طرابلس، بني وليد، سرت سرت - رويترز، أ ف ب، أ ب - صدت قوات المجلس الوطني الانتقالي هجوماً صاروخياً على مواقع احتلتها في بلدة بني وليد ومحيطها وتقدمت قليلاً وسط معارك ضارية بالصواريخ والأسلحة الرشاشة. تبادل مقاتلون تابعون للمجلس الوطني الانتقالي وأنصار العقيد معمر القذافي القصف المدفعي والصاروخي والسيطرة على شوارع وأزقة البلدة بني وليد والتلال المحيطة بها في أكثر المعارك التي شهدتها الحرب الأهلية الليبية. وقالت وكالة «اسوشيتدبرس» إن أنصار القذافي حاولوا فتح ممر آمن وفك الحصار عن بني وليد لكنهم ووجهوا بمقاومة ضارية. وهزت انفجارات قوية ونيران الأسلحة الآلية المستمرة بلدة بني وليد الصحراوية أمس في الوقت الذي قصف مقاتلون موالون للقذافي مواقع تسيطر عليها قوات الحكومة الموقتة حول البلدة. وواجهت قوات المجلس الوطني الانتقالي، التي تعاني نقصاً في التنظيم، مقاومة شديدة من المدافعين عن المعاقل الأخيرة للقذافي في بني وليد ومدينة سرت الساحلية وبلدة سبها الواقعة في عمق الصحراء الليبية. وقال عبد السلام قنونة، القائد الميداني للقوات المناهضة للقذافي لوكالة «رويترز» عند البوابة الشمالية لبني وليد، إن القوات المدعومة من الحكومة الجديدة خاضت معارك طول الليل، وأنها حاصرت المدينة من كل الجوانب على مدى 40 كيلومتراً». وأضاف أنها معركة كبيرة في الوقت الذي كان يحتمي مقاتلوه وراء الأسوار والسيارات من القصف المكثف للنيران. ورد البعض بإطلاق النار على البلدة باستخدام المدافع المضادة للطائرات بينما كانت أصوات تلاوة الآيات القرانية تنطلق من سيارة لرفع الروح المعنوية. وقال جمال الغرياني، وهو مقاتل في القوة التابعة للمجلس الوطني الانتقالي ويبلغ من العمر 50 سنة وعمل لسنوات في جيش القذافي قبل الانحياز للطرف الآخر، «نحتاج الى تنظيم أنفسنا في شكل أفضل لأننا لسنا منظمين الآن». وأضاف: «لتحرير بني وليد لا بد أولاً من استمرار القصف المكثف ثم يعقبه دخول المشاة، كما يحدث في أي مكان آخر، حالياً الوضع ليس فوضوياً تماماً لكن الكثير من مقاتلينا لا خبرة لهم لذلك فالعملية ليست بهذه السهولة». وترددت أصداء القذائف فوق المواقع التي تسيطر عليها القوة المناهضة للقذافي ودوت في أنحاء الصحراء بينما أطلق قناصة الرصاص من فوق أسطح المنازل في بني وليد وتصاعد الدخان من البلدة. وألقى مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي القبض على رجل من تشاد المجاورة في الصحراء واتهموه بأنه مسلح يعمل لصالح القوات الموالية للقذافي. وقال الرجل، الذي قال إن اسمه محمد ايزين وكان يرتعد خوفاً، إن لا علاقة له بالحرب. وأضاف: «أنا مجرد راع، أي قتال، أي قتال» في الوقت الذي كان المقاتلون المناهضون للقذافي يدفعونه وهم يقولون: «لا تكذب، لا تكذب». وجددت قوات المجلس الوطني الانتقالي حملتها على سرت مسقط رأس القذافي بعدما أحرزت تقدماً طفيفاً السبت لكنها سيطرت على بلدة الهراوة الواقعة على بعد 60 كيلومتراً الى الشرق من المدينة. وقال طبيب في مستشفى ميداني، أقيم في محطة للوقود على المشارف الغربية لمدينة سرت، إن 16 مقاتلاً من القوات المناهضة للقذافي وسائق سيارة إسعاف لقوا حتفهم في قتال دار السبت. كما أنه استقبل 