ذكرت لكم في مقال سابق نشر تحت اسم «الشعب يريد وعياً» أنني سوف أحضر لكم أمثلة من الوعي المنقوص الذي عززته ثقافة العزل التام بين الرجل والمرأة حتى أنتجت ما نراه أمامنا من نماذج مؤسفة تصرخ لتنادي نريد وعياً حقيقياً، نريد قانوناً يمنع كل صور الابتزاز الرخيص الذي نسمع عنه. فقد ذكرت الصحف في الأيام القليلة الماضية حوادث مؤسفة أبطالها رجال وضحاياها نساء ولا أقول إن النساء لا يعمدن إلى الابتزاز، بل إن هناك صوراً بغيضة لذلك وآخرها قصة الطبيب الذي اشتكى مريضته التي لاحقته وهددت بيته واتصلت بزوجته وأم زوجته وحاولت رؤية ابنته في مدرستها ولاحقته بالرسائل النصية، ولا أعلم حتى اللحظة ماذا تريد منه هل تريد إقناعه بالموافقة على زواجها منه؟ أم تريد تنغيص حياته أم ماذا بالتحديد؟ الجميل في الخبر أن الطبيب لم يصمت ولم يستسلم خوفاً من المجتمع وتهيباً من عدم تصديقه لأن المرأة في هذه الأمور مصدقة كالعادة ومنظور إليها على أنها ضحية.. مسكينة غرر بها لضعفها وجهالتها كونها مهيضة الجناح كما يريد المجتمع إلصاق هذه الوصمة بها من خلال فرض وصايته الدائمة عليها وبأنها عليها دائماً الاستعانة بذكور عائلتها لحمايتها من نفسها ومن عاطفتها غير المنضبطة!! الخبر الثاني يقول: «ألقت شعبة التحريات والبحث الجنائي في شرطة محافظة الأحساء القبض على مواطن في الأربعين من العمر انتحل شخصية موظف «الخدمة المدنية» بعد قيامه بابتزاز عدد من الفتيات الراغبات في التوظيف عن طريق وزارة الخدمة المدنية». وأثبتت التحريات أن المتهم تمكن من خداع مجموعة كبيرة من النساء واحتياله عليهن بالاتصال بهنَّ وإيهامهن بأنه موظف بالخدمة المدنية واستدراجهن بطلب مقابلتهن من أجل تسهيل الوظيفة التي تقدمن بها لدى ديوان الخدمة المدنية. وقد أفادت الصحف أن التحريات أثبتت تورطه في استدراج عدد كبير من الفتيات وتهديدهن بعد الحصول على معلوماتهن الخاصة ثم العمل على ابتزازهن لمقابلتهن.. والبقية تعرفونها بالطبع! في رأيي الشخصي لن تنمو بذور المبتزين إلا في بيئة تسمح لهم بذلك.. بيئة تسقيها ثقافة بأن عليك تسليك أمورك بالواسطات وبالمعرفة وإلا لماذا تسقط الفتيات في يد أو بالأحرى في براثن عميد جامعة مزيف يقدم خدماته غير المجانية؟ ولماذا ينزلقن بهذه السهولة؟ ولماذا تسقط فتيات في براثن من يدعي أنه موظف في الخدمة المدنية بالتحديد؟ لأن الخدمات المزمع تقديمها مطلوبة وبشدة في مجال التعليم واللحاق بالجامعة والحصول على مقعد يمكّن الفتيات من الدراسة ولأن التوظيف أمنية نادراً ما تتحقق على أرض الواقع والبعض يرى بأم عينيه مَن تخرجت بعدها وتوظفت قبلها بسنوات طويلة ولأن الكثيرات يرين بأم أعينهن مَن حصلت على نسبة منخفضة وكانت من أوائل من التحقت بالجامعة رغم لاءات النفي المدويّة سيطالبها الجميع بإثبات لو اشتكت وبالطبع لن تجد ما يثبت صحة كلامها من أوراق. لو تم سنُّ قانون يجرّم الواسطة والهواتف السرية والبطاقات الشخصية وخطابات التوصية لما وجدنا فتيات يلهثن خلف أي بارقة أمل ولو أرجعنا الحياة الطبيعية لمجتمعنا لما وجدنا هذا الانقضاض المحموم على الإناث من بعض الذكور.. أختم بجملتي التي سأظل أطالب بها؛ نريد وعياً حقيقياً ونريد احترام الأولوية ونريد تجريم الواسطة بكل أنواعها وأشكالها.. وألوانها أيضاً. [email protected]