الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين، وبعد: فإنه في يوم الأحد 16/2/1431ه اجتمعت الدائرة الإدارية الحادية عشر بمقر المحكمة الإدارية بمحافظة جدة المشكلة من: القاضي الدكتور هاشم بن علي الشهري رئيساً، و القاضي أحمد بن ضيف الله الغامدي عضواً، والقاضي محمد بن أحمد السيد الهاشم عضواً وبحضور أمين السر سعيد بن عامر الأسمري، وذلك للنظر في هذه القضية المحالة للدائرة في 19/12/1429ه والتي حضرها عن المدعين وكيلهم ريان بن عبدالرحمن مفتي، كما حضر عن المدعى عليها كل من ...، وبعد سماع المرافعة وبعد المداولة أصدرت الدائرة حكمها التالي. المحكمة: تتحصل وقائع الدعوى في أن المدعي وكالة تقدم بلائحة دعوى ضمنها أن المدعى عليها استأجرت عدداً من ست عمائر تعود لموكليه وجعلتها مقراً لمركز صحي....، وأن العقد قد وقع بتاريخ 1/7/1428ه لمدة عام واحد، يجدد تلقائياً ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في التجديد، وقد طلب موكلوه إنهاء العقد وفق المدة النظامية، إلا أن المدعي عليها رفضت ذلك ولم تخلِ العقار حتى تاريخ رفع الدعوة، وطلب إلزام المدعي عليها إخلاء العقار وسداد كامل الإيجار حتى نهاية العقد في 30/6/1429ه مع تعويض موكليه بإيجار المثل للفترة لما بعد نهاية العقد بمبلغ ستة ملايين ريال للمجمع الواحد، مع دفع أتعاب المحاماة. وبقيد الدعوى وإحالتها للدائرة باشرت نظرها على النحو المبين بضبوطها، وبسؤال المدعي وكالة عن الدعوى أوردها على نحو ما ورد بلائحته، وبعرض ذلك على ممثلي المدعي عليها وطلب الجواب منهما قدما مذكرة حاصلها أنه فيما يتعلق بالعمائر الخمس التي تم استئجارها لتكون مقراً للمركز الصحي فقد تم تجديد العقد لمدة سنة تبدأ في 1/7/1428ه ونصت المادة الثانية منه على (أن على الطرف الثاني أن يخطر الطرف الأول قبل سنة من تاريخ نهاية العقد بعدم رغبته في تجديده فإذا لم يقم بهذا الإخطار وكان الطرف الأول في حاجة للبقاء في العين المؤجرة جاز له البقاء فيها المدة التي يحتاجها بحيث لا تزيد عن سنة) وحيث لم يرد الإخطار من المدعي إلا في 1/11/1428ه، أما فيما يتعلق بالعمارة السادسة التي تم استئجارها بالإضافة للعمائر الخمس السابقة فقد تم توقيع العقد بين الطرفين لمدة سنة تبدأ من تاريخ 2/11/1428ه ونصت المادة الثانية منه على أن يكون الإخطار قبل ستة أشهر من تاريخ نهاية العقد. ولم يلتزم المدعى بذلك كما سلف، وقد نصت المادة الثامنة والعشرون من اللائحة التنفيذية لنظام استئجار الدولة للعقار وإخلائه على أنه (ليس للمؤجر طلب زيادة الأجرة أثناء سريان العقد أو عندما تجديده وتطبق الأحكام الواردة في المادة السابعة من النظام، وإذا أصر على زيادة الأجرة أو إخلاء عقاره يتم إخلاء العقار بعد انتهاء فترات التمديد النظامية) وقد خالف المدعى هذه المادة فلا يحق له المطالبة بأجرة المثل لما بعد العقد، وقد بحثت المدعي عليها عن مبنى آخر بديل عن مبنى المدعى فلم يتوفر البديل المناسب، وأما عن طلب وكيل المدعي تعويضه عن أتعاب المحاماة فإن أتعاب المحامي تقع على موكله، وطلب رفض الدعوى فعقب وكيل المدعي بمذكرة أوضح فيها أن عقد الإيجار إنما هو تجديد للعقد الأساسي الذي