قال عمر بن الخطاب: انثروا القمح على رؤوس الجبال كي لا يقال جاع طيرٌ في بلاد المسلمين. ولكن كيف؟ أن نزرع، ونصنع بأنفسنا أدوات الزراعة، الحرَّاثات، والباذرات، وطلمبات سحب المياه وتوزيعها، والحاصدات، ونجاري الأمم في ما تزرع، وأن نتخلص من انكفائنا على قرض الشعر والروايات، والإعجاب الواهم بالنفس إفتخاراً بالقلطة وأنواع العرضات أو الألبسة الشعبية من المخيطات المُسبلة من ثياب وأشمغةٍ حُمْرٍ وغُترٍ بيض وعُقُلٍ سُودٍ تتطاير أثناء الركوع والسجود! ولم نستطع تطويرها بوسائل دمجها مع أغطية الرأس وتثبيت (الحبال السود) عليها بطريقة فنية، حتى تتناسب مع حركة الأعمال العصرية، في المصانع وغيرها! على رغم محاولات مصممي الألبسة تطويرها، وتم رفضها بشدة. الأنشطة البشرية مترابطة، حلقات تكمل بعضها بعضاً، ويستحيل بقاء مجتمع بحجم المملكة العربية السعودية مجتمعاً استهلاكياً، ولابد من العودة بخطوات متسارعة إلى طبائع الأمور، فنعود إلى الرعي، يقوم بها أبناء جلدتنا، والزراعة، والثروة السمكية، التي استحوذ عليها الوافدون! والتصنيع المتكامل... إلى آخر القائمة، بارك الله الجميع، وقد أسهم القياس بإدارة الأمير فيصل بن مشاري في التأسيس للبناء السليم، بفرز الخرِّيجين في الثانوية العامة، وخرِّيجي كليات التربية، بحسب القدرات الحقيقية وفق معايير القياس، ولكن لابد من تعميم برنامج (قياس) ليشمل الجميع! بدءاً من التسعة ملايين مُستقدم ووافد (بمختلف فئاتهم)! فما هو حاصل على أرض الواقع أمرٌ خطر، ويجب ألا يفوت على حصيف، بل على أي عاقل، ففي أوروبا وأميركا يُمنع منعاً باتاً مباشرة أي عامل لأي عمل من دون حصوله على ترخيص بالعمل الذي يُجيده، عبر مركز تأهيل، يختبر قدراته التي يدَّعيها! أو يقوم المركز بإعادة تدريبه عليها، ثم يُصدر له رخصة، يستطيع الانضواء (الالتحاق) بموجبها في إحدى المؤسسات التي تقدم الخدمات لطالبيها، ولن يستطيع مباشرة أي عمل إلا عبر المؤسسة إياها، مع تعليق الرخصة في جيبه، بحيث يستطيع المفتشون تطبيق معلومات الرخصة إلكترونياً على قاعدة المعلومات! ولن نجد هناك من يقوم بتشغيل «سباك، أو كهربائي، أو مُبلط، أو مُليِّس، أو باني الجدار، أو الدهان، أو النجار أو حداد الخرسانة المسلحة، وعامل الديكور»... إلى آخر القائمة، من أسفل كباري العمال! أو أرصفة الشوارع! أو من أمام محال أدوات السباكة والكهرباء ومواد البناء... إلخ، كما هو حاصل لدينا!؟ فنحن هنا نجني على أنفسنا فكيف بالله نأتي بشخص لا نعرف صفته، ولا عنوانه (المسجل/ الرسمي) ولا كفيله (هذا لو كان يحمل إقامة!)، بل هم أدعياء خطرون، فهم يدَّعون أنهم «أصحاب عشر صنايع والبخت ضايع»، نأتي بهم ونتركهم يعبثون في مكيفاتنا، ومنازلنا، ويعرفون مداخلها وثناياها، وقد يسرقونها لاحقاً! أو حتى قبل إنهاء ما كُلِّفوا بها «لعجزهم عن إتمامها»، فيسرقون ما خف حمله وغلا ثمنه!؟ فلماذا نمكِّنهم من ذلك؟ لماذا لا نُخضِع الجميع لبرنامج قياس مفصَّل على معايير كل مهنة وحرفة وصنْعَه! فيضطر الجميع للمرور بالقياس، وافدين ومواطنين، فنتخلص بسهولة ويُسر من مخالفي الإقامة، وغير النظاميين، والمتسللين، وأمثالهم، فهلاَّ فعلنا ذلك (ونحن القادرون)! وبذلك فقط نكون بدأنا أُولى خطوات الإصلاح الحقيقية، وستعود الأمور إلى نِصَابِها، ولن يبقى مجال للمتلاعبين، ولا الغشاشين، ولا النصابين، ولا أمثالهم، وستزدهر الزراعة والصناعة، والبناء، وتستقيم أمور البنية التحتيه والفوقية.. بل كل المجالات كافةً وقاطبةً، وما دام بإمكاننا كل ذلك.. فلماذا ننتظر؟ وبمجرد أن نحقق ذلك، سنتحول من مجتمع إستهلاكي إلى بيئة مُصَدِّره، ونستطيع أن ننثر القمح على رؤوس الجبال. ونستطيع إيصال مساعداتنا مما ننتجه إلى جياع الصومال وغيرهم في كل مكان. وفق الله على النور خطانا والتقت في موكب النصر يدانا وحَّدت شمس الضُّحى أعلامنا وانبرت في الشرق تُحيي المهرجانا لا تسل عنا ولا كيف لُقانا واسأل التاريخ عنا والزمانا نحن كنا أمةً واحدة ودماً حراً وروحاً وجِنَانَا [email protected]