في سياق الاحتفال ب«اليوم العالمي للأوزون»، هناك وجوه يصعب التغاضي عما قدّمته لتخليص البشرية من خطر تآكل طبقة الأوزون. من المستطاع تذكر عجوز (ولد عام 1927) ما زال حاضراً في المؤتمرات العلمية. ويتحدث فيها غالباً بصوت أجش ونبرة شبه ثابتة، شبه خالية من التلاوين العاطفية. لعل هذا الصوت ورتابته أمر مألوف لمن شارف على التسعين. ويصعب على متحدثه ألا يشعر بالفخر للقاء شخص حارب من أجل سلامة الكوكب الأرضي. وبذا يشبه شيروود رولاند (نوبل الكيمياء 1995 عن اكتشافه المواد الكربونية المفلورة «سي اف سي» CFC التي تُسبّب تآكل طبقة الأوزون) وكأنه أحد مقاتلي «الجيداي» في سلسلة أفلام الخيال العلمي «حروب النجمة» للمخرج الأميركي جورج لوكاس. وفي أحاديث إعلامية متفرّقة، يبيّن هذا المحارب القديم أن الأمر بدأ عام 1972 أثناء مشاركته في مؤتمر عن الكيمياء والطقس. وحينها، قدّم رولاند دراسة لاحظ فيها أن مركبات الكربون المفلورة تتفاعل مع الأشعة فوق البنفسجية التي تأتي من الشمس في طبقة الستراتوسفير، لتخرج منها مادة الكلورين التي تتفاعل مع الاوزون في دورة تعيد انتاج الكلورين، فتُعاد الدورة مُجدداً. والنتيجة؟ دائرة مغلقة من تفاعل الكلورين مع الاوزون في الستراتوسفير، تؤدي الى تآكل الأوزون بصورة مستمرة. ويفاخر بأن جهود مكافحة ثقب الأوزون أدّت الى تقلصه فعلياً بصورة ملحوظة، كما ظهر في صور الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة «ناسا» الأميركية عن القطب الجنوبي عام 2005. ويقارن رولاند «ثقب الأوزون» مع ظاهرة الارتفاع في درجة حرارة الأرض. ويرى أن مشكلة الأوزون نشأت من مواد اصطناعية مفيدة، هي «سي آف سي»، استخدمت في صنع البلاستيك ومكيفات الهواء وأجهزة التبريد ومزيلات الروائح وبعض المبيدات الحشرية. وفي البداية، ظُنّ أنها مناسبة لانها لا تتفاعل مع غيرها. وسرعان ما تبيّن ضررها المميت. وفي المقابل، يشير رولاند إلى أن النقاش قد حسم علمياً، بحسب رأيه، في شأن علاقة ظاهرة الاحتباس الحراري مع الغازات التي تنجم من احراق الوقود الاحفوري (بترول وفحم حجري)، المستخدم عالمياً كمصدر للطاقة. ويستند في ذلك إلى تقرير «اللجنة الحكومية الدولية لتقويم التغيير في المناخ» في نيسان (ابريل) 2008 الذي وثّق تلك الظاهرة كما برهن ارتباطها بتراكم غازات الصناعة والطاقة. ويرى رولاند ان الحدّ من التكاثر السكاني يشكّل جزءاً أساسياً من حل الأزمة الراهنة في الاقتصاد والبيئة. ويعتقد ان العلم هو شيء تحيط به المخاطر بصورة دائمة، ما يفرض التفكير في الموازنة بين الخطر وضرورات التقدّم كشيء لا مفر منه. ولم ير عيباً في النظام التعليمي في الولاياتالمتحدة، الذي لا يحاول ايجاد جسور بين الفلسفة والعلم، كمدخل قد يساعد العلماء على تصوّر الآثار العميقة لأعمالهم. ويفاخر أيضاً بأن ولاية «أوريغن» الأميركية هي أول مكان صدر فيه تشريع يقضي بالحد من استعمال مواد الكربون المفلورة المؤذية للأوزون، إضافة إلى إلتزام أميركا بمقتضيات معاهدة «مونتريال» (1987) عن هذا الموضوع. في المقابل، يقر رولاند بأن بلاده تتحمل مسؤولية كبرى في مسألة التلوث، خصوصاً إدارة الرئيس جورج بوش (الإبن) التي انسحبت من معاهدة «كيوتو» للحدّ من انبعاث غازات التلوّث.