أسفرت محادثات أجراها وفد جزائري قاده الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مع رئيس الحكومة الإسبانية خوزي لويز رودريغاز ثاباتيرو في قصر «مونكلوا» في مدريد مطلع الأسبوع، عن رغبة الأسبان في التخلص تدريجاً من الاعتماد على الغاز الروسي واستبداله بالغاز المستورد من الجزائر. وأفاد مصدر جزائري «الحياة» بأن أنبوب الغاز الذي يجرى مده حالياً بين مدينتي «بني صاف» الجزائرية و «المرية» جنوب أسبانيا، والمعروف ب «ميدغاز» سينطلق تشغيله في حزيران (يونيو) المقبل، ما يعزز اعتماد إسبانيا على الغاز الطبيعي الجزائري. وتُصدر الجزائر الغاز الطبيعي إلى إسبانيا عبر أنبوب يعبر المغرب، وإلى إيطاليا بواسطة أنبوبين يجتازان تونس إلى الجنوب الإيطالي عبر المتوسط، وتبيع الجزائر الغاز أيضاً إلى فرنسا وينقل بواسطة السفن. وبسبب الخلافات السياسية المتعلقة بنزاع الصحراء الغربية بين الرباطوالجزائر، قرر الجزائريون التخلي عن نقل الغاز عبر الأراضي المغربية ومد أنبوب عبر المتوسط. وتوّجت زيارة بوتفليقة إلى مدريد على رأس وفد ضم أربعة وزراء من بينهم وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل، توصل شركتي «ريبسول» الإسبانية و «سوناتراك» الجزائرية إلى اتفاق أنهى خلافاً حاداً بين الجانبين بعد اللجوء إلى تحكيم دولي أعطى الحق للجزائريين. وتسبب هذا الخلاف الغازي بتعكير العلاقات الثنائية وحال دون عقد القمة الدورية بين الرئيسين طيلة السنوات الثلاث الأخيرة. ونظراً إلى أهمية صادرات الغاز الجزائرية إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، يسعى الجزائريون إلى استثمار الرئاسة الإسبانية لفتح مفاوضات مع الأوروبيين بهدف مراجعة أسعار الغاز الطبيعي، بوصفهم أحد المزودين الرئيسين لبلدان الاتحاد الأوروبي بهذه المادة، وفي ضوء الرغبة الأوروبية في التقليل من الاعتماد على الغاز الروسي. وأفاد مصدر جزائري بأن الأوروبيين يسعون إلى عقد «اتفاق استراتيجي» مع الجزائريين يخص مستقبل المبادلات الغازية من جوانبها كافةً. وأكد أن المفاوضات في شأن مضمون الاتفاق لا تزال مستمرة منذ ثلاث سنوات. وتطرقت المحادثات أيضاً إلى التعاون في تنمية الطاقات المتجددة، وأفيد بأن الجانبين ناقشا في هذا السياق، وسائل تنفيذ الخطة المتوسطية لتطوير الطاقة الشمسية التي اعتمدتها بلدانٌ مطلة على هذا البحر، في إطار «الاتحاد من أجل المتوسط» الذي تعثر بعد أشهر من انطلاقه. وتطرقت المحادثات الجزائرية الإسبانية أيضاً إلى سلبيات اتفاق الشراكة الذي توصلت إليه الجزائر والاتحاد الأوروبي عام 2002، وطلب الجزائريون عقد اجتماعات لتقويم حصاد الاتفاق وعلاج ما اعتبروه نقاط ضعف أضرت بمصالحهم. غير أن وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي نفى في تصريحات أدلى بها إلى صحف محلية أن يكون بوتفليقة طلب من الاتحاد الأوروبي مراجعة جذرية للاتفاق، مؤكداً أنه لا يمكن المساس بأسسه القانونية، ولكن يمكن إطلاق محادثات مع الاتحاد لتطويره.