اعتبر السفير ناصر النصر (قطر)، رئيس الدورة ال 66 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أيَّ خطوة يتخذها الفلسطينيون في شأن الاعتراف بهم والحصول على العضوية الكاملة عبر مجلس الأمن أو الجمعية العامة، هي في مصلحتهم، وأشار الى ان «لديهم تجربة غنية في ما ينفعهم أو يضرهم، وسيتخذون في ظل هذه الظروف السياسية القرار الصائب في ما يخص مستقبلهم». ووصف النصر في مقابلة مع «الحياة»، ما يحصل اليوم في جزء من العالم العربي بأنه «تاريخي ولحظة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط، لا يفوقه أهمية سوى التخلص من الاستعمار». وأضاف «نتطلع إلى خطوات أكبر وأسرع باتجاه تحقيق العدالة والتنمية والديموقراطية وحقوق الإنسان لهذا الجزء المهم. ودور الأممالمتحدة سيكون مهماً في دعم هذه الأمور، وستكون هناك علاقة في حال التقدم بطلب الدعم من الأممالمتحدة». وفي ما يلي نص المقابلة: واضح أن الدورة ال66 للجمعية العامة للأمم المتحدة ستكون دورة فلسطين، على الأقل في أذهان العرب. كيف تتمنى، كعربي في موقع الرئاسة للجمعية العامة لهذه الدورة، أن يكون التعاطي مع القضية الفلسطينية في السعي الى عضوية فلسطين أو الاعتراف بدولة فلسطين؟ - ستكون الدورة ال66 مهمة لي كعربي، لأن هناك قراراً من الإخوة الفلسطينيين، بدعم من جامعة الدول العربية، بالذهاب إلى الأممالمتحدة. وهناك طريقان: العضوية الكاملة ولها ترتيبات معينة، والاعتراف وله ترتيبات أخرى. الكل يتساءل ما هو الطريق الذي يريده الفلسطينيون. إلى هذه اللحظة لا يوجد قرار واضح وصريح حول أي طريق سيسلكون، إلا أن الذهاب إلى الأممالمتحدة في حد ذاته مهم جداً، لأنه لا يجوز أن يحق للآخرين ما لا يحق للفلسطينيين. أيٌّ من الطريقين من وجهة نظرك أفضل لك كرئيس للجمعية العامة لتدعم السعي الفلسطيني من أجل قيام دولة: طريق إلى الجمعية العامة عبر مجلس الأمن، أو إلى الجمعية العامة مباشرة؟ - القرار في النهاية للإخوة الفلسطينيين. وهم يعلمون ما هو أفضل لهم. الذهاب إلى مجلس الأمن له طريقة وعمل وترتيبات معينة يعلمون كيف الوصول إليها. أما الذهاب إلى الجمعية العامة فله طرق، بداية أن يقدموا مشروع قرار يتم التفاوض عليه ومن ثم طرحه على التصويت. يذكر الفلسطينيون ان لديهم عدداً من الأصوات الكافية. إذا تم طرح الموضوع على الجمعية العامة للتصويت فسيحتاج إلى نصف أصوات الأعضاء في الجمعية العامة زائد واحد. يقولون ان لديهم أكثر من 120 اعترافاً. ما الذي قد يؤثر، أو يقطع الطريق على مثل هذا التوجه في الجمعية العامة ما دام لدى الفلسطينيين ما يكفي من الأصوات للسير في طلب العضوية؟ هل هناك ما يمكن أن يعرقل هذه النتيجة؟ - لا نستطيع أن نتنبأ. ولكن هذا يتطلب تقديم مشروع قرار يناقشونه مع الدول، خصوصاً الفاعلة، في الأممالمتحدة، مثل الاتحاد الأوروبي، للوصول إلى نوع من الاتفاق على صيغة واضحة. أنا لم أطّلع على هذا المشروع المفترض أن يقدموه في حال الموافقة على الذهاب إلى الجمعية العامة، والفلسطينيون أدرى بطرق المنظمة الدولية ومسالكها من الآخرين، يعلمون كيف الوصول إلى مبتغاهم. وفي حال الذهاب إلى الجمعية العامة، فسيجدون الصيغة المناسبة التي ستدعم طلبهم من أعضاء مازالوا متردِّدين إلى الآن، كالأوروبيين وبعض الدول الأخرى. ماذا لو استمرت هذه الدول في التردد؟ ما هو تأثير التردد الأوروبي ودول أخرى؟ وهل يساعد توجه الفلسطينيين فوراً إلى الجمعية العامة بدل المرور بفيتو أميركي في مجلس الأمن، في حشد الدعم للاعتراف بدولة فلسطين؟ - لا يوجد اتفاق موحد لدى الأوروبيين في هذا الخصوص. هناك انقسام. لكن إذا استطاع الفلسطينيون الحصول على دعم أكبر عدد من الدول الأوروبية الفاعلة في هذا الشأن، مع دول أخرى مترددة، فسيكون هذا طبعاً في صالح الفلسطينيين. وأعتقد ان أي خطوة الى الأمام يتخذها الفلسطينيون في شأن الاعتراف للحصول على العضوية الكاملة عبر مجلس الأمن أو الجمعية العامة، هي في مصلحتهم. وفي نهاية الأمر، هذا القرار المهم والحاسم بشأن القضية الفلسطينية يعود الى الإخوة الفلسطينيين، هم أعلم بهذه الأمور أكثر من أي جهة أو شخص آخر، ولديهم تجربة غنية في ما ينفعهم أو لا ينفعهم، أيُّ شيء يضرهم سيمتنعون عنه. وفي ظل هذه الظروف السياسية سيتخذون القرار الصائب في ما يخص مستقبلهم. الربيع العربي غيَّر نظرة العالم إلى الرأي العام العربي وأدخل الأممالمتحدة في دور جديد، كما في ليبيا، علماً بأن مجلس التعاون الخليجي كان سبّاقاً، وكذلك جامعة الدول العربية. كيف تتوقع وصول الربيع العربي إلى الجمعية العامة؟ وبأي شكل؟ - ما يحصل اليوم في جزء من العالم العربي تاريخي ولحظة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط، وهذا لا يفوقه أهمية سوى التخلص من الاستعمار. نحن نتطلع إلى خطوات أكبر وأسرع باتجاه تحقيق العدالة والتنمية والديموقراطية وحقوق الإنسان لهذا الجزء المهم، ودور الأممالمتحدة سيكون هاماً في دعم هذه الأمور، وستكون هناك علاقة في حال التقدم بطلب الدعم من الأممالمتحدة. إذ من الممكن لمنظمات حكومية ووكالات مختلفة أن تلعب دوراً إيجابياً، خصوصاً في ما يتعلق بالحض على السلم والأمن الدوليين. يمكن أيضاً حصول تعاون بنّاء بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية، خصوصاً على سبيل المثال بين مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقي على المستوى المؤسسي. - ما هو دور الجمعية العامة في إطار الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي، ما هي وسائل الاعتراف به كحكومة بديلة؟ متى تتوقع ذلك، وبأي شكل؟ - المجلس الوطني الانتقالي الليبي تقدَّم منذ ايام بطلب رسمي إلى الأمين العام بإحالة هذا الطلب إلى رئيس الجمعية العامة للنظر في الاعتراف بهذا المجلس ممثلاً شرعياً للشعب الليبي. بموجب الإجراء في هذا الموضوع، يتم إحالة هذا الطلب من الأمين العام إلى رئيس الجمعية العامة، ويقوم رئيس الجمعية العامة بإحالة هذا الطلب إلى لجنة اعتماد الوثائق. هذه اللجنة مشكَّلة، كما جرت العادة، من تسع دول، ثلاث من الدول الدائمة العضوية، وست يمثلون المناطق الجغرافية. وبما أن الطلب قد وصل إلى الأمين العام، فهو سيقوم بإحالته على رئيس الدورة ال 66، الذي هو أنا، وعندما يحدث ذلك أحيله على اللجنة للنظر فيه، وعندما تتخذ اللجنة القرار بهذا الشأن جرت العادة بإحالته على الجمعية العامة لاتخاذ القرار. كيف يتم ذلك عادة؟ بالتصفيق او بالتصويت؟ - بالتصويت. إذن، تلك ستكون لحظة تاريخية أخرى خلال رئاستك؟ - في حال وصول الطلب من الأمين العام واتخاذ الإجراءات المناسبة في ما يتعلق بأي طلب بهذا الشأن وتصويت الجمعية العامة، فالامر لا يتطلب سوى الغالبية البسيطة. في حال دعم الجمعية العامة لطلب المجلس الانتقالي، ستكون بلا شك لحظة تاريخية للشعب الليبي في اعتماد المنظمة الدولية تمثيلهم الرسمي. يتهيأ مجلس الأمن لإعطاء ولاية لمندوب الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، ايان مارتن، هي ولاية ما بعد انتهاء النزاع، بما قد يعني أن تكون للأمم المتحدة صلاحيات فوق العادة في ليبيا في الفترة الانتقالية، بالتنسيق مع المجلس الوطني الانتقالي. هل للجمعية العامة دور في ذلك؟ - طبعا، هناك إجراءات متبعة، لكنني أعتقد بأن دور الأممالمتحدة سيكون من خلال مجلس الأمن أو الجمعية العامة لدعم المؤسسات في ليبيا للتوصل إلى دولة كاملة المؤسسات للسعي بالنهوض بمستقبلهم. مجلس الأمن مازال يبحث في الموضوع السوري الآن، وما زالت آراء الدول الأعضاء متباعدة في هذا الموضوع، وهناك تحرك من جانب جامعة الدول العربية. هل سينعكس ذلك في مناقشة الجمعية العامة للموضوع السوري تحت بند الشرق الأوسط؟ وهل سيكون هناك بند مختلف؟ ومتى يُطلب إليك، كرئيس حالي للجمعية العامة، أن تبقى خارج اللعبة في مجلس الأمن، أو أن يكون لك دور، أو يكون للجمعية العامة دور في الموضوع السوري؟ - تسلمت الآن مهمتي، ولا أعلم ما اذا كان هناك طلب في هذا الشأن أم لا. نعلم أن مجلس الأمن يحاول التوافق على إصدار مشروع قرار، لكن هناك خلافات بين الأعضاء لا تسمح بذلك. أما في ما يخص الجمعية العامة، فإلى الآن لا أعلم ما إذا كان هناك طلب بهذا الخصوص أم لا. كرئيس للجمعية العامة، ستكون الوساطة في حل النزاعات ضمن أولوياتك. هل ستركز على تفعيل تلك الوساطة في ملفات معينة؟ وما هي هذه الملفات؟ - طبعاً، إنه الموضوع الأهم، وقررت أن يكون الموضوعَ الرئيسي خلال رئاستي للدورة ال66، لأن العالم يمر في ظروف سياسية وأمنية صعبة. مجلس الأمن هو المخوَّل التعاطي مع هذه الأمور، ولكنْ نتيجةً لبعض الظروف، نجد هذا المجلس بطيء الحركة في ما يتعلق بهذه القضية أو تلك. الهدف من هذا الموضوع الذي اخترته، أن يكون مُكملاً لكل الجهود الدولية الموجودة، ولكن لا نستطيع أن نتطرق الى كل المسائل. يجب النظر بطريقة أخرى، مثلاً باختيار مجلس حكماء بتخويل من مجلس الأمن لإيصال رسالة معينة لتلك الدولة أو غيرها، وهذه فكرة. هدف الوساطة بالدرجة الأولى إيجاد حل لمشكلة مستعصية. إذا كانت أجهزة الأممالمتحدة المعنية بذلك لا تملك التحرك بالسرعة اللازمة، فهناك دول منفردة قامت بالتوسط بين دولتين لجلب الأمن والسلم. والوساطة مهمة جداً، وهي متروكة طبعاً للدول في الأممالمتحدة، وليس لأي جهة معينة. واخترت موضوع الوساطة للنظر فيه من خلال أعضاء الأممالمتحدة، عبر تصور معين للوصول إلى حل بعض المشاكل والنزاعات. بصفتك رئيس الجمعية العامة، هل تنوي التنسيق مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون؟ هل هناك مثل هذه الرؤية أو هذا المشروع؟ - نحن نفصل بين موضوع الوساطة وموضوع العلاقة مع الأمين العام. موضوع الوساطة كما قلت متروك للدول الأعضاء في الأممالمتحدة، أما في ما يتعلق بالعلاقة مع الأمين العام، فهي مهمة جداً، فإذا لم يكن هناك توافق بين الأمين العام ورئيس الجمعية العامة في أي قضية، فسينعكس ذلك بأثر سلبي على عمل المنظمة الدولية. وبالإضافة إلى موضوع الوساطة، سنركز على أربعة مواضيع مهمة مطروحة على أجندة الجمعية العامة السادسة والستين، هي: أولاً، ان يكون حل الخلافات بالطرق السلمية. ثانياً، إصلاح وتنشيط منظومة الأممالمتحدة. ثالثاً، التنمية المستدامة والرخاء العالمي. رابعاً، تعزيز قدرة منظومة الأممالمتحدة على الاستجابة للكوارث. الصومال يمر بكارثة إنسانية. هل تنوي أن تفعل شيئاً من أجل الصومال؟ - الصومال موضوع مهم جداً. إن ما يحصل في هذه الدولة العربية المنسية من قِبَل المجتمع الدولي شيء مؤسف. لا شك في أن دول مجلس التعاون تقوم بدور إيجابي بدعم الإخوة في الصومال. والصومال ليست مشكلة عربية، بل مشكلة دولية. وعلى المجتمع الدولي أن يتعاطى معها بكل شفافية ودعم حقيقي. منذ فترات طويلة هناك تساؤلات: لماذا تتعاطى الأممالمتحدة، سواء من خلال مجلس الأمن أو أي جهة دولية أخرى، مع كل المواضيع الأخرى في العالم، فيما تبقى هذه الدولة منسية؟ أعلم أن هناك دعماً كبيراً من مجلس التعاون الخليحي، سواء من الدول أو الحكومات، أو من خلال المجتمع أو المنظمات الإنسانية التي تقوم بدور فاعل وكبير. لكن هذه ليست فقط مسؤولية مجلس التعاون، إنما هي مسؤولية الدول العربية بشكل خاص ومسؤولية المجتمع الدولي بشكل عام، وسيعقد الأمين العام اجتماعاً مهماً للصومال والقرن الأفريقي لجذب انتباه المجتمع الدولي، وهو اجتماع سيكون عالي المستوى. وبدوري سأسعى، وبدعم الدول الأعضاء في الجمعية العامة، إلى مساعدة الصومال الشقيق. هل لديك قائمة بالقيادات التي ستحضر الجمعية العامة هذه الدورة، والقيادات التي ستلتقيها؟ - القائمة لم نحصل عليها إلى الآن، هناك طلبات من عدة وزراء للخارجية ورؤساء حكومات، ولم تكتمل الطلبات حتى الآن. جرت العادة أن يلتقي رئيس الجمعية العامة بعض رؤساء الدول والحكومات، خاصة الرئيس الأميركي، إذا قرر أن يأتي إلى الجمعية العامة. ولدى هذه القيادات بعض المواضيع التي تهمها على أجندة الأممالمتحدة، وسأعكس مشاكل الدول الأعضاء في الجمعية العامة، خاصة المواضيع المهمة، وأعمل معهم للوصول إلى أن يكون هناك توافق عام. هل ستكون لحظة مختلفة، بصفتك قطري، عندما تجلس في مقعد الرئاسة في الأممالمتحدة وأن يتكلم أمير قطر أمام الجمعية العامة ويقول لك السيد الرئيس؟ - لا شك في أن هذا يوم تاريخي، أن أترأس الجمعية العامة بحضور صاحب السمو أمير دولة قطر. هذا الاجتماع سيكون شرفاً لي، وأن يكون موجوداً في هذا الاجتماع عالي المستوى. لولا الدعم الكبير الذي قدمته لي القيادة القطرية للوصول إلى هذا المنصب لما كنت حصلت عليه، لأن هذا مر بظروف تنافسية كبيرة، وكانت دول كثيرة تود دعم الطرف الآخر. ووجود أمير قطر في هذا الاجتماع الهام شرف لي. وسأبذل كل جهد لتمثيل دولة قطر والعرب بشكل خاص والعالم بشكل عام.