غداة صدور القرار بحلّ الرفاه اكبر الاحزاب التركية، بدت الحياة في اسطنبول هادئة واكثر من عادية في يوم رمضاني بارد. لا مجال للمقارنة بين هذه المدينة المنتعشة اقتصادياً وثقافياً والجزائر العاصمة. تفاصيل اخرى ص 8 اكثر من ذلك، ان اعضاء الحزب المنحل يشعرون بشيء من الرضا، كلما تبين لهم مدى "اعتدال" قرار المحكمة الدستورية الذي كان يمكن ان يكون اقسى بمراحل. ووصف احدهم القرار بقوله "انه قرار لطيف" على طريقة "قضاء أخف من قضاء" فقرار الحل لا يمنع حتى رئيس الحزب نجم الدين اربكان الذي وقع عليه غضب العسكر من ترشيح نفسه مستقلاً في ايّ انتخابات مقبلة، ويسمح لجميع اعضاء الحزب ونوابه بالعمل السياسي وتشكيل الاحزاب باستثناء سبعة منهم فقط. وان لم يمنعهم القرار من ترشيح انفسهم كمستقلين في اي انتخابات جديدة. في جولة على عدد من مقرات الحزب في اسطنبول بدا الرفاهيون كما لو انهم في حملة انتخابية اذ اقبل عدد كبير من المواطنين على المراكز لتسجيل عضويتهم في الحزب "المنحل". وقال احدهم في اسكودار ل "الحياة" "أريد ان اسجل اسمي مع المظلومين". وتراهن قيادة الرفاه على ان الحملة ستزيد شعبية الحزب او اي احزاب جديدة يتبناها. ويتعامل الرفاهيون وفق تعليمات زعيمهم الذي قال لهم اول من امس "تابعوا اعمالكم كأن الحزب لم يغلق"، اذ من الناحية القانونية، لن يغلق الرفاه قبل صدور قرار المحكمة في الجريدة الرسمية، وهذا لن يحصل الا بعد شهر على الاقل. وقرار الاغلاق طويل ويقع في 300 صفحة ويجب نشره مع كل الادلة التي اعتمدتها المحكمة. وحتى ذلك الحين، يتطلع الرفاهيون الى اربكان الذي سيضع امامهم خياراً او اكثر من ثلاثة خيارات اولها ان ينزل الجميع من "اوتوبيس" الرفاه الى "اوتوبيس الفضيلة" وهو حزب أسسه احد محامي اربكان الشهر الماضي وهو صالح للعمل فوراً اذ ان لديه مقراً في اسطنبول وشعارات خاصة به، وعيبه الوحيد انه لن يستطيع المشاركة في انتخابات تشريعية تجري مبكراً وهو احتمال ضعيف اصلاً. فالقانون التركي يلزم الحزب الذي يدخل الانتخابات ان يكمل ستة شهور من عمره ورغم انه لن يفترض حصول انتخابات قبل عامين، فان التطورات قد تفرض انتخابات مبكرة خصوصاً ان حكومة رئيس الوزراء مسعود يلماظ ليست في تمام صحتها. والخيار الثاني، هو ان يؤسس الرفاه من كل 20 عضواً في كتلته البرلمانية حزباً جديداً يستطيع ان يشارك في الانتخابات في اليوم التالي لتأسيسه. وفي استطاعة الرفاه الذي لا يزال صاحب اكبر كتلة برلمانية 150 نائباً ان يشكل حتى سبعة احزاب تعمل ككتلة واحدة يوجهها اربكان الذي سيبقى في السياسة مرشداً ومتحدثاً ومحاوراً ولكن من دون ان يكون زعيماً للحزب رسمياً. اما الخيار الاخير فهو ان يوجه اربكان انصاره الى دخول احد الاحزاب القائمة وافضل المرشحين لذلك هو الحزب الديموقراطي الذي يستند الى سمعة تاريخية عريقة اذ انه الحزب الذي اسسه عدنان مندريس في الخمسينات واعدم في الستينات ليحظى بشعبية في الضمير الشعبي. ويرأس الحزب الآن كوركت اوزال شقيق الرئيس التركي الراحل. وكان اوزال انشق العام الماضي عن حزب الوطن الام الحاكم. وقال مصدر رفاهي ان صاحب القرار الاخير في تقويم اي من هذه الخيارات هو اربكان نفسه. من جهة اخرى يتوقع ان يتوجه الى لوكسمبورغ قريباً رئيس المكتب السياسي للرفاه عبدالله غول بتكليف من اربكان لاقامة دعوى على الحكومة الدستورية في المحكمة الاوروبية الخاصة بحقوق الانسان وهو التصعيد القانوني الاهم الذي وعد به اربكان الذي اكد اول من امس ان حزبه وانصاره "لن يفعلوا شيئاً خارج اطار القانون". ويتابع اربكان جولاته شبه الانتخابية والتي تحولت الى مهرجانات تأييد له اذ سيحضر افطاراً اليوم الاحد في اسطنبول يتوقع ان يشارك فيه الآلاف، وكان افطار حضره في بورصة اول من امس عقب اعلان قرار الحل تحول الى تظاهرة كبيرة شارك فيها نحو 10 آلاف شخص.