تحول الإفطار الرمضاني السنوي الذي تقيمه جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة إلى إحتفالية اخوانية خالصة بالعيد السبعين لنشأة الجماعة أسسها حسن البنا سنة 1928. الجماعة المحظورة منذ عام 1956 ظهرت في الإحتفالية التي أقيمت تحت حراسة مشددة في احد فنادق كورنيش القاهرة في ضاحية المعادي، بأبرز واجهاتها الاعلامية والسياسية، في محاولة لكسر طوق العزلة المفروض عليها منذ انتخابات 1995، وقد سجن بسببها عدد من أبرز قادتها وتم أغلاق مقرها الرئيسي في سوق التوفيقية في وسط القاهرة. حضور اخواني كثيف ملأ القاعة التي أخذت الشكل الرمضاني، تتصدرها شعارات الإخوان المصحف والسيفان المتقاطعان، وتصدر الحضور المرشد العام الحاج مصطفى مشهور 70 عاما، ولم يجلس حتى جلس آخر المدعوين الذين حرصوا على تقبيله من جبهته إكبارا واجلالا. ارتدى مشهور بدلة أنيقة وربطة عنق رقيقة في أول ظهور علني منذ توليه مسؤولية الإرشاد بعد وفاة المرشد الراحل حامد ابو النصر قبل نحو سنتين، واضطلع المستشار مأمون الهضيبي النائب الأول للجماعة بالفصل بين الحضور، النساء في خلفية المشهد والرجال في المقدمة. دارت تساؤلات محمومة بين الحضور، حتى من الجماعة، عن كنه تلك الوجوه ذات اللحى البيضاء التي ربما يرونها للمرة الأولى في حفلة عامة، وكما علم فإن مكتب الإرشاد بكامل هيئته 13 عضوا عدا المسجونين حضر الاحتفالية، وغاب الشيخ محمد الخطيب الرجل القوي في الجماعة ومسؤول قسم الدعوة بسبب مرضه. برزت في الاحتفالية وجوه الإخوان السياسية، خصوصا من قيادات النقابات المهنية، وتسابق الجميع الى تقبيل المرشد العام الذي تصدر المنصة بعد الافطار خمس نجوم. غاب عن الاحتفالية كثير من الشخصيات العامة، وفي تفسير ذلك قال مصدر اخواني إن الاحتفالية تقام وسط اجراءات أمن شديدة ولكن تزامنها مع احتفاليات اخرى في وسط القاهرة احتفالية سلطنة عمان ودار الشروق قلل عدد الحضور من الشخصيات العامة التي دعتها الجماعة في إطار فرض شرعية الأمر الواقع من خلال الظهور الرمضاني المعتاد سنويا. كعادته حضر المهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل والأمين العام للحزب عادل حسين، في تدليل واضح على استمرارية تحالف الاخوان - العمل، الذي تردد بشأنه كثير من الأقاويل الصحافية ورشحه للانفضاض. كما حضر الدكتور نعمان جمعة نائب رئيس حزب الوفد شريك الاخوان في انتخابات 1983 الذي اثلج صدر الحضور الإخواني بنفي تهم الإرهاب عنهم وقوله بأنها كانت زورا وبهتانا بل وصفهم بپ"الفدائيين"، وقدر عددهم بنحو مليونين، ما يمثل واقعاً لا يمكن إنكاره. حرص الاخوان على أمرين خلال احتفالية العاشر من رمضان: الأول دعوة مندوب للبابا شنودة وحضر الانبا بسنتي أسقف المعصرة وحلوان الذي القى كلمة عن المحبة بين الاخوان والأقباط. والثاني هو حضور جمع غفير من نسوة سجناء الاخوان، وقد دوت في القاعة دعوات بالافراج عنهم وتفريج كربهم. وشكلت النسوة بحجابهن ونقابهن خلفية للمشهد الإخواني. كانت فرصة للمرشد كي يلمع صورة الاخوان في الاحتفال بالعيد السبعين للجماعة، فأشار الى تاريخ الإخوان الذي هو "سلسلة من المحن والمآسى هم صابرون عليها". وقال إن تزامن الاحتفالية مع عيد الميلاد المجيد "لهو من حسن الطالع". وأوضح الحاج مشهور أن السلطة والحكم ليسا هدف الاخوان أو غايتهم "لأن غايتهم على مدى سبعين عاما هي الدعوة إلى الله"، ونفى عن الإخوان أنهم "جماعة المسلمين"، قائلا إنهم "جماعة من المسلمين"، وأنهم "دعاة لا قضاة"… وعلق اخواني من الحضور بقوله: "ها هو الحاج مصطفى حدد الطريق، لا نهدف الى حكم ولا الى سلطان، فقط اتركونا ندعو الى الله".