صيدا (جنوب لبنان) - «الحياة»، رويترز - رقَصَ مع الثورات وصادقها. لأكثر من ثلاثين سنة كان رفيق الحرب ولحنها. تذكره الميادين منذ حرّك مشاعرها في حفلة «ملعب الصفا» التاريخي في بيروت العام 1983. وفي مشهد مماثل، تحركت فرقة «ميادين» مارسيل خليفة على مدرجات الملعب البلدي في صيدا، ليل أول من أمس، مع فارق وحيد هو أن الثورات العربية انضمت إلى مسرح يضم 25 عازفاً، فأهدى خليفة أغنياته «إلى كل الثوار العرب من المحيط إلى الخليج»، ناقلاً اللبنانيين من أزقة السياسة المحلية وأزماتها إلى مناخ نضالي عربي من خلال برنامج فني غني. لم ينزلق خليفة إلى دعم ثورة بعينها، بل أخذ جمهوره إلى أسماء مدن ثائرة «منتصبة القامة تمشي». وفي حضور حوالى 15 ألف مشاهد توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية، مع حضور طاغٍ لأهالي الجنوب، أبرق إلى سورية من البعيد، عندما خاطب الحبيبة في أغنية «بغيبتك نزل الشتي». وأوفد رسلاً إلى المدن الصاخبة مردداً المقطع الشهير: «ودّيت مع راعي حماة يشوفلي الطقس شمال... قال لي السنة جايي هوا بيوقع الخيال». وكان خليفة شارك الشهر الماضي مع مجموعة من المثقفين اللبنانيين في إشعال شمعة في وسط بيروت «عن أرواح «الشهداء في سورية»، قائلاً: «جئت إلى هنا كي أقول لا للديكتاتورية العربية». وأدّى أغنية «يما مويل الهوا يما مويليا ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيا»، مهدياً إياها إلى «الثوار العرب». واستعاد ليل صيدا زمناً ثائراً، واسترجع «جواز سفر» الغناء بعد «غربة» أمضاها في موسيقى بلا غناء، لم تروِ ظمأ جمهور على قدر كبير من الحماسة والانتماء والتسييس. لكن خليفة أعطى في ذلك الليل هامشاً واسعاً لنجليه بشار ورامي، اللذين عزفا البيانو والإيقاع برُقِيٍّ وإبداع، لا سيما في لحن «جواز السفر». غردت عصافير الجليل مع خليفة و «فرقة الميادين»، وكانت 12 كاميرا تلفزيونية تصوّر الحفلة، وأطلقت أميمة الخليل عصفورها من الشباك، في شكل حرية أهداها خليفة إلى «كل السجناء العرب في السجون الإسرائيلية، والعرب في السجون العربية». وعلى إيقاع لحن وكلمات كتبت تحديداً لمدينة صيدا قبل 35 سنة، وتماهت مع روح زعيمها الراحل معروف سعد الذي قضى اغتيالاً، اهتزت المدينة وبحّارتها مع «شدوا الهمّة، الهمّة قوية... يا بحرية هيلا هيلا». ورقص بعض الحضور رافعين علم الحزب الشيوعي اللبناني، الذي نظم الحفلة في الذكرى ال 29 لانطلاق «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية» ضد الاحتلال الإسرائيلي العام 1982. هي «جمعة مارسيل خليفة» في صيدا، التي رأى فيها بعض الجمهور ثورة غناء ولحن موروث منذ الطلقة الأولى التي وُجِّهت في بيروت ضد الاحتلال الإسرائيلي، وردّ خليفة الصدى وحفّز الشعوب على النهضة في نشيده «انهض وقاوم».