هيمن ملفان على اجتماعات "الكونغرس الوطني الثالث" الذي عقدته "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" بزعامة نايف حواتمة، نتيجة قرارها في الدورة الثالثة لپ"المؤتمر العام" في تشرين الأول اكتوبر 1994 نقل "القيادة الى الداخل". اذ ان قياديي الداخل والخارج كان عليهم ان يجيبوا عن "سؤالين استثنائيين" هما: هل يشارك عناصر الجبهة وقياديوها الذين دخلوا الى مناطق الحكم الذاتي في المؤسسات الأمنية والعسكرية للسلطة الوطنية الفلسطينية؟ هل صارت الظروف مناسبة لاستئناف العمل العسكري؟ المعلومات المتوافرة لپ"الحياة" من داخل الاجتماعات التي استمرت ثلاثة أيام في الأسبوع الماضي، تؤكد ان "خلافاً أساسياً ظهر بين قياديي الداخل والخارج في شأن موضوع المشاركة في المؤسسات العسكرية، اذ ان قيادة الخارج أيدت بقوة الموافقة لعناصر الجبهة على الدخول في الأجهزة الأمنية والشرطة التابعة للسلطة الوطنية، فيما كان قياديو الداخل يشددون على صعوبة ذلك على الأرض لأنه يؤدي الى مشاكل ميدانية صدامية بن الطرفين، وسياسية تؤدي الى تخفيف شعبية الجبهة". وكانت "الديموقراطية" سمحت في نيسان ابريل 1996 لأعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية بالدخول الى الضفة الغربية وقطاع غزة تحت غطاء المشاركة في اجتماع "المجلس الوطني الفلسطيني" الذي دعت اليه السلطة، واستطاع 16 قيادياً من المكتب السياسي واللجنة المركزية الدخول، في حين ان السيد حواتمة لم يستطع بسبب وجود اعتراضات من الاسرائيليين عليه مع انه طلب وساطة الأوروبيين والروس للمساعدة في ذلك. وبعد مناقشات طويلة اتخذ "الكونغرس الثالث" قراراً بپ"السماح للكوادر بالعمل في الشرطة مع السماح ببعض الاختراقات الأمنية". وقالت مصادر مطلعة على الاجتماعات ان "التبريرات التي قدمت من قادة الخارج ان تجربة لبنان أظهرت مدى أهمية وجود مؤيدين للجبهة في العناصر العسكرية للطرف الآخر بهدف تمرير بعض المعلومات وتقديم تسهيلات". ولم يأبه متخذو القرار بالسؤال الذي طرحه أحد قياديي الداخل: "لو تسلم شرطي مؤيد للجبهة قراراً يطلب منه اعتقال زميل له، ماذا سيكون موقفه؟". مقابل الاجابة التي بقيت معلقة حول هذا الموضوع، فإن "الاجماع" كان أكثر حصولاً في موضوع العمل العسكري، ذلك ان "الجميع كان مدركاً ان العام 1998 سيكون حاسماً لأن مفاوضات المرحلة النهائية ستبدأ ما يعني ضرورة الاستعداد للعمل المسلح النضالي". وقال قيادي في الجبهة: "في هذه الحال سيكون رئيس السلطة ياسر عرفات أمام احتمالين: اما ان يرفض تقديم تنازلات كبيرة للاسرائيليين، أو ان يقدم تنازلات كبيرة في المرحلة النهائية. وفي الحالين فإن الساحة ستكون مفتوحة أمام العمل العسكري". وأضاف "اذا قدم تنازلات ستسود حال يأس جماهيري تتحول الى فعل شعبي ولا بد ان نشارك فيه، واذا رفض فإن الاسرائيليين سيدفعون الأمور باتجاه الصدام ولا بد ان نشارك". واعترف هذا القيادي ان "الديموقراطية" كانت اتخذت قراراً بپ"تجميد العمل المسلح" لأسباب تنظيمية تتعلق بترتيب وضع الكوادر الذين دخلوا الى أراضي الحكم الذاتي اذ لو قامت الجبهة بأي عملية فإنها ستعاني من الاعتقالات وتفكيك البنية التحتية تماماً، من دون ان يعترف بأن السبب يعود الى "التقارب السياسي مع ما كان يتحقق بعد توقيع اتفاق" أوسلو في العام 1993. لكن هل يشمل القرار الأهداف المدنية والعسكرية من الاسرائيليين؟ المعلومات المتوافرة تشير الى ان هذه النقطة شغلت حيزاً من النقاش بين "مؤيد ومعارض" الى ان وصل الجميع الى قرار قضى بپ"استئناف العمل المسلح ضد الأهداف العسكرية وضد المستوطنين في مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني". وقال القيادي: "اننا مدركون ان عملاً ضد مدنيين أو أهداف اسرائيلية في الخارج ليس من سياستنا اذ انه يضر كثيراً بمصالح الجبهة والمصالح الفلسطينية"، مؤكداً ان "الموازنة متوافرة لهذه العمليات على عكس اعتقاد البعض اننا نعاني من أزمة مالية، اذ ان الداخل يحظى بأكثر من 60 في المئة من اجمالي الموازنة". وعلى هامش هذين السؤالين العمليين، طرحت أسئلة أخرى تتعلق بمستقبل اللاجئين في الشتات والدولة والموقف السياسي اذ "اننا مقتنعون تماماً بأن الدولة الفلسطينية قادمة، فحتى وزير البنى التحتية ارييل شارون تحدث عن دولة ما".