تضع الدولة المصرية على كاهلها، وفي مقدم أولوياتها، مواجهة الإرهاب الذي يستهدف استقرارها السياسي والاقتصادي، خصوصاً في أعقاب إطاحة حكم «الإخوان المسلمين» انطلاقاً من ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013. وحققت مصر في هذا الصدد نجاحاً ملموساً، يمكن رصده في عشر نقاط. 1- ضرب البيئة الحاضنة للإرهاب في كل المحافظات المصرية، ما أسفر عن تراجع العمليات الإرهابية، وبخاصة التي استهدفت الكنائس ودور العبادة واستمرت عامين كاملين. 2- تفكيك عشرات الخلايا التابعة للتنظيمات التكفيرية وتصفية مئات التكفيريين داخل محافظة شمال سيناء وخارجها، بعد نجاح أجهزة المعلومات في تحديد أماكن هؤلاء التكفيريين ومسارات تحركهم. 3- التعامل مع الإرهاب تمّ وفق إستراتيجية عامة بدأت بمواجهته في كل محافظة كان يزحف عليها أو يحاول أن ينشط فيها، حتى تمت محاصرته ثم مواجهته في شكل حاسم في العملية الشاملة «سيناء 2018»، وهو ما ظهرت نتائجه في توقف موقت للعمليات الإرهابية، غير أن الأمر يحتاج إلى مواجهة أخرى فكرياً لاجتثاث ما تبقى من أفكار تغذي الإرهاب. 4- الدولة شاركت في مواجهة الإرهاب خارج حدودها من خلال ضرب الخلايا التابعة للتنظيمات التكفيرية الموجودة في الجنوب الليبي، وتحديداً في مدن أجدابيا ودن الكفرة وسبها، وحتى في الوسط في مدينة سرت، فضلاً عن دعم التفاهمات السياسية بين الفرقاء، على اعتبارها خطوة في طريق مواجهة الإرهاب العنيف هناك. الشيء نفسه تقوم به مصر في فلسطينالمحتلة بدعم التفاهمات السياسية بين حركتي «حماس» و «فتح»، في محاولة للتخلص من أي انقسام أمام تواجد التنظيمات المتطرفة في غزة. 5- قضت مصر على حلم التكفيريين بالعودة إلى المشهد، بعد أن تصدروه في عدد من العواصم العربية، والأخطر في هذه المواجهة أنها شملت كل جماعات العنف، سواء التي تستخدمه أو تؤجل استخدامه بينما تدعم بقية الجماعات، وهذه التنظيمات لا تقل خطورة عن مثيلاتها التي ترفع السلاح. 6- نجحت الدولة في استنفار المجتمع ومشاركتها خوض المعركة، فبات نجاحها وشيكاً. 7- مصر قدمت فكرة مواجهة الإرهاب على حساب الأوضاع الاقتصادية التي تأزمت كثيراً بعد ثورتي 2011 و2013، فضلاً عن أن هذه المواجهة كانت خصماً من الاستقرار السياسي، فكان يمكن لها أن تختار الطريق السهل بالبحث عن مواءمات سياسية مع التنظيمات المتطرفة، كما كان يحدث في السابق. 8- مصر تؤسس حلفاً عربياً في مقدمه السعودية والإمارات لمواجهة الإرهاب، يضع قضية الإرهاب في أعلى سلم الأولويات، بعد تزايد اليقين بأن الدول الكبرى لا تواجه الإرهاب وإنما تترك هذه المواجهة للدول العربية المتضررة منه. 9- الإرهاب في مصر يمر بمرحلة الأنفاس الأخيرة، غيره أنه ما زال قادراً على التشكل والعودة إلى الحياة مجدداً عبر أطوار مختلفة، وهو ما يستلزم مراجعة وإصرار على استمرار المواجهة بالإرادة نفسها الحيّة للتخلص من كل صور الإرهاب القلق. 10- لا بد أن يحدث ما يمكن أن نسميه استنساخ لكل صور المواجهة الفاعلة ومحاولة الاستفادة من تجارب الآخرين في مواجهة الإرهاب قديماً وحديثاً، من أجل بناء رؤية متكاملة قادرة على إنهاء الإرهاب في شكل كامل: ليس داخل الحدود فقط وإنما خارجها، ولا يكون أمنياً فقط وإنما يتعدى ذلك ليطاول المواجهة الفكرية والثقافية أيضاً. * كاتب مصري