طالبت السلطة الفلسطينية الادارة الأميركية بوضع آليات الزامية على الطاولة لتنفيذ اعادات انتشار الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية ووقف الاجراءات الأحادية الجانب الاسرائيلية معلنة فشل مهمة المنسق الأميركي لعملية السلام دنيس روس في المنطقة التي غادرها أمس السبت. وأوضح رئيس لجنة التوجيه الفلسطينية العليا للمفاوضات صائب عريقات ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات قال لروس خلال اجتماعهما الثالث مساء الجمعة قبيل مغادرته المنطقة: "آن الأوان للخروج من دائرة الأقوال الى الأفعال ووضع آليات الزامية من قبل الولاياتالمتحدة حتى يصار الى تنفيذ مراحل اعادات الانتشار". ونقل عريقات عن الرئيس عرفات قوله: "أريد ان ينجح لقائي مع الرئيس كلينتون بوضع آليات الزامية على الطاولة". وأكد عريقات ضرورة تنفيذ الادارة الأميركية تعهداتها للفلسطينيين، موضحاً ان رسالة الضمانات التي سلمها وزير الخارجية الأميركي آنذاك وارن كريستوفر للفلسطينيين في كانون الثاني يناير من العام الماضي تنص على ضمان الولاياتالمتحدة تنفيذ المراحل الثلاث من اعادة الانتشار. وأضاف عريقات: "على واشنطن ان تطالب اسرائيل بتنفيذ المرحلة الثانية من اعادة الانتشار فوراً ومن دون مماطلة"، مشيراً الى اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عن طروحات أثناء وجود روس في المنطقة بشأن اعادة الانتشار والمستوطنات وصفها بپ"الغريبة والمتناقضة مع رسالة ضمانات كريستوفر والجهود الأميركية لانقاذ العملية السياسية". وتساءل الوزير الفلسطيني: "هل ستستمر واشنطن في التعامل مع اسرائيل كدولة فوق القانون أم ستلزمها تنفيذ ما تعهدت به؟". وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية وفا أمس ان الرئيس الفلسطيني اتصل أمس بالعاهل الأردني الملك حسين وبحث معه أوضاع عملية السلام بعد مهمة روس. من ناحيته، أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية نبيل شعث ان زيارة روس "لم تحرز أي تقدم بسبب سياسة نتانياهو وقيادته وليس بسبب روس نفسه". وقال شعث للاذاعة الفلسطينية ان زيارة روس شهدت تصعيداً في سياسة نتانياهو الذي عاد لطرح اقتراحات مرفوضة وأعلن عن تصعيد في أعمال البناء الاستيطانية، وأضاف "نتوقع ضغطاً أوروبياً وموقفاً أميركياً في رحلتنا الى واشنطن". ولم يتمكن روس في المؤتمر الصحافي الذي اختتم به زيارته من الاشارة الى تحقيق أي انجاز من خلال لقاءاته العديدة مع المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين. ولمح الى ان القرارات الصعبة ستتخذ في الاجتماع المقبل بين الرئيسين عرفات وبيل كلينتون في البيت الأبيض في الثاني والعشرين من الشهر الجاري. وقال روس للصحافيين: "في بعض المواضيع يمكنني ان أشعر ان بعض الفجوات تقلصت، وفي مواضيع اخرى لا زالت الاشكالات قائمة". وشنت وزيرة التعليم العالي حنان عشراوي انتقادات شديدة للطريقة التي تعامل بها روس مع الحكومة الاسرائيلية في مهمته الأخيرة، وقالت في تصريح الى "الحياة" ان واشنطن "لم تتعامل بالشكل المطلوب بخصوص تعهداتها المتعلقة بجدول الأعمال الرباعي والزام اسرائيل بتقديم المواقف الواضحة الملتزمة بالاتفاقات والتعهدات"، في اشارة الى النقاط الأربع التي تعهدت وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت باتمامها. وهذه النقاط هي: - تنفيذ اعادة الانتشار الثانية. - وقف الاجراءات الاسرائيلية احادية الجانب، وعلى رأسها النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية وفرض وقائع جديدة على الأرض. - استحقاقات اتفاقية المرحلة