باشر المخرج اللبناني ماهر المغربي تسجيل مسلسل من 15 حلقة عن حياة المطربة اللبنانية صباح يتضمن تفاصيل كثيرة ودقيقة عن حياتها وعن الأمكنة التي عاشت فيها وزارتها وكان لها فيها ذكريات كثيرة وحميمة، ستعرض قريباً على شاشة تلفزيون "المستقبل". والمغربي 29 عاماً، ثائر على هدوء طباعه، دائم الحلم والتماهي مع همّ وغليان كبيرين يحملهما في داخله. لم يتخرّج في الجامعة ولم يتدرّج في صفوفها بل راح يتدرّج في تفاصيل مهنته وخفاياها منذ سبع سنوات حين بدأ يعمل "مساعد مصوّر" في تلفزيون "المشرق" ثم جاءته هدية حوّلت مجرى حياته هي "كاميرا فيديو" حملها وراح يجوب الشوارع سائحاً يصوّر ويصوّر ويعيد اللقطات حتى "تمكنت كتفه من الكاميرا وكذلك عينه". لكن حلقات العمل التلفزيوني ظلت تكشف له نواقص وتزيده هماً ومتطلبات لم يقف حيالها مكتوفاً بل كان دائماً يشد عزيمته ويخوض غمارها فتعلّم المونتاج في شهر، وثابر على عمله حتى انتقل الى تلفزيون "المستقبل" في بدايته، عاملاً في المونتاج. وشاء القدر ان يُخرج المغربي اعلانه الأول وجاء ذا جدوة عالية فطُلب منه على اثره ان يُخرج برنامج "الليل المفتوح" فخاض التجربة وكانت اولى حلقاته مع عبدالحليم كركلا، وكرّت السبحة 85 حلقة استضاف البرنامج خلالها نجوماً كباراً. ثم عمل على إخراج برامج كثيرة منها "إيليت توب موديل" وصولاً الى برنامج "خلّيك بالبيت" الذي نال عنه الجائزة البرونزية في مهرجان القاهرة، وجوائز على برامج اخرى منها شهادة تقدير الأممالمتحدة للتنمية البشرية المستدامة عن برنامج وثائقي أخرجه عن بلدة رحبة في عكار شمال لبنان. وأخيراً قرر المغربي ان يلتزم خطاً خاصاً به "بعيداً من هذه القصص والأمور الفارغة التي لا تنقل رسائل الى المشاهد"، على ما قال ل"الحياة" التي التقته في بعض غرف "البيت الأبيض" في سبيرز أحد مبنيي تلفزيون "المستقبل". وأشار الى انه في مرحلة انتقالية "من العمل الخفيف الى العمل الرصين". ويعمل الآن على إخراج ثلاثة برامج يعتبرها نقلة نوعية وهي: - عرض تاريخي لحياة المطربة صباح هو عبارة عن برنامج تروي فيه ذكرياتها في حوار مع بعض الفنانين العارفين بأوضاعها. ويترافق الحوار مع مشاهد كثيرة لأماكن عاشت فيها ومرّت عليها وهي دقيقة وكثيرة جداً. وتتضمن مشاهد من أرشيف ضخم للمطربة صباح لم يُرَ من قبل، اضافة الى تصوير حديث للأماكن الباقية على حالها، "حتى المكان الذي تلقت فيه اول قبلة"، أي انها ستعرض حياتها بأدق تفاصيلها منذ ولادتها الى نشأتها وعائلتها وتاريخها كاملاً. وعما تردد اخيراً في بعض الصحف ان جهة أمنية اتصلت بصباح لمنعها من ذكر قصة أخيها الذي قتل والدتها وفرّ الى البرازيل، لأنها تسيء الى نسيب لها في بعض الأجهزة الامنية، اجاب المغربي "لا علم لي بهذا الأمر، ونحن على اي حال لا نزال في المرحلة التحضيرية ولما ندخل في التفاصيل". ويعمل مع المغربي في الإعداد منى سعيدون وزوج المطربة صباح فادي لبنان وجورج خاطر، ويدعم هذا العمل رئيس الحكومة رفيق الحريري بمبادرة فردية. - العمل الثاني يعتبره المغربي "حلمي القديم" إذ تمكن ان يقيم مهرجاناً لوالده شاعر الأغنية الراحل شفيق المغربي "وهذا تكريم للشاعر الذي تربطني به صداقة حميمة جداً". فالمغربي عاصر والده في أدق تفاصيل حياته وفي علاقاته مع الفنانين الذين غنّوا اعماله وكان شاهداً عليها. والراحل شاعر عفوي، سريع البديهة، يجيد اصطياد الافكار والأغاني من مفردات يلتقطها من افواه الناس بعفويتها وبساطتها. وغنّى من اعماله مطربون كثيرون منهم: صباح وسميرة توفيق وجورج وسوف وملحم بركات وراغب علامة وطوني حنا وسواهم. ومن اغانيه التي لقيت شهرة ورواجاً كبيرين ولا تزال تُردّد حتى بعد مضي 14 عاماً على وفاته، "يا رب تشتّي عرسان" و"حلف القمر يمين" و"حداي حداي غزال الحي" و"أبوكِ مين يا صبية" و"نوينا عالجازة نوينا" ... وغيرها الكثير الكثير. لكن الشاعر شفيق المغربي، مثل شعراء كثيرين، مغيّب على رغم عطاءاته الكثيرة، والناس يرددون اغانيه ولا احد يعرفه او يذكره، "وهذا ما حرضني على اقامة مهرجان ترعاه وزارة الثقافة نستعرض خلاله حياته كاملة على الشاشة"، على ما قال المغربي الإبن. - اما البرنامج الثالث الذي سجّلت حلقته الأولى، فوصفه المغربي ب"أنه الأخطر والأهم" واسمه "هذا الواقع"، وهو برنامج درامي له علاقة مباشرة بضحايا المجتمع وأكثر واقعية، ويبعث برسائل اجتماعية وإنسانية، "وهو جعلني اقول خلصنا رقصاً وطقشاً وفقشاً على الشاشة". ويضيف "علينا ان نقدّم برامج حقيقية احتراماً للمشاهد والمجتمع الذي ماع بسبب التفاهات التي علينا الخروج منها لنقدّم برامج رصينة وحقيقية". وهذا البرنامج يعدّه سمير فرحات وهو في حلقات كثيرة، قد تتعدى المئة، ومستقلة الواحدة عن الأخرى. وعن تجربته في الدراما، قال "اتجه اليها بشغف على رغم خطورتها وغناها، وهي مقياس لقدرات المخرج على إثبات نفسه. فإما يكون وإما لا، ولكنني لست خائفاً منها فأنا أتيت من امكنة الناس، من الشارع الذي له علاقة بهم وأنا أحسّ بهم وفي داخلي غليان كبير ولم أصل بعد الى معرفة ما أريد". وعن السينما وبمن تأثر من السينمائيين، قال "تأثرت جداً بالمخرج العربي مصطفى العقاد ولم أتأثر بأحد من المخرجين العالميين لأن أحاسيسهم تختلف عن احاسيسنا، إذ يعتمدون على التقنيّات كثيراً في أعمالهم. والسينما هي طموحي الأكبر ولكننا في لبنان نفتقد الانتاج".