أساءت اليّ "الحياة" كثيراً عندما صيّرت ردّي على الدكتور عدنان الرشيد أصل الغجر، و"برخت"" 17/8/98 أشبه بمن يتوقف مباشرة بعد القول: "لا تقربوا الصلاة". وفي اعتقادي الراسخ ان النهي" أو النقد، كما في هذه الحالة بالذات" يجب ان يُنشر معللاً مفسّراً، أو لا يُنشر على الاطلاق - وليس ثمة ضرورة لتذكيري "بحق تنقيح الرسائل واختصارها"، لان حذف... "وأنتم سكارى" ليس تنقيحاً أو اختصاراً! مهّدت لردّي المزدوج على الاستاذ الرشيد بقول الشاعر الروماني "هوراس" هوراشيو: "حتى هوميروس... يُخطىء احياناً". لكن هذا القول المأثور طار من الرد المنشور، مثلما طارت من الجملة الاولى كلمتان - "فسارع عدنان التأكيد"، والصحيح: "فسارع عدنان الرشيد الى التأكيد". كذلك طارت من الجزء المعد للغجر جملتان، لن أكررهما هنا... لئلا تُحذف من هذا الردّ معلومات أهم منهما بكثير. اسوأ من هذه وتلك، هو حذف الحجج التي بُنيت عليها الجزء المتعلق بالكاتب المسرحي الألماني Brecht" الامر الذي شجّع دكتورنا الرشيد على اتهامي بالجهل، وبان "الساحة العربية مليئة" بأمثالي الذين يهرفون بما لا يعرفون... و"كان الاجدر بك ان تسأل احد موظفي السفارة الألمانية في بيروت عن اسم الكاتب هل هو برشت ام برخت؟" "الحياة"، 21/8/98. ولإثبات "جهل السيد غصن"، قوّلني الاستاذ الرشيد ما يلي: "كيف لي ان أثق بالمعلومات التاريخية لأستاذ الادب الألماني وهو الذي يضرب خبط عشواء حتى في الالمانية وصحح لنا اسم الكاتب برشت وليس برخت". أنا قلت: "... بالمعلومات التأريخية والهمزة هنا بالغة الأهمية و"الإنسيّة"..."" أما الكلمات السبع الاخيرة، فهي ليست لي راجع ردّي في 17/8/98. ويضيف: "لو لم تقل هذا الكلام لهان الامر، لكنك اقحمت نفسك في لغة لا تعرفها وأمضيت انا في بلد هذه اللغة 17 عاماً من الثانوية حتى الدكتوراه...". واسأل "أخي" الرشيد: كيف عرف انني لا أعرف الألمانية؟ إن "القارىء اللبيب"، كما يقول الاستاذ الرشيد، "يدرك الغث من السمين"" فلْيطّلع القراء على حجج الاتهام التي بترها سيف "الحياة". قلت، وأنا الذي لا يكتب اي شيء الا مدعماً بالأدلة والإثباتات والشواهد: "ثمة احتمالان، هنا. لا ثالث لهما: فإما ان السيد الرشيد نسي الألمانية التي تعلّمها قبل اربعة عقود، وإما ان أساتذته كانوا... فرنسيين! فكل المثقفين الألمان الذين أعرفهم يؤكدون ان اعتماد حرف "الشّين" في تعريب اسم Brecht مثلما جزم الرشيد مؤنباً، خطأ كبير. ويقولون ان اللفظ الصحيح - وحبّذا لو كانت الكتابة قادرة على نقل الصوت والنطق - هو "خاء" خفيفة، أشبه بلفظِ غيرِ العرب لحرفنا العربيّ "حاء". ويفضّل احد "مستعربي" السفارة الألمانية في بيروت الملحق الثقافي، وليس "احد موظفي السفارة"، الدكتور Lang، وهو ابن المنطقة التي أنجبت الكاتب المسرحي، ان نعرّب الاسم بالحاء: بْرحت! وبسبب هذه الخاصية اللفظية في الألمانية، اختار البريطانيون والاميركيون لفظ الاسم: Brekt وبسترز كوليجييت، أو Brekht موسوعة كايمبريدج المصغّرة. ويعرف الاستاذ الرشيد بالتأكيد ان الاحرف الاربعة الاخيرة من اسم الكاتب الالماني أي: Echt كلمة دخلت الانكليزية - أو الإنجليزية - بمعنى: حقيقي، أو أصيل، أو طبيعي. ويذكر "القاموس العالمي الموسوعي" البريطاني انها تلفظ EKT... و"بالألمانية EKHT" انتهى الكلام الذي اقتُطع من ردّي السابق. أضيف الى ما تقدّم، ان الملحق الثقافي الجديد، السيد Schmidd" والمستشرق في "معهد الشرق" الألماني، الدكتور Lemke، اكدا ايضاً - دونما اي تحفظ أو تردد - ان لفظ اسم الكاتب المذكور بالشين يدلّ اما على ثقافة فرنسية، وإما على جهل بالالمانية! فهل هؤلاء، ايها الدكتور الرشيد، يهرفون بما لا يعرفون؟ هل معاجمنا، التي تكتب "برخت" مثالاً لا حصراً، "المورد"، و"المنجد" في اللغة والاعلام، "تهرف بما لا تعرف"؟ هل المعاجم البريطانية والاميركية... "تهرف بما لا تعرف"، لانها لا تعرّف اللفظ الصحيح: Bresht، وانما Brekt Brekht؟ سؤال اخير: هل يستحق الفرق بين الخاء والشّين مثل هذا السجال... والتعب؟ والجواب: نعم، لان "استاذ الادب الالماني" يصوّر نفسه المرجع الأفضل. * المحرر: حصل فعلاً بتر لردّ السيد غسان غصن وربما اساء اليه من دون ان تكون الاساءة مقصودة. ونعتقد ان السجال بين السيدين غصن وعدنان الرشيد كان شيقاً ومفيداً ولعله بلغ الآن أقصاه وبالتالي نهايته.