جاكارتا - على قاب قوسين أو أدنى من الاحتفال بعيد الفطر المبارك والمشهد في جاكارتا، عاصمة اندونيسيا، يدعو الى كل شيء عدا البهجة. المثل القائل ان الناس باتت تستجدي الملح يتجسم في ارتال بلا نهاية، ومع كل سقطة للروبية ترتفع الاسعار والاصوات المستنكرة تتعاظم، فما عاد احد قادراً على السكوت حيال بطش الدولار وافلاس المؤسسات وارتباك السوق واقفال المحال التجارية ابوابها، ناهيك عن تصفيح مداخلها خوفاً من اندلاع النهب في اية لحظة. في المصارف يرفعون اكوام العملة ويوضبونها كأنما للتلف او للحرق. والواقع المرّ ان الروبية احترقت بعدما ادركت مطافها الاخير. في العيون دموع كثيرة تتسابق المطر اليومي في موسم الامطار والدموع. وللمرة الاولى لا تتحرك الشرطة لتفريق الذين بقيت في حناجرهم صرخات احتجاج فحملوا صور سوهارتو امام مبنى الحكومة وفوقها كلمة "مطلوب"! نعم سوهارتو الذي بقي حتى الامس القريب شبه "مقدس"، تبخرت هالته لشدة الهول الذي نزل بشعبه. كان مضحكاً حدّ البكاء اعلان الميزانية العامة منذ يومين وهي تحتوي كل ما يناقض الحقيقة كأنها مهزلة جاءت تستمر من واقع معيشي. ديون الدولة حوالى 75 بليون دولار. الديون التجارية 65 بليوناً، ومجموع العجز يقارب مئتي بليون، لكن وزير المال الاندونيسي معاري محمد يتحدث في مشروع الموازنة عن معدل صفر في التضخم وخمسة آلاف روبية للدولار، اي ثلث سعرها الحالي في السوق راهناً. نمر الاقتصاد الاندونيسي في ايدي الجزارين من كل حدب وصوب. لكن جلد النمر آيل الى الركون امام مدفأة البيت الابيض، كما يتوقع المراقبون.