لم تبت اللجان النيابية المشتركة في لبنان في جلستها التي عقدت أمس وسادها هرج ومرج، باقتراح قانون الكهرباء، وأعلن رئيسها النائب روبير غانم بعد الجلسة عن تأجيلها الى غد الأربعاء. وكانت هذه اللجان (الإدارة والعدل، المال والموازنة، الأشغال العامة والطاقة)، عقدت جلستها الثانية، ظهراً في قاعة المكتبة العامة في البرلمان، لمناقشة خطة الكهرباء. وحضر الجلسة وزيرا الطاقة جبران باسيل، والمال محمد الصفدي، وحشد نيابي من المعارضة الى جانب نواب من الأكثرية، ومسؤولين معنيين. وذكرت مصادر في المعارضة أن باسيل «لم يبدل من موقفه خلال الجلسة وتبين لنا أنه حضر هذه المرة كما في السابق من دون أن يكون لديه أي خطة ولا يريد أن يضع قيوداً من شأنها وضع ضوابط، ويرفض أي تعديل يتطابق مع قرارات مجلس الوزراء». وغمزت المصادر نفسها من قناة النائب غانم «الذي لم يتصرف كحيادي في إدارته للجلسة وإنما انحاز كلياً الى جانب باسيل ولا ندري لماذا اتخذ هذا الموقف، خصوصاً أننا كنا أكثرية، وتجنب طرح ما نوقش على التصويت وأنقذ بتصرفه هذا الوزير باسيل». واستهلت الجلسة بالاستماع الى ردود الوزير جبران باسيل، الذي حاول الإجابة على أسئلة طرحها نواب من المعارضة في الجلسة السابقة، واستحضر النائب سامر سعادة حادثة فاريا وما رافقها من ضجة، وساد الجلسة هرج ومرج وعمل غانم على ضبط الجلسة وتصويب النقاش حول قانون برنامج خطة الكهرباء، إلا أن نواب المعارضة تمسكوا بمواقفهم وتسجيل اعتراضهم على الخطة، معتبرين أنها مليئة بالثغرات، وطرحوا اقتراحات حول موضوع صناديق التمويل، والشروط، وما إذا وضع في صلب المشروع ما نوقش في مجلس الوزراء، بما فيه الأسباب الموجبة. وأعلن غانم بعد الجلسة أن «النقاش كان في شق منه قانونياً فنياً تقنياً، وفي شق آخر سياسياً، وكما البلد منقسم، ضمن اللجان كان يوجد هذا الانقسام، تقدم أحد الزملاء بعد مناقشات طويلة باقتراح تعديل المشروع الوارد من الحكومة في الأسباب الموجبة وفي البند الأول منه بإضافة فقرتين الأولى تقول إن دفاتر الشروط يجب أن تعرض بعد إنجازها على مجلس الوزراء للموافقة وأن نتيجة الالتزامات التي تتم يجب أن يوافق عليها مجلس الوزراء وهذا موضوع أخذ نقاشاً كبيراً وجدلاً قانونياً ودستورياً، وبما أن هذا التعديل لم يرد في شكل خطي ليوزع على كل الزملاء كي يتسنى لهم الاطلاع عليه أو الموافقة عليه أو عدم الموافقة عليه، تأجلت الجلسة الى الأربعاء على أن أطرح هذا الاقتراح على التصويت». السجال على منصة الإعلام ثم انتقل السجال السياسي الى المنصة الإعلامية حيث تناوب فريقا المعارضة والأكثرية على تبادل الاتهامات. واتهم إبراهيم كنعان «الفريق الآخر بأنه قدم اقتراحاً غير مقبول لأنه يعطل الفصل بين السلطات، هم لا يريدون الكهرباء في لبنان والأمر يعود الى رئيس المجلس للبت في الموضوع وطرحه على الهيئة العامة، والوزير أعطاهم كل الردود على الأسئلة والتبريرات اللازمة، هم يريدون تخصيص الكهرباء والتصويت لإسقاط هذا المشروع». واتهم عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» علي عمار «الفريق الآخر بتعطيل الكهرباء باستخدام الكيدية السياسية». وأضاف: «أمعن هذا الفريق الذي يسمي نفسه معارضة اليوم باستباحة كل شيء طيلة العقود التي تولى فيها السلطة، هذا الفريق قدم اقتراحات ولو كانت فنية أو تقنية وذات صلة بمشروع القانون المحال من الحكومة لما كان لدينا مانع من الاعتراض عليها إلا أنهم طرحوا اقتراحاً لمصادرة صلاحيات الوزير المختص، وأن تلزم الحكومة بما هي ملزمة به على سبيل لزوم ما لا يلزم، ولذا نقول إننا مع هذا المشروع، وسنكون بالمرصاد لكل من يريد تعطيل هذه الحاجة الأساسية للناس». وقال النائب جان أوغاسبيان إنه «كوزير سابق في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة كنا بحثنا موضوع الكهرباء، ووضعنا ورقة لسياسة الكهرباء في لبنان، واليوم وزير الطاقة باسيل يقول إنه ينفذ سياسة الكهرباء التي كانت أقرت في مجلس الوزراء، وأحب أن أؤكد نقطتين مهمتين: هذه السياسة يجب أن تحال على المجلس النيابي، وتجري مناقشة مضمونها وإقرارها في اللجان المختصة، ثم إقرارها في الهيئة العامة وعندها نقول إن النواب وافقوا على هذه السياسة». وأضاف: «إذا كان فعلاً كما يقول الوزير يطبق هذه السياسة التي وضعت عام 2011 أنا أسأله إذا كانت هذه السياسة مبنية على إنشاء معامل جديدة ومصادر تمويلها من القطاع الخاص وزمن القروض الدولية، لماذا ذهبت الى المرحلة الثانية لإنتاج 700 ميغاوات، ولم تلجأ أو تعود للكلام الوارد في المرحلة الأولى؟». وركز رئيس لجنة الصحة العامة النيابية عاطف مجدلاني على الشق الصحي من موضوع الكهرباء سائلاً باسيل: «ما هي الطريقة التي ستعتمدها الخطة بموضوع خطوط التوتر العالي التي تمر فوق رؤوس المواطنين في منازلهم مثل المنصورية – عين سعادة وكسروان؟»