قال وزير المال المصري محي الدين الغريب ل "الحياة" ان بلاده لا تسعى الى الاشتراك في برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي بعد انتهاء فترة القرض المتوافر عند الطلب وتنتهي آخر ايلول سبتمبر المقبل. واضاف: "لا يستمر التعاون مع صندوق النقد الدولي من دون برنامج رسمي". وأشار الى ان علاقات مصر مع المؤسسة المالية الدولية جيدة وان العاملين فيها أثبتوا انهم "مستشارون متفهمون ونزيهون" خلال عملهم في الاعوام الاخيرة حين كانت مصر تنفّذ برامج مع المؤسسة. وقال السيد الغريب: "يجب الاعتراف بأن صندوق النقد الدولي والعاملين فيه اثبتوا انهم يتفهمون مشاكل مصر ويدركون ان العناية بالفقير وضمان وجود شبكة امان اجتماعية يساهمان في نجاح البرنامج". وتحدث الوزير المصري الى "الحياة" بعدما حضر اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين السنوية المشتركة في واشنطن. واشار الى ان حكومة بلاده لم تشعر بحاجة الى برنامج جديد لأن الاقتصاد المصري ينمو ولأنها الحكومة ماضية في تنفيذ خطط الاصلاح الاقتصادي، وتبذل جهوداً كبيرة لاجتذاب الاستثمارات خصوصاً الاجنبية منها على رغم صعوبة الوضع الدولي وتراجع اسعار النفط الذي أضرَّ ببعض دول المنطقة التي تعتمد على عائدات النفط اكثر مما تعتمد مصر عليها. وقال الوزير المصري: "ربما كان الوضع في مصر لا يزال افضل من الوضع في عدد كبير من الدول الاخرى لسبب بسيط هو ان عدوى أزمة جنوب شرقي آسيا لم تنتقل الى مصر لأن برنامج التحرير الاقتصادي والتخصيص في مصر، بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي ودعمه، مستمر على نحو ملائم، وتم تطبيقه على نحو صحيح فعّال. ولهذا بدت علامات ايجابية جداً على المؤشرات الاقتصادية المصرية، وتسجل الاسواق المالية في مصر مكاسب متواصلة مطردة، لكنها معتدلة يستفيد منها المستثمرون". وذكر السيد الغريب ان بلاده نجحت منذ فترة في اجتذاب الاستثمارات الاجنبية، وقال: "ساهمت الحوافز المتوافرة للمستثمرين في تشجيع الاستثمارات الاجنبية المباشرة فيها خصوصاً في مشاريع البنى التحتية في مجال توليد الطاقة والمطارات الجديدة والمناطق الصناعية والطرقات وهي مجالات سُمح بدخولها للمستثمرين الاجانب بموجب ترتيبات بوت". وكان وزير المال المصري قابل رئيس البنك الدولي جيمس ولفنسون ونائبه المسؤول عن شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا للبحث في برنامج مصر مع المؤسسة الدولية. وقال ان بلاده تنوي التركيز على الصحة والتربية والتأهيل والري في القروض التي ستطلبها من البنك الدولي. يُشار الى ان مصر اقترضت 142 مليون دولار العام الماضي لتمويل خمسة مشاريع في مجالات الصحة والزراعة والتخفيف من التلوث. ومنذ عام 1990 اقترضت مصر نحو 1.7 بليون دولار لعشرين مشروعاً اي نحو 200 مليون دولار ومشروعين او ثلاثة مشاريع في كل عام. وعلى رغم ان مصر تُعتبر من كبار المقترضين من البنك الدولي بين دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا، الا انها لم تقترض بمقدار ما قدمته المؤسسة الدولية الى المغرب والجزائر وتونس. ورداً عن سؤال تناول رفض مصر زيادة اقتراضها من البنك الدولي، قال الوزير: "ان القطاع الخاص المصري ينشط في المجالات التي كانت مصر تعتمد فيها على ما كانت تقترضه من البنك الدولي سابقاً كمجال توليد الطاقة وتعبيد الطرقات وانشاء المطارات والبنى التحتية الاخرى. واضاف ان حكومته لا ترغب في استخدام ضمانات المخاطر الجزئية من البنك الدولي لانها تستطيع توفير هذه الضمانات بنفسها عبر ادوات البنك المركزي المصري. وتعليقاً على الجهود التي بذلها البنك الدولي اخيراً لاعادة النظر على نحو شامل في حقيبة قروضه الى مصر بغية تحسين اداء مشاريع الحقيبة، قال الوزير المصري: "لا يصادف البرنامج مشاكل في الوقت الراهن والبرامج التي يمولها البنك الدولي تُدار بفعالية بما في ذلك برنامج الصندوق الاجتماعي". وقال مسؤول في البنك الدولي ل "الحياة" ان علاقات المؤسسة مع مصر جيدة على رغم ان مصر لا ترتبط ببرنامج كبير معها. واضاف: "مصر على استعداد للاصغاء الينا ونحن نتحدث مع المسؤولين فيها ونتباحث معهم في المشاريع الممكنة وفي مسائل ترتبط بالسياسات الاقتصادية والمالية". ولفت المسؤول الدولي الى ان الاقتصاد المصري يتحسّن، كما لفت الى ان حكومة مصر مصممة على المضي في سبيل مستقل عن المشورة التي يقدمها صندوق النقد والبنك الدوليان. وعزّزت الازمة الآسيوية تصميم الحكومة المصرية على مواصلة تنفيذ برامج الاصلاح الاقتصادي بسرعتها الخاصة بها. وشدد المسؤول الدولي على ان البنك الدولي مستعد لاقراض مصر "عندما تطلب ذلك". وينتظر ان يوافق البنك على تقديم ثلاثة قروض الى مصر السنة الجارية لتنمية القطاع الخاص والزراعة وللمرحلة الثالثة من الصندوق الاجتماعي.