كان النشاط الثقافي الذي شاركت فيه بالنادي الثقافي في عمان أولى فعاليات النشاط الثقافي النسائي في النادي بعد تأسيس رابطة الكاتبات، أو لعلها أسرة الكاتبات العمانيات. وماذا تهم الأسماء؟ كان التكامل في النشاط بين الرجال والنساء سواء في إدارة النادي أو قيادة البلاد أو المشاركة في الفعاليات أو ما يتعلق باستضافتنا شيئاً جميلاً. ولعلي أوضح بذلك ببساطة حين أقول ان تعامل الرجل العماني مع المرأة سواء في أسرته أو ضيفة على البلاد أو زائرة عابرة أو زميلة تشاركه مقر العمل كان فعلاً مفاجأة سارة... وأنا التي زرت القارات الخمس! مثل لي قمة التعامل الحضاري الذي استطيع أن اؤكد انه لم يسبق لي أن عشت في بلاد الله غرباً وشرقاً وعرباً آخرين ما يقترب منه. احترام حقيقي متجذر بين الرجال والنساء على مختلف مستويات الثقافة والتعامل والعلاقات المهنية والاجتماعية، من دون ايحاء بأنها من فصيلة تماثيل الزينة أو الدمى الاستعراضية المعروضة للشراء أو القاصر عقلاً وقدرة. هنا لمست الاحترام الحقيقي المتبادل بين الجنسين كما لم أعشه في أي مكان آخر، ووددت لو أنه عم عالمنا العربي والاسلامي والعالم الباقي خارج حدودنا الحميمة. تعامل يحمل كل ما يتضمنه الاسلام من احترام للمرأة وكأنها أخت خارج النظرة الدونية لانثويتها الجسدية... مجتمع ناضج النظرة لم ترتبك فيه مقاييس التصرف والثقافة بمقاييس انتماءات الجنس حيث هي فروق طبيعية وليست معايير تمييز وتفرقة. وهنا سعدت بمقابلة وجوه عمانية التقيتها للمرة الأولى: الشاعرة سعيدة بنت خاطر، وطاهرة اللواتيا الباحثة الأدبية الطالعة، وتركية البوسعيدي مسؤولة العلاقات العامة بوزارة البلديات الأميرة خُلقاً وخَلقاً، وعزيزة الحبسي ورفيعة الطالعي وصديقة القبطان في جريدة "عمان"، وآمنة سالمين الكاتبة المسرحية، وبشرى الوهيبي القاصة الشاعرة، وراية الريامي وعائدة... ووجوه غابت كنت أسمع بها وتمنيت لقاءها مثل بدرية الشحي. ووجوه أخرى عرفتها في البحرين زمن الطفولة، بحرينيات أمهات لعمانيين: بدرية خلفان، ليلى خلف. وعمانيات ربين في البحرين وعدن لكنف عمان الأم: نجمة السرحاني ولميس الطائي وبنات الغماري شكور وشيرين وقسمة، جارات الطفولة. كلهن اليوم نساء عاملات ناجحات في البيت والوظيفة، بل ان شكور هي أولى عمانيتين تنتخب عضوة في مجلس الشورى وها قد انضمت لهما أربع بعد التنظيمات الجديدة. كم هو جميل أن تصل مشاركة المرأة الى حقيقة الفعل بكل مستوياته. وليست كل الوجوه الجميلة انثوية، فقد اكتملت بحضور تلك القيادات الفكرية الرائعة في نضجها وعملها: السيد سلطان بن حمد بن سعود البوسعيدي رئيس مجلس ادارة مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلام الذي رعى النشاط بكل دعم، والشيخ سالم العبري، والشيخ سيف بن هاشل المسكري الرئيس التنفيذي للنادي الثقافي، والأستاذ راشد المكتومي مدير النادي الذي لم يأل جهداً في جعلها ضيافة مريحة منذ استقبلنا حتى آخر مصافحة وداع، وبوجوه الشعر المبدع الشيخ هلال العامري وسيف الرحبي وطالب المعمري، ثم التلفزيوني النشيط عامر الجابري الذي تابع لقاءاتنا وأوصلها وأوصلني الى جمهور أكبر في ندوة بث مباشر على قناة عمان الفضائية، مثلما استمتعت شخصياً بمتابعة جولة تلفزيونية قدمها لأعياد السلطنة محتفلة بعيدها الوطني في المناطق المختلفة. حقاً لا يفي ما أقول بحق عمان الجميلة وشعبها الأجمل، ثم يقولون: لو زرتم صلالة! لو زرتم نزوى! لو زرتم الجبل الأخضر... تلك أجمل! وهل يمكن حقاً أن يكون هناك أجمل؟ أترك ذلك لوعود زيارة قادمة.