سخرية مستوحاة من الواقع، تزيّن زجاج سيارات الأجرة التي تطوف شوارع بغداد. فعبارات من نوع «اتركني مخطوبة» و»اللهم أعطهم ما يتمنون لنا»، باتت مألوفة جداً لسكان بغداد الذين يرون يومياً عشرات العبارات المخطوطة على الزجاج الخلفي لسيارات التاكسي وبعض سيارات النقل الخاص. وعبارات أخرى استوحاها سائقو السيارات، من اعلانات الفضائيات العراقية حول الإرهاب ك «يدا بيد لا سلاح باليد»، باتت بمثابة لوحات إعلانية يضعها العديد من السائقين. أما البغداديون الذين يشاهدون هذه اللوحات المخطوطة في شوارع العاصمة يومياً، فينقسمون بين مؤيد ومعارض لها، فمنهم من يعدها ظاهرة سيئة وغير حضارية، ومنهم من يرى إنها جزء من الحرية الشخصية للفرد. ويرى السائق سامر الخفاجي أن «ظاهرة الكتابة على السيارات ليست مسيئة لأحد، شرط ألا تمس الذوق العام». ويضيف سامر، الذي كتب على النافذة الخلفية لسيارته «تكبر وتصير همر»، أن «اعتزازه بسيارته وحبّه لها دفعاه إلى وضع هذه العبارة»، بعدما لاحظ استهانة بقية السائقين بسيارته المتواضعة لصغر حجمها وبساطتها قياساً بباقي المركبات الحديثة. من جهته، يوضح أبو مازن، أن ثمة عبارات جميلة لا ضير من كتابتها على السيارة، خصوصاً لدرء الحسد، مضيفاً: «كتبت على سيارتي عبارة: اللهم أعطهم ما يتمنون لنا وزدهم، وفي اعتقادي هي رسالة واضحة لمن يتمنى الشر او الخير لي». ويقول أمير سعيد، أحد بائعي العبارات اللاصقة، أن سائقي التاكسي يقبلون على شراء المخطوطات أكثر من غيرهم. ويعترف سعيد بخجله، بسبب بعض العبارات المثيرة للجدال التي يطلبها أصحاب السيارات، مشيراً إلى أن الأدعية الدينية وآيات القرآن الكريم، رائجة بين سائقي السيارات العمومية. على الصعيد القانوني، يقول نقيب المرور أوس حبيب ل «الحياة»، أن «هذه الظاهرة تنتشر، على رغم أن هناك قانوناً يقضي بمنع مثل هذه الكتابات»، وذلك لأنها تفقد بقية السائقين تركيزهم في القيادة، ما قد يسبب حوادث مرورية، فضلاً عن أنها «ظاهرة غير حضارية ولا تليق بالمجتمع». ويناشد حبيب وزارة الداخلية ومديرية المرور العامة وضع حد لهذه الظاهرة، ويطالب بتفعيل القوانين الخاصة بها وإصدار أوامر لدوائر المرور بالبدء في محاسبة من يكتب عبارات على سيارته حرصاً على أرواح الناس. وقبل العام 2003، كانت شرطة المرور تحاسب سائقي المركبات الذين يدونون عبارات على سياراتهم بسحب إجازة السوق والغرامة. أما اليوم فغالبية السائقين لا تملك إجازة سوق.