الانتقالية والتنسيق الأمني. - مفاوضات الحل النهائي. واتهمت عشراوي الأميركيين بمحاولة اقناع الفلسطينيين بتفهم الموقف الاسرائيلي بسبب المشاكل الداخلية التي تمر بها الحكومة الاسرائيلية، وقالت ان الاعداد للقاء مع كلينتون يتطلب "انتزاع موقف اسرائيلي ملتزم واجابات واضحة وليس تفسير وتبرير الموقف الاسرائيلي". وأضافت: "لم تأت زيارة روس برؤيا وخطاب وإرادة اميركية لمعالجة أسباب التأزم ووقف محاولات الحكومة الاسرائيلية في المماطلة واعادة صياغة العملية السلمية بناءً على مفاهيم اسرائيلية كما هو واضح على سبيل المثال في الخرائط الأمنية والقومية التي تعرضها تل أبيب في وسائل الاعلام". وعن التوقعات المرجوة من لقاءات واشنطن في ضوء فشل مهمة روس، رأت عشراوي ان الاختبار الحقيقي لهذه اللقاءات يكمن في "المجابهة الأميركية - الاسرائيلية حيث لا يستطيع نتانياهو الذهاب للقاء كلينتون خالي الوفاض". وقالت ان نتانياهو لا يستطيع اتباع أسلوب المماطلة والتسويف الذي انتهجه خلال اجتماعاته السابقة مع وزيرة الخارجية الأميركية والتهرب من الالتزامات وعليه اعطاء مواقف واضحة للرئيس كلينتون. من جهة اخرى، دعا وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى الحكومة الاسرائيلية أمس الى مراجعة موقفها من عملية السلام "قبل فوات الأوان"، معتبراً لقاء الرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الاسرائيلي في 20 من الشهر الجاري "فرصة أخيرة". من جهة اخرى أ ف ب، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين أمس عشية قيامه بجولة في الشرق الأوسط يزور خلالها ثلاث دول عربية هي لبنان والاردن وسورية ان الوضع في المنطقة "خطير"، وقال ان باريس "في موقع جيد" لاعادة اطلاق عملية السلام، مشيرا الى أن وجهات نظر فرنساوالولاياتالمتحدة حول الوضع في المنطقة ليست "متشابهة تماماً". وقال فيدرين في حديث الى اذاعة "مونتي كارلو" ان "فرنسا تشعر بأنها في موقع جيد لتحريك الأمور في الاتجاه الصحيح بحكم علاقاتها الوثيقة مع الأطراف كلهم تقريباً". ولاحظ أن "الوضع الراهن عموما ليس جيداً" وأن "التوتر لا يمكن الا أن يتصاعد". وأضاف: "لا يمكن أن نكون راضين عن الوضع في الشرق الأوسط كما هو حاليا سواء على المسار الاسرائيلي - الفلسطيني أو على صعيد العلاقات بين اسرائيل وسورية ولبنان". ورأى أن "ثمة ضرورة لاطلاق المسيرة السلمية لأن الوضع خطير". وعما اذا كان ثمة تشاور بين فرنساوالولاياتالمتحدة في شأن عملية السلام أوضح فيدرين أن "ثمة محادثات متواصلة بين فرنساوالولاياتالمتحدة ان على مستوى الرئيسين الفرنسي جاك شيراك والأميركي بيل كلينتون أو بين وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت وبيني. اننا نقارن آراءنا وليست بالضرورة متشابهة تماما ولكن الغاية جمع ما هو مشترك ودفع مسيرة السلام". وعن قلق سورية من وقف مفاوضات السلام وقيام المحور التركي الاسرائيلي بدعم من واشنطن قال "أعرف القلق السوري، فقد التقينا نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع في باريس قبل أيام وكذلك زرت أنقرة أخيرا وتبادلت المعلومات مع كلا الجانبين". واعتبر أن "كل ذلك هو انعكاس وضع متوتر. أما في ما يتعلق بقلق سورية ازاء توقف مسيرة السلام فانه قلق شامل وجزء من مخاوف الجميع". وتطرق فيدرين الى العقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ غزو قواته الكويت عام 1990 فأكد أن "موقف فرنسا واضح وهو التمسك بتطبيق قرار مجلس الأمن لا أكثر ولا اقل. وفرنسا حريصة على تطبيق قرارات مجلس الأمن لأنها مبررة ولكن من دون زيادات عليها".