انتهى في 30/6/1428ه، وقد تم تمديده لمدة سنة واحدة فقط، وجرى إخطار المدعي عليها بعدم الرغبة في التجديد مرة أخرى بموجب الخطاب المؤرخ في 10/11/1428ه، وتم توجيه خطاب لوزير الداخلية فوجه بالإخلاء فور انتهاء العقد، وأما ما يخص العمارة رقم (6) والتي تم استئجارها لاحقاً فهي جزء لا يتجزأ من بقية العقار، وينتهي عقدها في 1/11/1429ه، وأما عن طلب موكليه أجرة المثل فإنها حق لهم لتجاوز المدعي عليها فترة العقد، ثم إن إصرار المدعي عليها عدم إخلاء العقارات بعد انتهاء فترة التعاقد قد أضاع فرصاً استثمارية كان منها عرض مقدم من مؤسسة (...) للاستثمار بمبلغ تسعة ملايين ريال لذات المباني المؤجرة على المدعي عليها، ثم استعد وكيل المدعين بأن يدفع موكلوه أتعاب الخبرة إن رأت الدائرة ندب خبرة في الدعوة، وبعد بحث الدائرة عن أصحاب الخبرة والأمانة توافر عندها عدد من الأسماء أجرت بينها مفضلة فوقع اختيارها على اثنين منهما، فأصدرت قرارها رقم 192/د/1/11 لعام 1430ه بتعيين كل من:.... و.... خبيرين في الدعوى، وجعلت أجرتهما على ذلك وفقاً لما دون بضبط القضية، فقدما تقريراً في اثني عشر ورقة قدرت القيمة الإيجارية للعمارتين (1 -2) بمبلغ مئتين وسبعين ألف ريال (270.000) للعمارة الواحدة في السنة الواحدة، كما قدرت القيمة الإيجارية للعمارة رقم (3) بمبلغ مئتين وثمانين ألف ريال (280.000) في السنة الواحدة، كما قدرت القيمة الإيجارية للعمارة (4- 5- 6) بمبلغ مئتين وأربعين ألف ريال (240.000) للعمارة الواحدة في السنة الواحدة، ويضاف لذلك نسبة 10% لكامل الموقع كونها تؤجر كمجمع ولأن مدينة مكة تفتقر إلى وجود مجمعات على هذا النحو تؤجر للجهات الحكومية ليصبح إجمالي الأجرة السنوية مليوناً وست مئة وأربعة وتسعين ألف ريال (1.694.000) سنوياً. وبعرض التقرير على طرفي الدعوى لم يقدم أيٌّ منهما اعتراضاً على ما جاء فيه، وبجلسة هذا اليوم حصر المدعي وكالة دعواه في طلب إلزام المدعي عليها إخلاء العقارات محل الدعوى، كما طلب سداد كامل الإيجار حتى نهاية العقد، وطلب أجرة مثل لنهاية العقد بمبلغ ستة ملايين ريال للعام الواحد حتى تاريخ إخلاء العقار، فعقب ممثل المدعى عليها أن الوزارة ليست ممتنعة عن تسديد كامل الأجرة عن العقد، وإنما المدعون هم الذين امتنعوا بسبب عدم رغبتهم في تجديد العقد، ثم اكتفى الأطراف بما لديهم وطلبوا الفصل في الدعوى فرفعت الجلسة للمداولة. أسباب بُني عليها الحكم حيث تبين أن الدعوى على هذا الوجه منازعة عقد إداري وعندئذ تدخل في اختصاص المحاكم الإدارية بديوان المظالم بموجب المادة (13/د) من نظامه الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 78 لعام 1428ه، كما تدخل في اختصاص الدائرة النوعي والمكاني طبقاً لقرار رئيس الديوان رقم (11) لعام 1406ه. وعن قبول الدعوة، فالثابت أن آخر عقد أبرم بين طرفي الدعوى بتاريخ 1/7/1428ه، ومدته عام واحد وعلى الخلاف القائم بين طرفيه في تاريخ نهايته. وقد أقام المدعي دعواه أمام المحكمة بتاريخ 18/12/1429ه وفي كل أحوال الدعوى فإن المدعين قد أقاموا دعواهم خلال المدة النظامية المنصوص عليها في المادة الرابعة من قواعد المرافعات والإجراءات أمام ديوان