كان جون غاليانو أول بريطاني يشغل منصب كبير مصممي دار أزياء فرنسية كبرى هي كريستيان ديور. وكان الممثل تشارلي شين نجم أنجح برنامج كوميدي تلفزيوني أميركي هو «رجلان ونصف رجل»، ويتقاضى مليوني دولار عن الحلقة الواحدة، وهو أعلى أجر تلفزيوني. ماذا يجمع بين بريطاني في فرنسا وأميركي في أميركا؟ ساعة جنون تنتهي بكل منهما في مصح لمعالجة مدمني الخمر والمخدرات، بعد ان تقضي على حياتهما المهنية. جون غاليانو اختلف مع امرأة وصديقها في مقهى باريسي، فانفجر غاضباً وقال لها إنها قبيحة وحذاءها يدل على أنها من الطبقات الدنيا في المجتمع، وزاد أنها يهودية قذرة وعاهر يهودية، كما ورد في الشكوى ضده، بل انه انتقد شكل حاجبيها، وهو يطلب لها الموت. تشارلي شين هاجم في مقابلة إذاعية بدا فيها وكأنه فقد السيطرة على العقل والمنطق منتج برنامجه التلفزيوني تشك لوري، وقال مرة بعد مرة ان اسمه الحقيقي حاييم ليفين، أي انه يهودي، وأنه أهانه أمام أبنائه. وزاد ان مارك بيرغ، مدير أعماله، «خنزير يهودي ساقط». دار الأزياء ديور أوقفت غاليانو عن العمل ثم طردته، وكان عرضها الأخير في الرابع من هذا الشهر من تصميمه. وشبكة سي بي إس، أوقفت البرنامج «رجلان ونصف رجل» ثم ألغته. قبل هذين كنا سمعنا عن مواقف كثيرة لاسامية للممثل ميل غيبسون الذي أوقفه شرطي للشك في أنه يقود سيارته وهو مخمور فانفجر فيه غاضباً وسأله: «هل أنت يهودي»؟ كما ان المخرج أوليفر ستون شكا من ان هوليوود يسيطر عليها اليهود. وأخيراً نشر إيان هيسلوب، رئيس تحرير مجلة «برايفت آي» مقابلة مع جوليان أسانج، المسؤول عن موقع ويكيليكس وتسريباته المشهورة، تحدث فيها أسانج عن «مؤامرة يهودية». وأزيد هامشاً لما سبق قبل أن أكمل، فقد قرأت ان المرأة التي هاجمها غاليانو، واسمها جيرالدين بلوك، تعمل مديرة المعارض في معهد العالم العربي في باريس، وأن غاليانو سبق له ان قال للممثلة ناتالي بورتمان، وهي يهودية، أنه يحب هتلر، وهناك فيديو مسجل لكلامه، وهذا مع ان غاليانو، وهو من أسرة مهاجرة من شبه جزيرة ايبيريا الى بريطانيا، سبق ان زعم عن نفسه انه من أصول يهودية، وحبه هتلر غريب لأنه من مثليي الجنس (كنا نسميهم شاذين) ويتصرف كغجري ويبدو غجرياً، ما يعني انه لو عاش أيام هتلر لانتهى في معسكرات الاعتقال. أما ستون فهو نصف يهودي، وتشارلي شين وقف دائماً على حافة الجنون وله أربعة أطفال من ثلاث زوجات، ويقيم في بيت واحد مع عشيقتين، ومع ذلك فشعبيته بلغت درجة أن حقق رقماً قياسياً على «تويتر» فقد دخل على موقعه 1.287.825 طلباً في 25 ساعة و17 دقيقة. هناك دائماً لاسامية، وهي انتهت يوماً من أوروبا بالمحرقة النازية، وشخصياً لا أجد اليهود أسوأ من غيرهم أو أفضل، فهم مثل غيرهم من الناس بينهم الصالح والطالح، ولهم أكبر نسبة من الفائزين بجائزة نوبل، ومافيات جريمة من روسيا الى إسرائيل. ودعاة السلام اليهود بين الأفضل في العالم والأنشط، كما ان مجرمي الحرب في الحكومات الإسرائيلية بين الأسوأ. المشكلة ليست اليهود، وإنما إسرائيل، فهي دولة قامت في أراضي الفلسطينيين، والمستعمرون الصهيونيون ارتكبوا جرائم حرب ودمروا واحتلوا، ولا يزالون يفعلون. والحكومة الإسرائيلية الحالية عصابة جريمة تجمع ليكود وشاس وإسرائيل بيتنا، أي التطرف السياسي والديني والمهاجرين. إسرائيل اليوم مشكلة يهودية، فالناس حول العالم يرون ما ترتكب من جرائم ويحمّلون اليهود كلهم المسؤولية، لأن اليهود يؤيدون إسرائيل كما لا بد ان يفعلوا. وثمة أرقام مصدرها منظمات يهودية أميركية وبريطانية وفرنسية تظهر بشكل قاطع انه عندما ترتكب إسرائيل جرائم من نوع حرب صيف 2006 على لبنان، أو الهجوم التالي على قطاع غزة تسجل الحوادث اللاسامية في أوروبا وأميركا أرقاماً قياسية. أكتب وهناك في أوروبا أسبوع (أجده امتد شهراً) ضد العنصرية الإسرائيلية، وهذا رأي الأوروبيين في الأبارتهيد الجديدة التي ترفع لواءها إسرائيل، وليس رأي أي عربي، ويحاسب عليها اليهود جميعاً. كانت إسرائيل مصيبة ابتلينا بها، وهي اليوم مصيبة للعالم كله، بمن فيه من اليهود مع العرب والمسلمين. [email protected]