اعترفت جامعة فيرجينيا التكنولوجية فيرجينيا تك، وهي الاكبر في الولاية، بأن الغش الذي يرتكبه الطلاب بمساعدة الكومبيوتر يزداد بسرعة، ما ذكّر الاوساط المعنية كافة بسلبيات التكنولوجيا المعاصرة. ويقول ليون غيير، الذي يشرف على نظام الشرف الذي يديره الطلاب في معهد البوليتكنيك الخاص بولاية فيرجينيا فيرجينيا بوليتكنيك انستيتيوت وفي جامعة الولاية، التي يطلب العلم فيها 25 الف طالب: "ازدادت حالات الغش. ففي الماضي كان على الغشّاش ان ينقل من الكتب، لكن بات بوسع الغشاش الاكتفاء بالنسخ واللصق". ويقول مسؤولون في الجامعة ان عدد الشكاوى من الغش ازدادت الى 280 شكوى العام الماضي، بعدما كان 80 شكوى عام 1995/1996. ومن هذه الشكاوى ان الغشاش ينقل المعلومات من انترنت من دون الاشارة الى مصدر هذه المعلومات، وان الغشاشين يتبادلون الاجوبة عينها على الاسئلة المطروحة او يتبادلون معلومات اخرى بواسطة البريد الالكتروني او الاقراص المرنة، ويسرقون المعلومات من شاشة جهاز كومبيوتر خاص بطالب آخر او من نظام البريد الالكتروني الخاص به. وليس معهد فيرجينيا تك الوحيد الذي يشهد تعاظماً في الغش او الذي يقلق منه ويبذل جهوداً كبيرة في سبيل اكتشافه والحؤول دون ارتكابه. فالكومبيوتر الشخصي عزّز التعلم ورفع من شأنه لكنه جعل ارتكاب الغش امراً سهلاً بسهولة توجيه الفأرة والضغط عليها، او بسهولة تبادل الاقراص المرنة التي تحتوي على الاجوبة بغية الاجابة من المنزل على اسئلة الامتحانات المختلفة. وبات نقل عمل من اعمال الغير او سرقته سهلاً جداً، على حد ما يقول البعض، الى حد ان الطلاب قد يعتادون على النتائج الاخلاقية والقانونية للغش ويألفون التعايش معها كما يألف سائقو السيارات حالياً تجاوز السرعة التي يسمح بها القانون. ويقول كريس داكنفيلد، نائب الرئيس المسؤول عن علوم الكومبيوتر وتكنولوجيا المعلومات في جامعة كلمسون في ولاية جنوب كارولاينا: "لنفترض ان كلاً من الطلاب كافة يملك كومبيوتراً مشبكاً فبوسع الطلاب تبادل المعلومات الكترونياً، وبوسعهم الحصول على المعلومات الكترونياً. ومن ذا الذي سيراقب كل طالب من الطلاب او "يتجسّس عليه" لكي يرى ما يفعله"؟ وفي تشرين الاول اكتوبر الماضي تعاظم القلق في جامعة بوسطن من الغش بواسطة الكومبيوتر بحيث اقامت دعوى أمام المحاكم الفيديرالية لكي تحول دون قيام ثماني شركات ببيع تقارير طالبية علمية رسائل فصلية بواسطة انترنت في مسّاتشوسيتس. وجاء رفع الدعوى بعد مرور ربع قرن على نجاح الجامعة في الدعوى التي اقامتها على من كان يعرض للبيع رسائل فصلية مطبوعة على الآلة الكاتبة من باصات من صنع شركة فولكسفاغن تجوب شوارع بلدة كمبريدج. وصارت الولاية تحظر الآن بيع الرسائل الفصلية المطبوعة. وفي جامعة كاليفورنيا في بلدة باركلي، ابتدع ألكس آيكن، استاذ علوم الكومبيوتر، برنامجاً يكشف الغش في الدروس التي يعطيها في فن البرمجة او علم البرمجة. وبث البرنامج، الذي يدعى موس قياس التشابه في البرامج، على انترنت موقع www.cs.berkeley.edu/aiken/ moss.html ويستخدم هذا البرنامج الآن اكثر من 500 استاذ جامعي ينشطون في جامعات في العالم كله. ويعزو آيكن تعاظم الغش واستفحاله الى ان الاتصالات الالكترونية تفتقر الى هوية لا وجه لها ولا صاحب محدّد، والى موارد انترنت الضخمة