يقول أحد العاملين في المؤسسة اللبنانية للإرسال ال. بي. سي. إن "كمية الكلام والتسريبات الهائلة عن التغييرات في المؤسسة اربكت العاملين فيها، إلى حد أصبح معظمهم مكبلاً بها، وينتظر ما سيطاوله منها". وجزء كبير من هذا الكلام صحيح والتغييرات حصلت على كل المستويات، من جهاز الأمن الذي يؤمّن حماية المبنى، وكان بعضه مؤلفاً من عناصر سابقة في حزب "القوات اللبنانية" المحظورة وأصبح اليوم من عناصر في حزب "المردة" الذي يترأسه وزير الصحة سليمان فرنجية، الى الجهاز الفني والتحريري الذي يعدّ نشرة الاخبار، الى بعض البرامج السياسية المعروفة. وذروة التغيير كانت في انتزاع اسهم من رئيس مجلس الادارة بيار الضاهر، فلم يعد يملك ما يرجّح كفة قراراته داخل هذا المجلس، وأصبح للوزير فرنجية وبعض المقرّبين منه والنائب عصام فارس اسهم ترجيحية. وسبق هذا الامر تعيين نادر سكر مشرفاً عاماً على الاخبار والبرامج السياسية، وهو عضو سابق في قيادة "القوات اللبنانية" وعلى صلة الآن مع دمشق، وعضو حالي في المكتب السياسي لحزب الكتائب الذي سبق ان اقام دعوى قضائية يعلن فيها ملكيته للمؤسسة. "ال. بي. سي." وهي أنجح المؤسسات التلفزيونية اللبنانية، كانت تمكنت بفعل حيوية برامجها من استقطاب عدد كبير من المشاهدين اللبنانيين والعرب، وحجز المرتبة الأولى في الموازنات الاعلانية للشركات، بدأت تنوء تحت ثقل التغييرات الجديدة، خصوصاً ان اللبنانيين بدأوا يرصدون معنى هذا التغيير على مستوى ادائها الفني، خصوصاً في نشرة الاخبار والبرامج السياسية. فلاحظوا مثلاً ان زيارة البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير لمنطقة عكار لم تنقل مباشرة، في حين اعطيت في نشرات اخبار تلفزيونية اخرى اكثر مما اعطيت في نشرة "ال. بي. سي."، كذلك على مستوى مقدمة النشرة التي كانت سابقاً خلاصة نهار عمل صحافي، وفيها من الاشارات ما يكفي لإفهام المشاهد الكثير من صور التجاذبات السياسية المحلية، اما اليوم فالمقدمة بكماء. كذلك الأمر بالنسبة الى ضيوف البرامج السياسية الذين لاحظ المشاهدون، منذ حصول التغييرات، حرصاً على ألا يؤدي ظهورهم على الشاشة الى جدل، أو إلى اثارتهم مواضيع خلافية، بعكس ما كان يحصل في عهد الادارة السابقة التي حرصت على ان تكون برامج الحوارات السياسية غير ملتزمة صيغاً جامدة، إلى أن تحول احد البرامج منبراً ينتظره اللبنانيون كل اسبوع. الاوضاع الجديدة والتغييرات والأوضاع الجديدة في "أل.بي.سي." دفعت الكثيرين من العاملين فيها ومن الوجوه التي تكرّست عبرها الى التفكير في الانتقال الى مؤسسات اخرى او الى السفر للعمل في الخارج. وهذا ما قاله ل "الحياة" أحد أهم الناجحين فيها، خصوصاً ان مؤسسات تلفزيونية عربية عدة تطمح الى اجتذاب مذيعين وصحافيين ومقدّمي برامج من لبنان عموماً، ويبدو أنها ستنجح في تحقيق ذلك قريباً. وفي المقابل، يتردد ان الادارة الحالية في صدد توظيف وجوه جديدة في سياق تنويع سياسي وطائفي في الجهاز الفني والتحريري.