور الى امام، في اشارة الى تلبية نتانياهو دعوة عرفات للغداء في استراحة عرفات على الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون، الذي يفصل بين اسرائيل وقطاع غزة. وفي ما يتعلق ب "مكافحة الارهاب" قالت اولبرايت ان هذا الموضوع بحث من جميع جوانبه "واوضحنا ان محاربة الارهاب يجب القيام بها بصورة دائمة". وكانت بذلك ترد على سؤال وجه اليها، في شأن معلومات صحفية اشارت الى ان الاميركيين والاسرائيليين هم بصدد بلورة مذكرة تفاهم امني ثنائية، لعرضها على الجانب الفلسطيني كبديل عن مذكرة التفاهم الامني الثلاثي التي وقعتها الاطراف المعنية، في 17 كانون الاول ديسمبر 1997، ويصر الجانب الفلسطيني على التمسك بها. وبالنسبة الى قضية المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار، قالت اولبرايت: "لقد تم التشديد على ان هذه القضية هي من المواضيع المهمة التي يجب حلها وسوف يكون لدينا المزيد من الوقت لبحثها خلال محادثات واشنطن في منتصف الشهر. وقالت اولبرايت: "لقد كان في نيتي عند مجيء الى هنا، ان اضع لبنة اخرى في المسيرة السلمية، والعمل على خلق جو من الثقة بين الطرفين، وذلك تمهيداً لمحادثات واشنطن، ولم اجلب معي خطة محددة ولكنني استطيع القول الآن انني اشعر بالرضا عما تحقق وانا مرتاحة لما تم تحقيقه حتى الآن، لان الروح الجديدة التي لمستها خلال المحادثات كانت اكثر مما توقعت"، مشيرة الى ان موضوعات كثيرة بحثت بطريقة ارتجالية حول مائد الطعام. ونفت مرة اخرى ان تكون المحادثات قد تطرقت الى تحقيق اي صفقة محدودة او مصغرة، كما ذكرت معلومات صحافية يوم اول من امس. واكتفت بالقول انه جرت مداولات حول جميع القضايا "واحرزنا تقدماً كبيراً في موضوعات اعادة الانتشار والامن والمنطقة الصناعية والمطار في غزة وتشكيل لجنة لمناهضة اعمال التحريض وتنشيط البرامج بين الشعبين". وتابعت: "ولكن ما زال هناك العديد من المشكلات الصعبة التي يدرك الزعيمان انه يتحتم عليهما اتخاذ القرارات الصعبة بشأنها". وربطت مرة اخرى التقدم بما ستشهده محادثات واشنطن، مؤكدة انه سيجري العمل هناك على حل كل المواضيع المتبقية من المرحلة الانتقالية من اجل الانتقال الى بحث التسوية الدائمة. واشادت بالدور الذي يمكن ان يلعبه الرئيس بيل كلينتون خلال محادثات واشنطن، واعتبرت في هذا الصدد، ان كلينتون لديه "قدرات فريدة من نوعها للعمل مع الاطراف التي تواجه صعوبات. والقيام بدور فعال لحلها. واضافت ان المبعوث الاميركي لعملية السلام في الشرق الاوسط دنيس روس سيبقى في المنطقة في محاولة لسد الفجوات القائمة، واكدت ان الولاياتالمتحدة لن تنسحب من عملية السلام، بأي شكل من الاشكال. واخيراً في شأن قضية الاستيطان، قالت اولبرايت: "يجب علينا التطلع الى الهدف المنشود، وهو قمة واشنطن، والامتناع عن الاجراءات الاحادية الجانب"، في انتقاد غير مباشر لرئيس الوزراء الاسرائيلي. لكن مصادر فلسطينية ذكرت ل "الحياة" ان محادثات الامس، سجلت تراجعاً عن اجواء التفاؤل التي سادت قبيل اجراء المحادثات، مشيرة الى ان هوة بعيدة لا تزال تفصل بين مواقف الطرفين، لم يتم التغلب عليها بعد. ولخصت هذه المصادر نتائج المحادثات بما يمكن ان تسفر عنه محطة واشنطن التي سيتوجه اليها الوفدان في 14 تشرين الاول اكتوبر الجاري، لعقد محادثات بدءاً من اليوم التالي قد تستمر اياماً عدة. وكانت اجتماعات امس، قد عقدت عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، باجتماع ثلاثي، شاركت فيه اولبرايت الى جانب عرفات ونتانياهو ثم تحول الى اجتماع ثنائي بين الزعيمين، بعد ان تركتهما اولبرايت لمدة نصف ساعة للاجتماع منفردين، ثم انتقل الاجتماع الى الجانب الفلسطيني من معبر بيت حانون، على مائدة غداء قبل ان يغادر رئيس الوزراء الاسرائيلي، ويعقد عرفات واولبرايت اجتماعاً ثنائياً قصيراً، على ان تعود اولبرايت للقاء نتانياهو في المساء في ختام زيارتها. ولم يدل عرفات او نتانياهو بأية تصريحات في ختام المحادثات فيما غادر عرفات بعد الظهر غزة الى القاهرة في طريقها الى موسكو، وذلك لاطلاع الرئيس حسني مبارك على ما جرى في المحادثات. ومن المقرر ان يستقبل الرئيس الروسي بوريس يلتسن الرئيس الفلسطيني اليوم في الكرملين. وعلم انه تم الاتفاق خلال محادثات امس على عقد اجتماع مسائي، بين كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات، وسكرتير الحكومة الاسرائيلية داني نافيه في حضور روس، وذلك لمتابعة بحث القضايا المعلّقة من المرحلة الانتقالية، وهي قضايا المطار والميناء والممر الآمن والمنطقة الصناعية، والاسرى