تصدّر اسم نجمة هوليوود ناتالي بورتمان نشرات الأخبار الأسبوع الحالي بعد أن رفضت الحضور إلى إسرائيل لتَسَلّم جائزة تقدر قيمتها بمليوني دولار، احتجاجاً على سياسات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، قائلة في تبرير موقفها: «قررت عدم الحضور حتى لا أبدو مؤيدة لسياسات نتانياهو». وقال موظف في مكتبها إن النجمة منزعجة من الأحداث الأخيرة في إشارة إلى قتل المحتجين الفلسطينيين في قطاع غزة. والنجمة الجميلة الحائزة على جائزة الأوسكار عام 2010 عن فيلم «الأوزة السوداء»، لقيت ترحيباً في الشارع العربي على موقفها الشجاع، كما لقيت هجوماً حاداً من حزب الليكود الإسرائيلي الذي وصمها بالنفاق، كما اتهمها وزير الثقافة الإسرائيلي بأنها مؤيدة لحركة BDS التي تنادي بمقاطعة وتعرية إسرائيل وفرض عقوبات عليها. وبالتأكيد لا يستطيع الوزير الإسرائيلي ميري ريجيف وصمها بمعاداة السامية لسبب بسيط هو أن بورتمان من أصل يهودي ومن مواليد القدس وتحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأميركية. وهي تقول في هذا الشأن: «يحق لي مثل أي يهودي أو إسرائيلي في العالم أن أكون ناقدة للقيادة الإسرائيلية من دون أن يعني ذلك أنني أدعو إلى مقاطعة الأمة بكاملها». ثم تمضي قائلة: «لأنني أهتم بإسرائيل فإنني أقف في وجه العنف والفساد وانعدام المساواة واستغلال السلطة»، ثم تقول: «إسرائيل نشأت قبل 70 عاماً كملجأ للهاربين من محرقة النازية، لكن المعاملة السيئة التي يلقاها هؤلاء الذين يعانون من الأعمال الوحشية لا تتفق مع قيمي اليهودية». حرصتُ هنا على أن أنقل موقف بورتمان بأكبر قدر من أمانة النقل، على أنني أعلم أن بعض القراء قد لا تعجبه هذه الحفاوة بنجمة يهودية، وقد لا يعجب البعض نقلي لحديثها عن «القيم اليهودية»، فصراعنا التاريخي مع اليهود والذي بلغ ذروته باحتلال فلسطين وإنشاء دولة يهودية على أرضها وتشريد سكانها وسومهم سوء العذاب جعلنا ننسى أنهم في نهاية الأمر ينتمون إلى ديانة سماوية بعث إليهم رسول ونزل إليهم كتاب. وبقينا نرسِّخ في عقول أبنائنا فكرة أن كلمة «يهودي» معادلة للشر، وندعو الله عليهم في خطب الجمعة هم والنصارى بأن يدمرهم عن بكرة أبيهم، مع أننا نقرأ في القرآن الكريم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى? أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى? وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). وحتى لا يسارع هذا «البعض» المشار إليه أعلاه إلى التفكير في أن في هذه المقالة دعوة إلى التطبيع من أي نوع مع الكيان الصهيوني الغاصب سأسارع بالقول إن من أسباب فشلنا في صراعنا مع الآخرين من الاستعمار والصهيونية والشيوعية وأخيراً مع إيران الفارسية، ومع كل من تبرع بمهاجمتنا والاعتداء علينا، أننا نميل إلى التعميم بوضع كل من هو على الجانب الآخر في سلة الأعداء من دون دراسة كافية لتركيبة هذا العدو من الداخل. ففي المجتمع الإسرائيلي داخل فلسطينالمحتلة وبين الذين يدينون بالديانة اليهودية في أماكن أخرى من العالم يوجد كثيرون لا يوافقون أصلاً على فكرة أرض الميعاد وقيام دولة إسرائيل، منطلقين من أسباب عقدية بحتة لا علاقة لنا بها، وآخرون – مثل ناتالي بورتمان - لا يوافقون على أساليب وسياسات حكام الكيان الصهيوني تجاه الشعب الفلسطيني ويرفضون القتل والاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم البيوت واقتلاع أشجار الزيتون، وهؤلاء ينطلقون من قناعات ومواقف ثقافية وسياسية. السؤال هو ماذا فعلنا كعرب وكمسلمين والفلسطينيون في مقدمتنا للتعرف على هؤلاء والتخاطب معهم وإعطائهم حقهم من التقدير إن كانوا عادلين أو احترامهم بمحاورتهم إن كانوا مترددين؟ السؤال الآخر كم يوجد في العالم العربي من مركز بحثي للدراسات اليهودية والمسيحية في مقابل عدد مراكز الدراسات الإسلامية والعربية في الغرب وفي إسرائيل ذاتها؟ وفي هذا حضرت حلقة نقاش في جامعة ليدن الهولندية عن المملكة كان أحد المتحدثين فيها أكاديمي إسرائيلي قدم ورقة عن التقسيمات القبلية لقوة الأفواج في الحرس الوطني السعودي. نجوم السينما والرياضة من أمثال ناتالي بورتمان هم قوة مؤثرة في قيادة الرأي العام، وقد تكون هذه النجمة بالذات محصنة بيهوديتها وجنسيتها الإسرائيلية من الهجوم، لكن غير اليهود الذين يتحدثون بالنقد عن إسرائيل هم الشجعان الحقيقيون لأنه كما قال أحد المعلقين على قضية بورتمان: «في أميركا من السهل أن تنتقد عيسى المسيح –عليه السلام- لكنك لا تستطيع انتقاد إسرائيل». فتهمة معاداة السامية قد تقضي على مستقبل أي ممن تثبت عليه قضاء مبرماً. لذا قد يكون من المفيد أن نبدأ بوضع قائمة شرف لهؤلاء النجوم الشجعان الذين لم يترددوا في قول الحق، لتكون في متناول المؤسسات السياسية والثقافية العربية لدعمهم باستضافتهم وتكريمهم والحفاظ على خيوط صلة قوية بهم باطلاعهم على الحقائق. وكبداية لهذه القائمة سنضع اسم ناتالي بورتمان مع الأسماء التالية على سبيل المثال لا الحصر: المطربة ريهانا (ريحانة)، الكوميدي جون ستيوارت، الكاتبة جوان رولنغ (مؤلفة هاري بوتر)، الممثلة سيلينا غوميز، الممثلة بينلوبي كروز، الممثل راسل براند، الممثلة ووبي غولدبرغ، الممثل مارك روفالو، الممثلة إيما تومسون، الممثل داني غلوفر، نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو، ونجم كرة القدم إيريك كانتونا. ولكم أن تضيفوا للقائمة من تعرفون. * كاتب سعودي