استأثرت مسألة تنشيط الاتحاد المغاربي يضم الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وموريتانيا بقسم مهم من المحادثات التي أجراها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي مساء أول من أمس في واحة توزرجنوب تونس حيث يمضي القذافي فترة نقاهة لم تحدد مدتها. وأكد بن علي للقذافي في المحادثات دعم بلاده لموقف ليبيا من قضية لوكربي. وكان الزعيم الليبي وصل الى تونس براً أول من أمس في "زيارة أخوة ونقاهة" واتجه الى واحة توزر حيث يكون محل عناية من الطاقم الطبي الذي يرافقه في فترة العلاج من الكسر الذي أصيب به في الفخذ الصيف الماضي. وأتت زيارة القذافي لتونس قبيل الزيارة الرسمية التي يتوقع أن يقوم بها الرئيس بن علي الى المغرب وهي الأولى منذ وصوله الى سدة الرئاسة في العام 1987 والتي يرجح أن تتم بعد الاحتفالات بالذكرى الحادية عشرة للسابع من تشرين الثاني نوفمبر في تونس والذكرى الثالثة والعشرين للمسيرة الخضراء في المغرب. وكانت الزيارات السابقة للمغرب تمت في اطار قمم الاتحاد المغاربي. وتعكس الزيارتان التطور الذي شهدته العلاقات الثنائية بين غير عاصمة مغاربية. فالعلاقات باتت سالكة بين المغرب وليبيا - مثلما أثبتت ذلك نتائج الاجتماعات الأخيرة للجنة العليا المشتركة التي ترأسها كل من السيد عبدالرحمن اليوسفي ونظيره الليبي السيد محمد أحمد المنقوش - وبينهما وبين تونس، إلا أن المراقبين لا يتوقعون أن يعطي المناخ الجديد دفعة للدماء في شرايين الاتحاد المغاربي الذي جمدت مؤسساته منذ خريف العام 1995 بسبب تزايد الخلافات بين الجزائر والمغرب. وساعد تفاقم الأزمة السياسية الداخلية في الجزائر وانشغال المؤسسات الرسمية بالإعداد للانتخابات المبكرة في إضعاف امكانات عقد القمة المغاربية المرجأة منذ العام 1995 والتي يفترض أن يتسلم بعدها الليبيون رئاسة الاتحاد من الجزائر، كذلك أدت التطورات الداخلية الى إرجاء اجتماعات اللجان المشتركة مع العواصم المغاربية الأخرى. وأظهر التونسيون والليبيون في غير مناسبة اهتماماً خاصاً بالسعي الى رفع العقبات من طريق القمة المغاربية، كونهم ليسوا طرفاً في الصراع الذي يشل مؤسسات الاتحاد. ولوحظ أن الوضع المغاربي ومستجدات قضية لوكربي طغيا على محادثات الرئيس بن علي والعقيد القذافي في توزر أول من أمس ما عكس استمرار هاجس السعي الى تحقيق مصالحة مغاربية شاملة. إلا أن مصادر مطلعة رأت ان مثل هذه المصالحة لا تكون سوى ثمرة لعمل طويل الأمد يرمي الى تنقية العلاقات من عناصر التوتر خصوصاً الخلاف على الصحراء، بالاضافة لانهاء البرود الذي يسيطر على العلاقات الليبية - الموريتانية على رغم المصالحة التي تمت برعاية تونسية على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس معاوية ولد طايع لتونس العام قبل الماضي، لكنها لم تعط حتى الآن دفعة جديدة للعلاقات الثنائية. واكد ناطق باسم الرئاسة التونسية أمس ان بلاده اعادت تأكيد دعمها الموقف الليبي من قضية لوكربي. وقال الناطق باسم الرئاسة التونسية ان "الرئيس أعاد تأكيد الموقف المتضامن والثابت لتونس التي لم تتوقف عن بذل الجهود للتوصل الى اتفاق سلمي مشرف عبر المفاوضات لهذه القضية". واضاف الناطق ان بن علي شدد على ضرورة تفعيل اتحاد المغرب العربي واحياء هيكليته. ودعا الرئيس التونسي كذلك الى تعزيز التعاون الثنائي بين ليبيا وتونس ليشمل مجالات البنى التحتية الاساسية والاستثمارات فضلا عن زيادة المبادلات التجارية.