تخيّل على انفك طبقاً محتشداً بكؤوس طافحة او حول خصرك ثلاثين "هولا هوب" في حال دوران مستديمة! ما من مشهد يضع قوة الاحتمال البشرية على المحك مثل السيرك الصيني. الرهافة والدقة والإدهاش والبراعة وهلمّ جرّاً، كلها مؤتلفة في سياق مموسق، ومغرق في اللياقة كأنه شعر. من بين أكثر من مئتي سيرك محترف في الصين جرى اختيار 68 لاعباً ولاعبة للقيام بدورة حول العالم، بدأت الأسبوع الفائت في سيدني، وذلك احتفالاً بمرور 25 سنة على قيام علاقات ديبلوماسية بين الصين واستراليا. واستغرق تحضير الدورة 12 شهراً تخللتها مشاهدات متكررة وتصفيات، رأس فريقها الاسترالي طوني باربر، وهو منشط فني من الطراز الأول، عمل طويلاً في حقل التلفزيون بين سيدني وهوليوود. ويضم الفريق المختار أشهر لاعبي السيرك في الصين ممن باتت براعتهم وطيدة وشهرتهم واسعة في بلادهم مثل لي رونغ التي اشتهرت بشمعدان الكؤوس. وشين لين، ملكة "الهولا هوب". كذلك أبطال السيرك التقليدي المعروفون بلاعبي الخزف وعلى رأسهم كونغ شيانغ هونغ الذي يرمي ويتلقى ويؤرجح زهرية ثقيلة على عنقه وكتفيه ورأسه، فكأنها يمامة. اما شين وي ليان فتحمل على أنفها الصغير ثلاثين كوباً ملأى بالشراب، ولا يرف لها جفن، او أكواب أخرى على "دعسة" القدم. واللافت ان السيرك الصيني فريد لجهة عدم احتوائه على حيوانات مدربة، فذلك مستبعد أساساً في التقاليد الصينية. اما الغريب وراء الكواليس انه على رغم خطورة اللعبة وتعرّض اللاعبين يومياً لاصابات لا يرافق الفريق طبيب او حتى مدلّك مختص. ويقول طوني باربر: "عندما سألت عمّن يعالج الاصابات ووجهت بابتسامات صغيرة ادركت بعدها ان كل لاعب مدرّب أصلاً على معالجة نفسه والتعاون لمعالجة سواه، وذلك من التقاليد العريقة في السيرك الصيني، تجري المحافظة عليه كجزء لا يتجزأ من البناء الجسدي والنفسي الذي ينشأ فيه اللاعب". ترافق السيرك خمسة أطنان من المعدات والملابس وفرقة موسيقية من عشرة عازفين.