62 مصاباً لكن لم يسقط قتلى أو جرحى الأحد. وأطلق مقاتلون مناهضون للقذافي صواريخ من المدخل الجنوبي لمدينة سرت أمس وتبادلوا إطلاق النيران مع قوات موالية للقذافي تتحصن في مركز للمؤتمرات. وقال محمد عبد الله وهو من المقاتلين المناهضين للقذافي على أطراف المدينة الساحلية، «الوضع خطير جداً جداً». ومضى يقول: «هناك الكثير من القناصة وكل أنواع الأسلحة التي يمكن تخيلها» بينما ترددت أصداء الصواريخ وتصاعد الدخان من سرت. وكانت عشرات من السيارات والشاحنات التابعة لمدنيين هرعت في وقت سابق أمس للخروج من المدينة وتحدث سكان عن انقطاع في إمدادات المياه والكهرباء وسط معارك تندلع في الشوارع. وقالوا إن قوات القذافي تجوب شوارع وسط المدينة مما أحال حياتهم الى جحيم. وقال طاهر المنسلي (33 سنة) وهو أحد السكان بينما كان مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي يفتشون سيارته عند نقطة تفتيش «الوضع سيء للغاية، الناس يعيشون في رعب». وأضاف: «قوات القذافي تحاول إقناع الناس بأن الثوار مجرمون وأنه لا بد من قتلهم. حتى إذا لم تكن تصدق هذا فلا بد أن تظهر أنك مقتنع». وفي مكان مجاور كان هناك ثلاثة شبان يركعون على الرمال بجوار الطريق وكانت أيديهم مقيدة وراء ظهورهم. وقال مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي إنهم وجدوا بندقيتين وذخيرة في سيارتهم. وأعلن متحدث باسم المجلس الوطني أن القوات المناهضة للقذافي سيطرت أيضاً السبت على بلدة براك بينما كانت تتقدم نحو بلدة سبها وهي من معاقل القذافي على بعد 700 كيلومتر الى الجنوب من طرابلس. ومنذ سقوط العاصمة طرابلس تحت سيطرة المجلس الوطني الانتقالي في 23 آب (أغسطس) سرت إشاعات عما إذا كان القذافي موجوداً في أي من معاقله الثلاثة الرئيسية. وقال قادة ميدانيون للثوار لوكالة «فرانس برس» إن «المعارك استمرت منذ بعد ظهر السبت وحتى الساعات الأولى من صباح الأحد، واندلعت من جديد ظهراً في بني وليد وسرت». ويتجمع عدد من المقاتلين على بعد حوالى ستة كيلومترات من وسط بني وليد فيما يتدفق مقاتلون آخرون نحو أحياء داخل بني وليد. ويسمع بين الحين والآخر دوي أصوات الانفجارات والرصاص من داخل بني وليد فيما تتساقط صواريخ قرب مواقع للثوار في محيط المدينة. وقال الطبيب مبروك كرناف إن «عدداً غير محدد من الجرحى سقطوا في المعارك». ويعود بعض الثوار الذين يجمعون على المقاومة العنيفة التي يلقونها من الجبهة محملين بعتاد غنموها من قوات موالية للقذافي، بينما يعود آخرون ومعهم عناصر من تلك القوات أسروهم خلال المعارك. في هذا الوقت تواصل عائلات مغادرة المدينة. وقال محمد الخازمي وهو يعود من بني وليد مع أفراد من عائلته ل «فرانس برس» إنه «لا كهرباء ولا غذاء في المدينة». وأضاف إن «هناك أعداداً كبيرة من الثوار في الداخل تقاتل الموالين للقذافي، لكنها تعجز عن التقدم بسبب المقاومة العنيفة التي تلقاها». وقال متحدث باسم الجيش البريطاني إن طائرات حربية بريطانية تعمل تحت تفويض الأممالمتحدة لحلف شمال الأطلسي بحماية المدنيين الليبيين قصفت مستودعاً للذخيرة تابعاً لقوات القذافي الى الغرب من سرت بعد تدمير حاملة جند مدرعة وشاحنتين مدرعتين في منطقة سرت قبل يومين.