، قائلاً: «التيار الوطني الحر ووزيره يأتيان اليوم ليقولا لأهلنا في مناطق المنصورية عين سعادة وكسروان أن ليس هناك من مشكلة في مدّ هذه الخطوط هوائياً وليس هناك أي أثر سلبي على الصحة والبيئة. ومن لا يعجبه هذا الكلام نرسل له الجيش لتأديبه، والمؤسف أن الحكومة أيدت طرح وزير الطاقة هذا ووافقت على طلبه بمدّ هذه الخطوط بالقوة بقرار منها». وقال محمد قباني أنه لا يثق بالوزير باسيل لأنه «بممارساته يعتبر نفسه فوق الدستور والقانون والمجلس النيابي، والحكومة وديوان المحاسبة». وقال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» نبيل نقولا: «جماعة 14 آذار لا يريدون الكهرباء، لكن إذا سقط المشروع اليوم فإنّ رئيس المجلس نبيه بري سيحيله على الهيئة العامة لإقراره، إذ إنّ هناك طرقًا عدة لتمريره». اقتراحات المعارضة وكان النائب غازي يوسف عقد مؤتمراً صحافياً قبل الدخول الى جلسة اللجان أعلن خلاله موقف كتلة «المستقبل» ونواب 14 آذار من مسألة الكهرباء، مذكراً «بأننا من أوائل المبادرين الى إيجاد قدرات إضافية لإنتاج الكهرباء في لبان، والقانون 462 الذي ينظم القطاع صدر أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وكنا من أوائل النواب آنذاك، وكان هناك المستقبليون الحريريون الذين بادروا الى إقرار هذا القانون الذي ينظم قطاع الكهرباء ويلزم الوزير، أي وزير بالفصل بين الإنتاج والنقل والتوزيع، ويلزمه أيضاً باشراك القطاع الخاص عبر الهيئة الناظمة التي تصدر تراخيص الإنتاج والتوزيع، وتراقب عمل المنتجين في القطاع والموزعين وتوحد التعرفة بطريقة تنافسية للوصول الى كلفة أقل على المواطن مع حصوله على كامل الخدمات، أعتقد أن لا أحد يستطيع أن يزايد علينا في هذا المضمار والخطة التي لم توزع على كل النواب ويتباهى بها الوزير، هي ورقة وتكملة لعمل تراكمي بدأ وظهر في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005، وعرضت في مؤتمر «باريس -3» وحصلت على موافقة الدول المانحة والصناديق لتمويل إصلاح قطاع الكهرباء». وشرح يوسف أن «هذه الورقة تتضمن في محورها الأول إضافة 700 ميغاواط وبشكل طارئ وبتمويل من الدولة اللبنانية، وكانت الحكومة السابقة أعطت وزارة الطاقة سلفات خزينة لإجراء الدراسات اللازمة للبدء بمشاريع الإنتاج والنقل والتوزيع الملحوظة ضمن الخطة، وأنذرتنا الأسباب الموجبة في الورقة بأنه في حال لم تقر هذه الخطة، فسيصل معدل التقنين عام 2013 الى 12 ساعة يومياً والخسائر المادية على الاقتصاد تبلغ اليوم 12 ألف دولار بالدقيقة يعني فوق ال17 مليون دولار في اليوم، أي فوق 6,3 بليون دولار بالسنة، نحن بالوقائع قلنا للوزير باسيل بكل بساطة إن هذه الأرقام مضللة، وكيف يستطيع أن يقول لنا إن السنة المقبلة هناك 12 ساعة قطع الكهرباء إذا لم تقر الخطة، وكلنا نعرف أن الخطة هي لأربع سنوات، معنى ذلك أنه لن يكون 600 أو 700 ميغاواط إضافية إلا بعد أربع سنوات. لذلك هذه ليست أسباباً موجبة بل هي أسباب مضللة للأرقام والإدارات». وأورد يوسف اقتراحات تضاف الى متن القانون (وزعتها كتلة «المستقبل» مكتوبة لاحقاً) تؤكد «ضرورة موافقة مجلس الوزراء على دفاتر الشروط ونتائج المناقصات لاتخاذ قرار التلزيم، وعرض دفاتر الشروط على الصناديق العربية المقرضة أو من تنتدبه عنها قبل التلزيم لضمان تأييدها وتسهيل الحصول على التمويل اللازم بالشروط الميسرة بما في ذلك التمويل اللاحق بمفعول رجعي، والتزام الحكومة بتعيين الهيئة الناظمة خلال ثلاثة أشهر وتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان خلال شهرين من تاريخ صدور هذا القانون، وتقديم عرض خطي موجز يبين المحاور الأساسية في الخطة الشاملة لقطاع الكهرباء وتبين أيضاً سياسة الحكومة في ما خص الإنتاج وطبيعته وأمكنته ودور القطاع الخاص فيه، كذلك أيضاً سياستها في استجرار الكهرباء من الخارج وأيضاً في ما خص أنواع المحروقات لإنتاج الكهرباء والنقل والتعرفة والجباية ومعالجة تفاقم العجز في مؤسسة كهرباء لبنان واسلوب ومصادر التمويل المقترحة».