تتواصل المساعي الاميركية والاوروبية لثني الفلسطينيين عن التوجه الى الجمعية العامة للامم المتحدة او مجلس الامن بطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين، فيما أوضح ديبلوماسي غربي أن الأكثرية الساحقة من الدول الأوروبية جاهزة للتصويت على مشروع قرار في الجمعية العامة يعطي فلسطين مقام «الدولة المراقبة» أو «الدولة غير العضو» في الأممالمتحدة إذا توافر بعض الشروط، أولها عدم توجه السلطة الفلسطينية الى مجلس الأمن لطلب العضوية الكاملة عبر مشروع قرار تعهدت الولاياتالمتحدة باستخدام حق النقض «الفيتو» ضده، وثانياً ألا يتضمن مشروع القرار الذي يطرح أمام الجمعية العامة الطلب المباشر الى الدول الأعضاء بالاعتراف بدولة فلسطين، وثالثاً أن يأخذ مشروع القرار في الاعتبار عنصريْن أساسييْن هما التجاوب العادل مع ما قامت به السلطة الفلسطينية من بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية باعتراف وتقدير البنك الدولي، والتأكيد على مركزية الحوار المباشر للتوصل الى حل يتم التفاوض عليه. وأوضح الديبلوماسي أن الشروط لا تتضمن تعهد الفلسطينيين مسبقاً بعدم التوجه الى المحكمة الجنائية الدولية كما يتكرر، مشيراً الى أن فلسطين مارست هذا الحق حتى وهي بصفة «مراقب» الحالية في الأممالمتحدة. لكنه أضاف أن صدور قرار عن الجمعية العامة يعطي فلسطين صفة «دولة» ييسر طريقها الى الانتماء الى المحكمة الجنائية الدولية بطلب تقدمه الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي له صلاحية كبيرة في مصيره، إما بالبت به شخصياً أو بإحالته على الجمعية العامة حيث لا معارضة ضده. واستعدت الوفود لدى الأممالمتحدة أمس لانتقال ملف السعي وراء دولة فلسطين الى نيويورك من القاهرة حيث اجتمع الوزراء العرب وحيث تقدمت المفوضة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون بأفكار الى الرئيس محمود عباس. وعلمت «الحياة» أن تلك الأفكار صبت في خانة مشابهة لما تحدث عنه الديبلوماسي الغربي، إنما مع التوصية باستخدام لغة في مشروع القرار لا تتضمن تفعيل الطلب الفلسطيني المقدم الى المحكمة الجنائية الدولية العام 2009، ما قد يفجر صراعات ويؤدي الى انقسامات أوروبية. يذكر أن فلسطين كانت طلبت من المحكمة الجنائية النظر في فظائع ارتكبت أثناء عملية «الرصاص المصبوب» في غزة، والتي حمّل «تقرير غولدستون» مسؤولية ارتكاب جرائم حرب فيها لكل من الحكومة الإسرائيلية وحركة «حماس». ولم يبت المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بالطلب الفلسطيني من دون أن يوضح الأسباب التي تبدو أكثر سياسية منها قانونية. وعلمت «الحياة» أنه في حال موافقة السلطة الفلسطينية على مشروع قرار يعكس اعتراف 126 دولة (أو أكثر) بدولة فلسطين بدلاً من قرار يطالب جميع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة بالاعتراف بدولة فلسطين، فإنه سيكون له حظ كبير في حشد القدر الضخم من الدعم، وهذا بدوره سيمكن فلسطين بصفتها الجديدة كدولة مراقبة على نسق الفاتيكان، أن تودع لدى الأمين العام للأمم المتحدة مصادقتها على نظام اتفاق روما الذي بموجبه تنتمي الدول الى المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح الديبلوماسي الغربي الذي اشترط عدم ذكر اسمه أن مثل هذا الزخم في قرار للجمعية العامة يؤثر بالتأكيد في إجراءات بان، إما عبر تصديقه على الطلب أو إحالة الطلب على الجمعية العامة. وتوقع الديبلوماسي الغربي تحركاً سريعاً للاستراتيجية الفلسطينية نحو التصويت قبل الثلثاء المقبل، وإلا فعليها الانتظار الى ما بعد المناقشة العامة في الجمعية العامة التي تستمر أسبوعين. وقالت مصادر ديبلوماسية أخرى أن الفلسطينيين سيتوجهون على الأرجح الى الجمعية العامة مباشرة بدلاً من التوقف عند محطة مجلس الأمن حيث «الفيتو» الأميركي، وحيث يمكن أيضاًَ خسارة دعم الأوروبيين خصوصا ان لا شيء يمنعهم على الأجل الطويل من العودة مجدداً الى الأممالمتحدة لرفع مستوى تمثيل فلسطين من دولة مراقبة الى دولة كاملة العضوية. ولفتت المصادر الى أن الاعتراف بدولة فلسطين قرار سيادي تتخذه الدول منفردة ولا يأتي نتيجة قرارات للأمم المتحدة، أما رفع مستوى بعثة فلسطين من «مراقب» الى «دولة مراقبة غير عضو» في الأممالمتحدة، فإنه يأتي بامتيازات إضافية، بعضها تم تضخيمه كناحية اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية، إذ أن ذلك الحق قد مورس سابقاً، وفي إمكان فلسطين ممارسته مكرراً إذا قامت إسرائيل بجرائم حرب جديدة. وأضافت أن أهمية تصنيف فلسطين «دولة» تكمن في الضغط على كل من المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية كي لا يتملص بحجة أو ذريعة «اللا دولة»، وتكمن في الضغط على الأمين العام للأمم المتحدة للقبول بالمصادقة الفلسطينية على نظام روما الأساسي.