تخطو لعبة كرة اليد في لبنان نحو نمو مرتقب، وتشهد انطلاقة بعدما عانت الامرّين، ومع أن النتائج الملموسة لن تكون آنية لضعف القاعدة وافتقارها حالياً الى العناصر الاساسية فإن القائمين على مقدراتها قرروا المضي قدماً متجاوزين العقبات وما أكثرها. وعرفت كرة اليد اللبنانية ازدهاراً قبل اعوام الحرب، وجاء نشاطها خلال "مرحلة الازمة" في الحد دون الأدنى، ومن باب اثبات الوجود الشكلي. وها هي تنطلق في رحلة العودة مستمدة من ضعفها قوة لتجاوز العقبات الفنية والمالية. وتجسّد هذا التحرّك لجنة ادارية جديدة انتخبت منذ نحو ستة اشهر برئاسة عبدالله عاشور وضعت برنامج عمل لمدة اربع سنوات لتلامس المستوى العربي في المرحلة الاولى كما أوضح نائب الرئيس جورج فرح. ولعلّ المشاركة في مسابقة كأس العرب الاولى التي أجريت اخيراً في مصر وأحرزت السعودية لقبها، وحلّ لبنان عاشراً فيها، تظهر المعطيات الميدانية لواقع الحال الراهن خصوصاً أن النشاط المحلي يشهد اقامة اربع بطولات رسمية لمختلف الفئات العمرية، والتي يعوّل الاتحاد عليها لاكتشاف الطاقات والمواهب الجديدة. كل ما يفيد اللعبة مطلوب ويكشف فرح ان اللعبة تفتقر الى قاعة مقفلة بمواصفات قانونية، يعمل نادي الصداقة على تشييدها حالياً، وبانتظار ذلك "اضطررنا الى ان نسرّع في اقامة البطولات خصوصاً ان اللجنة الادارية انتخبت أواخر الربيع وكان علينا الموازنة بين اقامة البطولات والموسم الدراسي. ولانجاز البرنامج تبذل اللجنة الفنية جهداً كبيراً". ويتابع فرح "لا يمكننا ان نعتمد طويلاً على اللاعبين المخضرمين، الذين بلغوا هذه المرحلة بعد فترة انقطاع لم تفرز وجوهاً جديدة بالعدد المطلوب... والملاحظ ان بطولات الفئات العمرية التي أطلقت منذ ثلاثة اعوام اعطتنا اخيراًً حفنة من المواهب التي تعلمت أسس اللعبة منذ صغرها، وهذا ما يوسّع قاعدة اللاعبين في المستقبل ليأتي الخيار من قاعدة واسعة". ويلخّص فرح خطة البناء التي ينتهجها الاتحاد فهي باختصار "كل ما يفيد كرة اليد والهدف الحالي الاحتكاك ثم الاحتكاك ليأتي اعداد المدرب الجديد صلباً، ولهذه الغاية تعاقدنا مع المنتخب الجزائري هاشمي جلول، وأجرينا دورة صقل للمدربين المحليين باشراف المدرب الفرنسي برنار غاليه". ولفت فرح الى ان تنظيم البطولات العمرية وصقل المدربين والحكام فقرات من البرنامج، فضلاً عن استقدام الفرق وخوض مشاركات خارجية... الجهاز الفني القدير مفتاح التطور ويسلّط عكرمة العبد مدرب فريق الجيش متصدّر ترتيب بطولة لبنان للرجال، وعضو الجهاز التدريبي للمنتخب الاضواء على حال اللعبة بواقعية مجردة. وعلى الرغم من تفاؤله بالمسيرة الحالية يجد العبد ان التقدم بطيء جداً، "لا يعني التنفيذ المنتظم للبطولات اننا نتقدم، نحن متأخرون فنياً، وتطوير القاعدة يلزمه وقت طويل لنستطيع القول عن وجود وفرة في الوجوه عند مختلف الفرق من فئة الصغار وحتى الناشئين، ان معدل اعمار اللاعبين في فرق الدرجة الاولى حالياً فوق الحد المتعارف عليه، وفي غياب البديل لا يمكن الارتقاء". ويحدد عكرمة العبد متطلبات النهوض ببنود ثلاثة: 1- ايجاد الملاعب وبوفرة، 2- ايجاد الجهاز الفني القدير الخبير والمتمكن لتدريب الناشئة والصغار من خلال مواكبة التطورات، "في عقد السبعينات كنا من الفرق المنافسة في المنطقة والآن فقدنا هذه الميزة، واذا أحسسنا اختيار الجهاز الفني نستعيد مكانتنا تدريجياً"، 3- تخريج مؤهلين ليتمرسوا بفنيات اللعبة وبأصول تدريبها. وطالب العبد مديرية الشباب والرياضة بادراج كرة اليد ضمن برنامج البطولات المدرسية "ساعتئذ يصبح مدرّس الرياضة مجبراً على الاطلاع على أسس وأصول اللعبة لينقل المعلومات بالشكل الصحيح الى طلابه... نحاول الآن ايجاد كوادر قابلة للتطور، نحت نخلق من الضعف قوة، لكن علينا الا ننسى ضعف الامكانات". ويعتبر عكرمة ان اللجنة الادارية الحالية في اتحاد اللعبة مندفعة "وهذا ما حمّسني وشجّعني لأعود وأزاول النشاط، انها لعبتنا وعلينا المساهمة في اعادة اطلاقها". لا نتائج ملموسة قبل 5 أعوام ويمكن وصف اللاعب والمدرب توفيق شاهين نادي مار الياس بالقائم بدور التواصل، كون عوده بدأ يشتد وراح يتمرّس بكرة اليدّ في أواخر عهدها السابق، ونضج فنياً وهي تقارب الاضمحلال، ويواكب الآن عودة نموها، وهي غرسة صغيرة بحاجة الى رعاية واعتناء "أرى كرة اليد بالناشئين، وعلى الجميع شملهم باهتمام أكبر". ويجد شاهين ان "القطاف قد يحين بعد خمسة اعوام، وستكون ثماره نتيجة المعسكرات والمشاركات والتدريب المبرمج وتراكم الخبرات، ما يؤدي الى وجود ناشئين على مستوى متقدم في مختلف الاندية". ويشير شاهين الى ان وجود اللاعب الاجنبي "يفعّل الاداء، خصوصاً وأن اللاعب المحلي سيستفيد من مزاياه الفنية لتنمية خبراته". ولتسريع هذا النمو يجب الاهتمام باللعبة واطلاق بطولاتها في المدارس، لا سيما وانها أصعب الألعاب الجماعية.