والى سرعة الكومبيوتر التي تزداد باطراد وتتضاعف، ويقول: "يسهل الاعتماد على العفوية وعدم التفكير لأنه بات بوسع الطالب ان يحل مسألة ما بسرعة اكبر من السابق". ويبدو ان هذا ما حدث بالنسبة الى رئيسة نادي اتحاد الطلاب في جامعة اكسفورد البريطانية العريقة التي طُردت من الجامعة بعدما اتضح للسلطات الجامعية المختصة انها غشّت في الامتحانات النهائية من طريق نقل مقال من الكومبيوتر كانت كتبته مسبقاً أو في وقت سابق للامتحانات. وفي معهد فيرجينيا تك، في الربيع الماضي، اتهم عشرات الطلاب الذين كانوا يدرسون مادة برمجة الكومبيوتر بالمشاركة في المعلومات الكترونياً في امتحان نهاية عام من الاعوام الدراسية. وبلغت نسبة المتهمين عشرة في المئة تقريباً من اصل طلاب بلغ عددهم 600 طالب. وفي خلال الفترة الاخيرة نقل طالبان، كانا على وشك التخرج من الجامعة، مادة كان اتمها زميل لهما وذلك من جهازه الى جهازهما وادعيا ان المادة من صنع ايديهما. ويذكر ان الطالبين كانا يدرسان برمجة الكومبيوتر، واكتشفهما برنامج يشبه برنامج آيكن. غش سهل وتقول أماندا ريتش الطالبة في معهد فيرجينيا تك والبالغة الحادية والعشرين من عمرها، والتي تقطن بلدة كلينتون في ولاية اللينوي: "لا يبدو ان المشكلة تزداد بداعي ان الغش صار اسهل بكثير مما كان عليه سابقاً". يذكر ان هذه الطالبة هي كبيرة القضاة المولجين بالاشراف على نظام الشرف في معهد فيرجينيا تلك حيث تمت محاكمة الغشاشين. وتقول ريتش ان بعض الحالات التي عُرضت على المحكمة كانت غشاً بيّناً بينما يبدو ان البعض الآخر يدل على جهل من الطلاب الذين لا يفقهون الانظمة والقوانين التي تسيّر البحث العلمي وتشكل جزءاً لا يتجزأ منه. وبصرف النظر عن دوافع الغش، لا يعرف الاساتذة والاداريون في معهد فيرجينيا تك كيف يتعيّن عليهم الرد على الظاهرة. ويقول جون كارول، استاذ علوم الكومبيوتر في المعهد: "لا اعرف ما اذا كانت الظاهرة تشكل بدء اتجاه بشع مخيف أم انها امر عابر فعالم الغش عالم جديد". لكن الاساتذة لا ينتظرون صدور او رسوخ وصايا جديدة بخصوص الكومبيوتر. فالبعض اعتاد على البحث في انترنت وعلى تصفحها عندما يشك في أمر معلومات موجودة في رسالة فصلية. وكتب استاذ في جامعة آيووا مقالاً الكترونياً تحت عنوان "رسائل فصلية يمكن نقلها من الكومبيوتر: ماذا على الاستاذ ان يفعل؟". ويقول هذا الاستاذ، وهو توم روكلين، ان بعض المعلمين يشجعون، من حيث لا يدركون، الطلاب على الغش من طريق اعطائهم وظائف تتطلب التملك من معلومات عامة او من طريق تكليفهم بتنفيذ مهمات علمية متعددة جداً في نهاية الفصل الدراسي. ويضيف روكلين: "اذا ربط المدرس الوظيفة المنزلية على نحو محكم جداً بما يفعله ويدرّسه في الصف، يصعب الغش على الطالب". ويقول روكلين ايضاً ان على المدرّس ان يطلب من الطالب ملخص رسالة فصلية ما او مسودة لها لكي يتمكن من رصد التقدم الذي يحرزه الطالب. ويقول غيير، مستشار هيئة المدرسين في معهد فيرجينيا تك في نظام الشرف ان الغش في الكومبيوتر سهل لكن "اكتشاف الغش سهل ايضاً وهو ما لم يدركه الطلاب حتى الآن". والمعلوم ان الطالب الذي تثبت عليه تهمة الغش في معهد فيرجينيا تك يعاقب بطرق مختلفة تراوح بين منحه علامة الصفر في مادة من المواد او منحه ما يعادل صفرين في امتحان من الامتحانات.