المظالم فتكون الدعوى مقبولة شكلاً، وعن الموضوع: وحيث إن العقد شريعة المتعاقدين وعليهما الالتزام بما جاء في نصوصه، وهو الفيصل فيما يحدث بينهما من خلاف بعد تلاقي إدارتيهما عليه، فإنه بالرجوع على ما كتب بينهما من تعاقد فالثابت أن العقد للعمائر الخمس جدد من المدعي عليها في 1/7/1428ه على أن يجدد مدة أو مدد مماثلة عند رغبة الطرفين بموجب المادة الثانية من العقد، وفي حالة رغبة المؤجر عدم التجديد فإن عليه أن يخطر الجهة المستأجرة وهي المدعى عليها قبل نهاية العقد بسنة كاملة وإلا جاز لها البقاء في العين مدة لا تزيد عن سنة. كما أنه فيما يتعلق بالعمارة السادسة فإن العقد أبرم بتاريخ 2/11/1428ه وينطبق عليه ما ينطبق على العقد السابق إلا أن إخطار المؤجر للمدعي عليها يطلب الإخلاء يكون قبل ستة أشهر من تاريخ نهاية العقد، وبالرجوع لإخطارات المدعين للمدعي عليها تبين أنهما إخطاران فقط، الأول حرر بتاريخ 1/11/1428ه، ثم الإخطار الثاني والمقدم لوزير الداخلية كان بتاريخ 29/2/1429ه، وعليه فإن المدعين قد تأخروا في تقديم إخطارات الإخلاء، إذ إن السابق من الإخطارين والذي حرر بتاريخ 1/11/1428ه قدم فيما يتعلق بالعمائر الخمس قبل نهاية العقد بأقل من سنة فجاز للمدعي عليها أن تبقى سنة أخرى فيها لتنتهي سنة التمديد بتاريخ 29/6/1430ه ثم يجب عليها بعد ذلك الإخلاء، وفيما يتعلق بالعمارة السادسة فقد قدم إخطار الإخلاء الأول لها قبل التعاقد لها أصلاً، وبالتالي فقد أصبح العقد ملغياً له، غير أن الإخطار الثاني والمسلم للوزير قد قدم قبل ستة أشهر من نهاية العقد فأضحى لزاماً على المدعي عليها وتنفيذاً للعقد أن يخلي تلك العمارة بتاريخ 1/11/1429ه، وما زاد على تلك المدة فهي خارجة عن مقتضى العقد ولا تسري عليها أحكامه. وعليه فإن المدعي عليها سبق في علمها عدم رغبة المدعي في تجديد عقده، وكان عليها - احتراماً لشروط العقد – الإخلاء خلال هذه الفترة والبحث لها عن مبنى بديل إلا أن المدعى عليها تعتذر بأنها أعلنت أكثر من مرة ولم يتقدم أحد لها بعرض مبناه، ولما كان بقاء المدعى عليها في مبنى المدعي بغير رضاه أو موافقته على تجديد تعاقده معها مخالف لصريح العقد وللنظام، وتعدٍ تنهي عنه الشريعة الإسلامية، وعدم وجود مبنى بديل شأن خاص بالمدعى عليها لا ينبغي سحب أثره على المدعي أو أن يكون سبباً في الإضرار به، وواقع الحال يشهد على كثرة الدور والمباني، ولو بحثت المدعى عليها عن مبنى وعرضت أجرة المثل وفقاً للأسعار السائدة في السوق لوجدت بغيتها، وهو ما تنبئ عنه العروض التي قدمت المدعى عليها للدائرة صورة منها، وعليه فإن الدائرة تنتهي إلى إلزام المدعى عليها بإخلاء عقار المدعين، ولا ينال من ذلك دفعها بأن المصلحة العامة تقتضي عدم الإخلاء حتى لا يتعطل المرفق، إذ إن للمدعى عليها أن تدفع أجرة المبنى وفقاً لسعر المثل أو أن تبحث عن مبنى آخر وفقاً للظروف العقارية للمنطقة التي يقع في نطاقها مبنى المدعي، إلا أن ممانعتها في زيادة الأجرة هو ما أوقعها فيما هي فيه من حرج وحيث إن المدعى عليها ما زالت شاغلة للعقار فإنها ملزمة بأجرته تأصيلاً على أن الأجرة مقابل المنفعة. سلوك المدعى عليها يُعد من الغصب المنهي عنه