يتوقع ان يعقد غداً السبت في مكتب المحامي روبرت بنيت في واشنطن اللقاء المرتقب بين الرئيس بيل كلينتون ومن قد يكون اخطر خصومه. ومع تصاعد التوتر في العراق في شأن مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة، قد يتصور المرء ان كلينتون سيلتقي الرئيس صدام حسين او ربما رئىس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي سيزور واشنطن الاسبوع المقبل لحضور اجتماع في البيت الابيض. ولكن يبدو ان العدو الاخطر الذي يواجهه كلينتون حالياً هو باولا جونز، السمراء الانيقة من ولايته اركنسو التي اتهمت اقوى رجل في العالم بتحرشات جنسية غير لائقة تجاهها في 1991 عندما كان كلينتون حاكماً لاركنسو وكانت هي موظفة في الولاية. وسيدلي كلينتون، الذي ينفي انه التقى جونز اطلاقاً، بإفادته تحت القسم يوم السبت في شأن ادعاءات تضمنتها دعوى مدنية اقامتها باولا جونز في 1994 ضده وضد شرطي سابق في اركنسو. ومن المتوقع ان تحضر جونز المقابلة. وستكون تلك المرة الاولى التي يوجد فيها الاثنان في المكان نفسه مذ نشرت مجلة "امريكان سبكتاتور" في كانون الثاني يناير 1994 تفاصيل عن اللقاء المزعوم بين كلينتون وسيدة لم تُكشف هويتها تُدعى "باولا". وقال روبرت بنيت محامي كلينتون الرئيسي الاسبوع الماضي ان "هذا الرئىس واجه بجسارة زعماء اجانب يهددون العالم، ولا اعتقد انه سيكون بالغ الانزعاج لوجوده في غرفة واحدة مع باولا جونز ... انه ليس قلقاً. اعتقد انه يفضّل ان يخصص وقته للتعامل مع الحرب الجرثومية او صدام حسين او لما يجري في البوسنة. واعتقد ان معظم الاميركيين يفكرون بهذه الطريقة". وتفيد التهمة الرئيسية التي وجّهتها جونز بان رجال شرطة من ولاية اركنسو اقتادوها في 8 ايار مايو 1991 الى غرفة في فندق "اكسلسيور" في مدينة ليتل روك حيث قام كلينتون، حاكم الولاية انذاك، بكشف عورته وبدرت منه تصرفات جنسية غير لائقة. وكانت جونز آنذاك موظفة صغيرة تعمل لحساب حكومة الولاية، ما يجعل كلينتون رئىسها الفعلي. واذا كانت ادعاءاتها صحيحة فان تصرفاته قد تُعامل كتحرش جنسي في موقع العمل بموجب القانون الاميركي. وكان محامو الطرفين سعوا في مناسبات عدة الى التوصل الى تسوية مالية خارج المحكمة. واخفقت هذه الجهود بسبب الخلاف على تحديد قيمة التعويض سعت جونز في البداية الى الحصول على 700 الف دولار وهي تطالب حالياً، حسب تقارير، بمليوني دولار واصرار جونز على ان تتضمن اي تسوية اعتذاراً خطياً من الرئىس وسيشكل ذلك اذى اكبر من التسوية المالية بالنسبة الى شخصية سياسية مثل كلينتون لانه سيعني اقراراً ضمنياً بالذنب من جانبه. وبدا واضحاً في الفترة الاخيرة، اثر تغيير في فريق المحامين الذي يمثل جونز واستمرارها في المطالبة باعتذار، ان التوصل الى تسوية امر مستبعد الى حد كبير. ويستعد كل من الطرفين حالياً لبدء المحاكمة الرسمية في 26 ايار مايو 1998 في قاعة محكمة فيديرالية في ليتل روك. وستكون وقائع الاستجواب يوم السبت