بات واضحاً أن مشروع «حفظ مخطوطات الأزهر النادرة» الذي أعلن عنه أخيراً، وهو جزء أساسي من مكوّنات موقع «الأزهر أون لاين» alazharonline.org، يتضمن مرحلتين للتوصل إلى بناء منصّة تكنولوجية ذكية تتسم بالتكامل، لتوثيق مقتنيات مكتبة الأزهر. تشمل المرحلة الأولى تكوين مكتبة إلكترونية رقمية للمخطوطات الإسلامية النادرة التي يصل عددها إلى 50 ألف مخطوطة تضم أكثر من 8 ملايين صفحة وتغطي 63 فرعاً في العلوم والفنون يرجع بعضها إلى القرون الإسلامية الأولى. وتُنجز هذه المرحلة باستخدام حلول تكنولوجيا المعلوماتية المتطوّرة التي تشمل أجهزة وبرمجيات وحواسيب وماسحات ضوئية متخصصة وغيرها، ما يذكر بمشروع «كُتُب غوغل» Google Books الرقمية المشهورة. وتتضمن المرحلة الثانية تأسيس دورة عمل مستدامة للحفاظ على المخطوطات عبر فهرستها وتصنيفها ومسحها ضوئياً، ثم إتاحتها للجمهور. ويستطيع الجمهور الاستفادة من الشكل الرقمي لهذه المخطوطات بالدخول الى موقع «الأزهر أون لاين»، أو بزيارة مكتبة الأزهر والاطلاع رقمياً على هذه المخطوطات. في هذا السياق، لوحظ استخدام «تقنية علامات الماء» («ووتر مارك أب تكنولوجي» Water markup Technology) للحفاظ على أمن الوثائق وسلامتها وصيانتها من التحريف والنسخ. المعلوم أن مشروع «حفظ مخطوطات الأزهر النادرة» يجري تنفيذه بدعم من منحة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تقدر بخمسة ملايين دولار. وأعلن عن المشروع في القاهرة أخيراً، من قِبَل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. وفي آفاقه العامة، يهدف هذا المشروع إلى توثيق تراث الأزهر الشريف ونشره على الإنترنت، عبر تحويل مخطوطات مكتبة الأزهر إلى نسخ إلكترونية، إضافة لإنشاء موقع «الأزهر أون لاين». ويقدّم الموقع معلومات مفصلة عن موضوعات متنوّعة تلقى اهتمام الشعوب الإسلامية، إضافة إلى نشر فتاوى الأزهر وأخباره. وعند إنجاز هذا الموقع، يفترض أن تبرز على الفضاء الافتراضي أوسع مكتبة للمخطوطات الإسلامية. ويعدّ هذا الأمر إضافة الى دور الأزهر في نشر تعاليم الإسلام ومساعدة المسلمين على اتّباع أحكامه. ووقع الاختيار على شركة «آي بي أم» IBM الأميركية، لتنفيذ هذا المشروع الضخم. والمعلوم أن هذه الشركة تملك خبرة عريضة في التكنولوجيا الإلكترونية، كما توّلت مجموعة كبيرة من المشاريع العالمية المتصلة بحفظ المخطوطات النادرة، مثل مكتبة الفاتيكان ومتحف الإرميتاج العالمي في روسيا وغيرهما.