وصل نبيل العربي إلى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية في زمن التحولات. ولعله حدّث نفسه، في اليوم الأول لدخوله مكتبه، بضرورة البدء بإرساء قطيعة بين الجامعة وماضيها البليد، والتحرك من خلال مصالح الشعوب. لكن نهج العربي حتى الآن يشير الى أنه طبّق المثل الشهير «من تلدغه الحية (الأفعى) يخاف من الحبل». فرغم أن دولاً عربية دانت الحل العسكري («الأمني») لمواجهة الاحتجاجات التي تشهدها المدن السورية، وكان متوقعاً من الأمين العام أن يتبنى هذا الموقف، لكنه، للأسف، تصرّف بطريقة مخيّبة للآمال. خوف نبيل العربي من تكرار موقف الجامعة المفرط من الأزمة الليبية، و «تمرير» القرار 1970، الذي خوّل حلف «الناتو» تحويل الحظر الجوي الى غارات جوية طاحنة، سيطر على حركة الأمين العام خلال زيارته دمشق. وهو تحدث مع الرئيس السوري عن «الإصلاح»، وشدد على أمن سورية واستقرارها ورفض الجامعة كل أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، مؤكداً أن الجامعة العربية لن تكون ممراً لاتخاذ قرار ضد أي دولة عربية. لم يكن مطلوباً من العربي أن يتحدث عن تدخل دولي في سورية. لا أحد يطالب بتكرار ما حصل في العراق ويحصل في ليبيا، ولكن في المقابل لم يكن مقبولاً أن يتحدث الأمين العام عن حل لبقاء النظام، في وقت يتحدث الشعب السوري والعالم عن وسائل لخروج النظام. لا شك في أن الحديث عن إصلاحات سوريّة اختُبِر زيفها كان مفاجأة مفزعة للمواطنين السوريين الذين اعتقدوا بأن الأمين العام سيتمسك بالموقف الواضح الذي عبّرت عنه السعودية، ودول أخرى عربية، ومطالبة النظام في دمشق بالوقف الفوري لأعمال القتل، وطرح رؤية تتضمن الأفكار التي طرحتها المعارضة السورية. لكن نبيل العربي تجاهل خطورة الوضع، وقدم خدمة مجانية للنظام السوري، وساعده في لعبة شراء الوقت. الأكيد أن زيارة نبيل العربي كشفت بوضوح أن جامعة الدول العربية أصبحت أداة لتسويغ القمع، وحان وقت طي صفحتها. والحل المطلوب اليوم ليس تعليق عضوية سورية فيها، بل انسحاب العرب منها، والدعوة الى تأسيس تجمع يحرّم البطش والقتل، ويحمي كرامة البشر.