والتي ستُسجّل بالفيديو، متوافرة لعرضها على هيئة المحلفين. وسيعني ذلك ان القاضية سوزان ويبر رايت لن تجبر كلينتون على المثول للادلاء بشهادته في المحكمة. ويقول محامو كلينتون انه قد يُضطر رغم ذلك الى الادلاء بشهادته في المحاكمة تبعاً لتطور الامور. ووصف المحامي بنيت الدعوى بانها "مأساة" تحط من مكانة الرئىس والبلد كله. وأعرب عن اعتقاده بان القضية لفقها خصوم كلينتون من سياسيي اليمين المتطرف كوسيلة لالحاق الاذى به "وسلبه ما فاز به عبر الانتخابات". وقال "اعتقد ان الاميركيين يدركون ان باولا جونز هي اساساً اداة بايدي متطرفين ... هذه الدعوى تدور حول السعي الى اهانة رئىسنا واحراجه". ولفت بنيت الى ان المصاريف القضائية والمعيشية لجونز تدفعها منظمة تُدعى "مجموعة رذرفورد"، وهي منظمة مسيحية يمينية متطرفة تقول انها تدعم الدعاوى المتعلقة بحرية الاديان وتتمتع باعفاء ضريبي بموجب قوانين الفصل بين الكنيسة والدولة. وتساءل: "لماذا تتولى منظمة يُفترض ان مهمتها الرئيسية تتعلق بالدستور والحريات الدينية تمويل هذه الدعوى؟". ويرد محامو جونز والناطقة باسمها سوزان كاربنتر مكميلان على هذه الاتهامات، ويشيرون الى ان مصلحة الضرائب اجرت تدقيقاً مالياً في مصادر تمويل الدعوى بهدف مضايقة جونز. لكن بنيت اعتبر هذا الاتهام مضحكاً، وقال ان التدقيق ربما يرجع الى تصريحات مكميلان بان الاموال التي تبرع بها مواطنون اميركيون للمساهمة في تغطية كلفة الدعوى اُستخدمت لاغراض شخصية من قبل جونز. واوضح ان هذه الاموال اُنفقت لشراء سيارة "مرسيدس" ولتأمين مأوى لكلبها عندما تسافر ولتحسين مظهرها باقتناء مجوهرات وملابس والتردد على منتجعات صحية. واذا كان ذلك صحيحاً، فان مصلحة الضرائب ستعتبر مثل هذه الاموال "دخلاً يخضع للضريبة". وسيسعى محامو جونز الى تصوير كلينتون بأنه رجل مهووس بالجنس عُرف بالتحرش بالنساء على امتداد حياته المهنية. وقال ستيفن، الذي تزوج جونز بعد الحادثة المزعومة وقبل ان تظهر الى العلن، ان كلينتون "يعاني مشكلة جنسية. كان ذلك جزءاً من نمط في تصرفاته. واعتقد شخصياً ان هذا الرجل مريض جنسياً". ويلمح محامو كلينتون الى ان ماضي العلاقات الجنسية لجونز قد يصبح قضية رئيسية في المحاكمة، خصوصاً في اثناء محاكمة داني فرغسون، وهو احد رجال الشرطة الذين تدعي جونز انهم اقتادوها الى غرفة الفندق. وتتضمن الدعوى التي اُقيمت ضد فرغسون اتهامه بالافتراء على جونز والاساءة المتعمدة الى سمعتها. وكان المحامي بنيت تراجع، انطلاقاً من مراعاة للتنظيمات النسائية التي تشكل جزءاً مهماً من قاعدة كلينتون السياسية، عن تصريحات لمح فيها الى انه سيثير تاريخ العلاقات الجنسية العديدة لجونز. لكن التهمة الموجهة الى فرغسون ستسمح لمحاميه باثارة هذا الجانب خلال محاكمته. وستنظر هيئة المحلفين ذاتها في كلا القضيتين، ما يعني ان مرافعة محامي فرغسون ستؤثر ايضاً على تقويم المحلفين لصدقية جونز في الدعوى المقامة على كلينتون.